قال الشيخ محمد حسام الدين عضو الجبة السلفية: إن مطالب الإسلاميين بتطبيق الشريعة الإسلامية ليس بدعا ولكنه يستند على أسانيد صحيحة من القرآن والسنة النبوية المطهرة. وأضاف حسام الدين إن من يتحاكمون إلى غير الله فإنما يتحاكمون إلى الطاغوت من دون الله ورسوله وأن من يحكم بغير ما أنزل الله ورسوله فهو راغب عن الحق إلى الباطل، ومن يحتكم إلى المحاكم والقوانين الوضعية ويترك عامدًا متعمدًا التشريع الإلهي فقد أعرض عن الله بوجهه وقد قيل للإمام الشيخ محمد عبده: فما تقول في هذه المحاكم الأهلية والقوانين؟ قال: تلك عقوبة عوقب بها المسلمون. وأضاف إن أدلة التحاكم للشريعة الإسلامية ثابتة القطعية والدلالة بنص القرآن والسنة حيث قال الله تعالى {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ} وقال جل شأنه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} وقال تعالي {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا}. قال الإمام ابن كثير رحمه الله هذا إنكار من الله عز وجل على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، مما ذكر في أسباب نزول هذه الآية أنها في رجل من الأنصار ورجل من اليهود تخاصما فجعل اليهودي يقول: بيني وبينك محمد، وذاك يقول بيني وبينك كعب بن الأشراف، وقيل في جماعة من المنافقين ممن أظهروا الإسلام أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية، وقيل غير ذلك، قال والآية أعم من ذلك كله فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت. ولقد استند إلي نفس هذه الأسباب ونحوها الكثير من المفسرين كالطبري والقرطبي والزمخشري والسيوطي وابن الجوزي وغيرهم في ضرورة التحاكم للشريعة الإسلامية. وجاء في تفسير روح البيان في تفسير قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية 59 من سورة النساء وما بعدها. إن هذه الآيات فيها دلائل على أن من رد شيئاً من أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهو خارج من الإسلام سواءً رده من جهة الشك أو من جهة التمرد، ومن أجل هذا حكم الصحابة بردة الذين منعوا الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهم. وقد ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد» وهذا الحديث بين وجوب العمل بالكتاب والسنة وأن ما خالفهما فهو باطل مردود وهذا النص من السنة النبوية قد جاء ليقرر القاعدة العامة في البطلان كجزاء لكل تصرف غير شرعي سواءً كان قانوناً أو قراراً أو لائحة أو حكماً، أو دستورا ،وعليه فإن أي قانون أو دستور أو قرار يخالف أحكام الشريعة الإسلامية والعدالة الإنسانية فهو باطل بقوة القانون الإسلامي، فالسلطات العامة في الدولة الإسلامية مقيدة في عملها بألا تخرج عن أحكام الشريعة الإسلامية والدستور الإسلامي المستمد منها، فهي ليست سلطات مطلقة بل إن السلطة التشريعية مقيدة فيما تسنه من قوانين بألا يتجاوز إطار الشريعة الإسلامية الغراء. ومما يؤكد ذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما بعث معاذ إلى اليمن وأراد معاذ أن يضع أول دستور في اليمن ليكون الحاكم بينه وبين الرعية فسأله النبي عن تفاصيل هذا الدستور وبما يقضي بينهم فقال له معلم البشرية صلي الله عليه وسلم :«بما تقضي؟» قال: بكتاب الله. قال: «فإن لم تجد في كتاب الله؟» قال: أقضي بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: «فإن لم تجد في سنة رسول الله؟» قال: أجتهد رأيي ولا آلو جهداً. قال: فضرب بيده في صدري وقال: «الحمد الله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله» وقد أخرج الحاكم في المستدرك في باب الأحكام من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ألا أيها الناس لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله». قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.