كثير من المسلمين يعتقد أن مقتل عمر إنما هو فعل فردى قام به مجرم مجوسى هو أبو لؤلؤة، ولكن الحقائق التاريخية تثبت أن الأمر أكبر من ذلك بكثير لربما يصل إلى مرحلة مؤامرة عالمية للقضاء على هذا القائد العظيم للأمة الإسلامية. وتبدأ أحداث المؤامرة بأن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قد حرّم على المشركين الذين بلغوا الحلم أن يدخلوا المدينةالمنورة، لما انطوت عليه قلوبهم من ضغائن وأحقاد ضد الإسلام، ولكن المغيرة بن شعبة، عامله على الكوفة، كتب إليه يطلب منه الإذن بدخول غلام له اسمه فيروز (أبا لؤلؤة) لينتفع به المسلمون، لأنه كان يتقن عدة صناعات، فهو حداد ونجار ونقاش، فوافق عمر، وذات يوم اشتكى أبو لؤلؤة لعمر أن المغيرة يفرض عليه خراجًا كبيرًا، فلما سمع منه عمر قال له: إن خراجك ليس بالكبير على ما تقوم به من أعمال، فاغتاظ أبو لؤلؤة المجوسى من ذلك، وأضمر الشر والحقد عدة أيام ثم ترجمه فى فجر يوم 23 ذى الحجة سنة 23 ه عندما طعن عمر وهو يصلى الفجر بالناس، بخنجر له نصلين ست طعنات، ثم هرب الكلب بين الصفوف لا يمر على أحد يمنة ويسرة إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم ستة فلما رأى عبد الرحمن بن عوف ذلك ألقى رداءً كان معه على أبى لؤلؤة فتعثر مكانه وشعر أنه مأخوذ لا محالة فانتحر اللعين بأن طعن نفسه بالخنجر. لم يكن مقتل عمر حادثًًا فرديًا عابرًا بل كان مؤامرة سياسية واسعة اشتركت فيها كل القوى المعادية للإسلام، ممثلة فى تلك الشخصيات التى ظهرت على مسرح الأحداث وتحدثت عنها الروايات التاريخية، وبينت لنا أطراف الجريمة والمؤامرة. فقد تقدم عبد الرحمن بن أبى بكر، وهو رجل صالح ثقة، فشهد أنه رأى الهرمزان وفيروز وجفينة النصرانى ليلة الحادث يتشاورون، فلما فوجئوا به اضطربوا وسقط منهم خنجرًا له رأسان، وشهد عبد الرحمن بن أبى بكر أنه نفس الخنجر الذى طعن به عمر، فمن هما الهرمزان وجفينة؟. الهرمزان كان من ملوك المجوس الفرس على منطقة الأهواز، وقد أسره المسلمون وعفا عمر عنه بعد نكثه العهد مرارًا، وكان الحقد يملأ قلبه لأنه فقد ملكه، وعندما شعر بالخطر أظهر الإسلام، ولكن الناس كانوا يشكون فى إسلامه.. أما جفينة النصرانى فهو من نصارى الحيرة، أرسله سعد بن أبى وقاص إلى المدينة ليعلم أبناءها القراءة والكتابة، وفيروز أبو لؤلؤة كان مجوسيًا يغلى قلبه حقدًا على المسلمين، فالجميع إذن ينتمون إلى الإمبراطورية الفارسية، وكان الثلاثة يجتمعون سويًا من الحين للآخر يتدارسون خطة لقتل عمر رضى الله عنه. فأجنحة الكيد الثلاثة منافق، صليبى، مجوسى، ذلك أن القوى الحاقدة على الإسلام قد أفزعها، وقض مضاجعها هذه الانتصارات المتعاقبة للمسلمين، حيث تم القضاء تمامًا على الإمبراطورية الفارسية، وفقدت الإمبراطورية الرومانية أعز ولاياتها بفتح الشام ومصر، فتحركت واتحدت لتقوم بعمل توقف به المد الإسلامى الكاسح بالتخلص من قادة الأمة وزعمائها. ظل عمر يحتضر ثلاثة أيام، حتى الرمق الأخير الذى صعد من قلبه هذا فى ليلة 26 ذى الحجة سنة 23 ه (الموافق مثل هذا اليوم سنة 644م).