هل لدينا فعلًا فقهاء دستوريون أم "فكهاء" دستوريون؟!.. إذا أردنا أن نعرف الإجابة، فلنراجع الكلام الذي قاله البروفيسور الأمريكي "نوا فيلدمان"، أستاذ القانون الدستوري والدولي في جامعة هارفارد الأمريكية، في التقرير الذي نشرته وكالة "بلومبرج" الإخبارية.. ونشرته "المصريون" يوم أمس ركز على الآتي: إن المحكمة الدستورية العليا في مصر تقوم بممارسة دورٍ انقلابيّ على الشرعية والتحالف مع المؤسسة العسكرية. إن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي قد يبدو في ظاهره وكأنه يحول الرئيس المنتخب إلى طاغية ولكنه في الحقيقة ينقذ الديمقراطية الوليدة في مصر. وأن المشكلة تكمن في أن مؤسسة الرئاسة لم تشرح الإعلان الدستوري بشكل جيد، ولكنها عادت لتأخذ خطوة أولى لتصحيح هذا الخطأ بإعلان أنه يقتصر على "الأمور السيادية" وبالأخص حماية الجمعية التي تكتب الدستور المصري. وينبغي على المرء أن ينظر إلى السياق الكامل للثورة المصرية المستمرة بشكل صاخب، والدور المثير للشكوك الذي لعبته المحكمة الدستورية في مصر. وأنه منذ سقوط حكم مبارك وصعود الإسلاميين للسلطة حاولت المحكمة الدستورية بشتى الطرق تقييد الحكومة مدعية في البداية بأن الدافع هو الاستجابة لنبض الشارع، ولكنها سرعان ما انحدرت إلى شراكة مع المجلس العسكري مناهضة للديمقراطية. وأن أحد قضاة المحكمة الدستورية اعترفت، في حوار صحفي، أن المحكمة كانت تساند المجلس العسكري طوال الوقت وكانت أحكامها معدة مسبقًا ضد البرلمان منذ لحظة بدء الانتخابات. وأن مرسي أدرك أن المحكمة الدستورية ليست سوى أداة للعسكر، ولذلك جاء إعلانه الدستوري كمحاولة لإخراجها من اللعبة كإجراء وقائي. وأنه في حالة عدم وجود دستور فإن الجمعية التأسيسية تجسد إرادة الشعب وليس الرئيس، وأنه في فترة عدم اليقين التي تتلو الثورة فإن السيادة تكمن في تلك الهيئة التي تم اختيارها لوضع الأسس الجديدة للدولة. وإنه إذا أعلنت الجمعية التأسيسية عن أنه لا يجوز حلها من قبل المحكمة الدستورية فإنها ستملك حجة دستورية ذات مصداقية وأخرى سياسية قوية، مشيرًا إلى أن العديد من خبراء الدستور سيؤكدون أنه من حق الجمعية أن تفعل ما تريد طالما أنها لا تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. وأنه من صلاحيات الجمعية التأسيسية إلغاء المحكمة الدستورية في الدستور الجديد، وبناء عليه إذن، فإنه من حق الجمعية حماية نفسها من المحكمة التي تغتصب شرعيتها. وأنه بعدما أعلن مرسي عن تحديد نطاق الإعلان الدستوري، فإنه ينبغي عليه أيضًا توضيح أنه لا يسعى وراء سلطة متأصلة في الرئاسة، ولكنه ببساطة يؤكد مبدأ أن المحكمة الدستورية لا يمكنها حل الجمعية التأسيسية، مؤكدًا أن ذلك من شأنه أن يبعث بإشارة لمؤيدي الديمقراطية في مصر والخارج على أن مرسي يريد دعم العملية الديمقراطية وليس تخريبها. انتهى الاقتباس هذا هو الفارق بين "الفقيه" عندهم.. و"الفكيه" عندنا. [email protected]