كلما اقتربنا من موعد الانتخابات الرئاسية في السابع من سبتمبر ، كلما زادت المؤشرات علي تورط اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في ممارسات تفتقد النزاهة والمصداقية ، فاللجنة مثلا رفضت مشاركة شبكات المجتمع الأهلي التي تقدمت لها بطلب للقيام بذلك ، وهو ماجعل هذه الشبكات تعقد مؤتمراً صحفيا أول أمس تعلن فيه أن هناك تشكك حول نزاهة الانتخابات القادمة . وحين طالعت صحف الأمس وجدنا أن اللجنة العليا للانتخابات استبعدت من الإشراف علي الانتخابات قضاة مجلس الدولة وهم عنوان العدالة خاصة فيما يتصل بعسف السلطة التنفيذية ووحشيتها تجاه المواطنين ، وهو ماجعل رئيس نادي قضاة الدولة ونائبه يعلنان استقالتهما احتجاجاً علي موقف لجنة الانتخابات العليا ، بل إن اللجنة وهو الشئ المثير استبعدت من الإشراف علي اللجان ا لانتخابية قمم قضائية بحجة واهية وتافهة بل وتضعنا في موقف المتشكك من هذه اللجنة ، هذه الحجة تخيلوا معي هي وجود تقارير أمنية بشأنهم . ونحن نسأل اللجنة من الذي وضع هذه التقارير ؟ ومن الذي أمد اللجنة الموقرة ( كما كان بعض الزملاء يقولون عن المحاكم الاستثنائية التي حاكمتنا الموقرة أي التي علق بها القار " ، بهذه التقارير ، وهل هناك جهة أعلي من اللجنة العليا للانتخابات تملي عليها إرادتها أو توجهها إلي حيث تريد هذه الجهة . إن الثقافة السياسية الجديدة التي نريد أن نشيعها بين الناس هي ثقافة تحطيم واحتقار والقضاء علي التقارير الأمنية التي أفسدت الحياة الاجتماعية والسياسية لمصر طوال عصر مبارك ، فكل شئ كان يكتب له تقارير أمنية ، التعيين في الجامعات ، التعيين في المدارس ، التعيين في الخارجية ، التعيين في كل جهة لا بد من تقرير أمن ، وشاعت حتي بين الصحفيين والمثقفين كتابة التقارير الأمنية عن بعضهم البعض ، وصار الكتبة أي الذين يكتبون للسلطة والأمن هم المسيطرون علي حياتنا الثقافية والفكرية . إنها كارثة أن تأتي اللجنة العليا للانتخابات والتي يتحدث باسمها قاض ، وتقول إن تقارير أمنية جعلتها تستبعد بعض القضاة الكبار من الإشراف علي الانتخابات الرئاسية . ونحن نشعر بالارتياب من هذه اللجنة التي تريد أن تمنع القضاة في لجانهم ا لعامة أو الفرعية من الاحتفاظ لأنفسهم بنتيجة لجانهم ، حتي نعرف ونكون نحن القوي الاجتماعية والسياسية والمواطنين مطمئنين إلي النتائج النهائية التي تصر اللجنة أن تنفرد هي وحدها بإعلانها . لابد من المطالبة بحق القضاة في أن يحتفظوا لأنفسهم بتقارير كاملة عن أوضاع لجانهم العامة أو الفرعية ، عن كم واحد صوت ؟ وكيف ؟ ووضع اللجان ؟ والمندوبين ؟ كل هذا لابد وأن يحتفظ القضاة به ، بل ولابد أن يكون من حقهم إعلانه علي الرأي العام حتي لا تحتكر اللجنة العليا للانتخابات وحدها وفيها شخصيات لا يطمئن الرأي العام إليها ،وقراراتها نهائية لا تقبل النقض عليها أو ردها أو الطعن فيها ،لذا إعلان النتيجة النهائية وهي أرقام إحصائية معقدة يمكن التلاعب بها ، لابد من وجود صيغة تجعل للقضاة المشرفين الحق في كتابة تقاريرهم التي ترضي ضميرهم ويعلنوها علي الرأي ا لعام الداخلي ، حتي يمكن المطابقة بين ماستعلنه اللجنة العليا للانتخابات وبين ماتم فعلا علي أرض الواقع خاصة وأن اللجنة تمضي في إصرارها علي أن لا تشارك الشبكات الأهلية في مراقبة الانتخابات ، ولا تشارك وفود دولية في مراقبة الانتخابات . ولازلنا نرنو بأعيننا إلي الجمعية العمومية للقضاة التي ستعقد يوم الجمعة القادم ، والتي تحتاج إلي مساندة كل القوي الاجتماعية والسياسية في مصر في اتخاذ ضمانات لعدم التزوير وتحقيق المراقبة الحقيقية للجان الانتخابات ، مع إصرار القصاة علي إصدار قانون استقلال السلطة القضائية كاملاً غير منقوص ،خاصة وأن هناك انتخابات برلمانية قادمة ، ومع فقدان السلطة السياسية للرشد لضمان انتقال آمن للتعددية الحقيقية في مصر ، فإن القضاة هم أمل البلاد في فعل ذلك عن طريق إصرار لا يتزعزع بحقهم في قانون كامل لاستقلال السلطة القضائية .