ماذا تعنى إعادة انتخاب الرئيس حسنى مبارك فى أول سباق رئاسى تعددي؟ وماذا يفهم من إختيار الإخوان المسلمين والاتجاهات الاسلامية الأخرى ما يشبه الحياد وذلك بعدم الدخول القوى فى السباق الإنتخابي؟ ولماذا منى المترشحون الآخرون بالهزيمة؟ هل برهنت الانتخابات الرئاسية المصرية على هشاشة أحزاب المعارضة المصرية شأن هشاشة أحزاب المعارضة من المحيط الى الخليج؟ قبل النظر فى هذه الأسئلة واحد تلو الاخر فإنه من الضرورى التذكير بأن تعداد الشعب المصرى يبلغ 76مليون نسمة،وأن الكتلة الشعبية الانتخابية تبلغ 34 مليون نسمة.حسب الأرقام المنشورة فان تعداد المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم وبأصواتهن لا يتجاوز 8 ملايين صوت من 34 مليون مواطن ومواطنة يحق لهم ولهن الانتخاب. إن هذا يعنى بوضوح أن 26 مليون شخص قد انسحبوا كليا ولم يدلوا بأصواتهم بنعم أو لا. فهل يفسر هذا الانسحاب بأن المواطن المصرى شأن المواطنين والمواطنات من المحيط الى الخليج لم يعودوا يثقون فى السياسة والسياسيين؟ أم أن الإنسحاب هذا يدل على عدم نضج المجتمع؟فالرئيس مبارك تحصل على 6 ملايين صوت وبعض الآلاف فى حين تحصل المترشح أيمن نور على ما يقارب من مليون صوت وبذلك احتل المرتبة الثانية. كما تحصل الدكتور نعمان جمعة على 208 من الأصوات.الواضح أن الأسماء التى نافست الرئيس مبارك ليست من الوزن الثقيل ولم تكن لها تجربة سابقة فى ممارسة الحكم. إن ترشح مثل هذه الأسماء يفيد شيئا واحدا وهو إضفاء الشرعية على الفائز وبرنامجه لا أكثر ولا أقل. على أية حال فإن المقارنة بين الرئيس مبارك وبين أيمن نور ونعمان جمعةصعبة وغير ممكنة لأن مبارك أكثر تجربة وأكثر تاريخية رغم الانتقادات التى وجهت ولا تزال توجه لفترة حكمه الطويلة. وهكذا يمكن القول بأن هزيمة منافسى مبارك ليست مفاجأة بل فهى أمر منتظر لأن الحجم السياسى لهؤلاء أقل من المتوسط على المستوى الوطنى وعلى المستوى الدولي. وفى الواقع فإن التيار الاسلامى المصرى بكل تتويجاته وتشكيلاته وتوجهاته يتمتع بالعمق الشعبي، ولكن يبدو أن هذا التيار يفضل عدم تكرار تجربة الانتخابات التشريعية الجزائرية التى أزاحت جبهة التحرير الوطنى بقسوة من المشهد السياسى وأدى ذلك الى حرب طاحنة سالت فيها الدماء.إنه يمكن تأويل انسحاب التيار الاسلامى من المنافسة على منصب الرئيس تكتيك لخدمة استراتيجية مستقبلية. وتتمثل الأخيرة فى الوصول الى الحكم بالتدريج وبعد استقرار تقليد المنافسة التعددية فى المشهد السياسى المصرى بدون إعادة انتاج تجربة الجزائر وادخال مصر فى صراعات وعنف. ---- صحيفة العرب الدولية في 15 -9 -2005