تباينت ردود الأفعال فى وسائل الإعلام التركية حول المسيرة التى نظمتها القوى العلمانية المناهضة لحكومة العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وسط العاصمة أنقرة أمس لاحياء الذكرى 89 لتأسيس الجمهورية التركية العلمانية والتى تسببت فى أزمة جديدة بين العلمانيين والإسلاميين. وقد جرت مسيرة العلمانيين رغم إعلان محافظ أنقرة حظر المسيرات في هذه المناسبة لاعتبارات أمنية بحجة أنهم تلقوا معلومات استخباراتية تفيد بقيام منظمات راديكالية بأعمال شغب وفوضى وتحريضات خلال هذا اليوم. وقال بعض المحللين "إن هذا اليوم لفت الأنظار إلى انقسام روحى عميق بين مؤيدى الحكومة ومعارضيها، واصفين إياه بالنقطة السوداء فى تاريخ تركيا لانها تحتفل بعيدين للجمهورية. وخرجت الصحف العلمانية الصادرة صباح اليوم تنعى هذا اليوم وتؤكد أن منع تنظيم مسيرة إحياء ذكرى تأسيس الجمهورية العلمانية ومنها صحف (جمهوريت ، ميلليت، راديكال، سوزجو) "غير صحيح ومبدأ خاطئ" ومن الممكن القول "بإن الحكومة فشلت في مجال الحريات الأساسية والحقوق والديمقراطية التى تدافع عنها ظاهريا وقد تترتب على حكومة العدالة عواقب سياسية تضرها لان الأحزاب السياسية تحصل على أصوات الناخبين جراء احترام القيم الديمقراطية والحريات الاساسية. فى حين ذهبت صحيفة "جمهوريت" التركية إلى وصف المسيرة بأنها "تاريخية"، وقال المعلق "بكير جوشكون" في مقاله "إن هذه بداية النهاية لحكومة حزب العدالة والتنمية، فلن يحدث مثل هذا بعد الان، فيما ذكرت صحيفة (سوزجو) المعارضة الشرسة للحكومة بأن هذا اليوم يمثل بقعة سوداء في تاريخ الجمهورية التركية". وأشارت الصحف العلمانية إلى أن الذين يصرون على الاحتفال بمناسبة تأسيس الجمهورية التركية مجموعة لا تدلى بصوتها لصالح حكومة العدالة إضافة إلى أن رئيس الوزراء أردوغان لا يرغب كسب أصوات هذه المجموعة. فى حين، إتخذت الصحف الإسلامية الموالية لحكومة العدالة والتنمية موقفا مغايرا تماما ووقفت على الجهة الأخرى المقابلة، حيث إنتقدت موقف الأحزاب اليسارية والمنظمات المدنية واعتبرت المسيرة "البديلة عن التجمع الذى أطلقته الحكومة التركية " بمثابة تحد واضح للحكومة ومحاولة للانتقام منها بحجة الدفاع وحماية الجمهورية التركية. وأكدت الصحف الإسلامية ومنها كل من صحيفة (زمان ، يني شفق، صباح) أن المسيرة تلحق الضرر بحزب الشعب الجمهوري في المقام الاول مثل تضررها خلال تنظيم مسيرات عيد الجمهورية عام 2007 ضد حكومة العدالة. وأشارت فى تعليقاتها قائلة "إن هذا اليوم قد يلحق الضرر بصورة تركيا فى العالم إضافة إلى أن شعبية حكومة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان بدأت تتراجع داخليا وخارجيا والدليل على ذلك نتائج استطلاعات الرأى من مراكز بحوث مختلفة جراء السياسة الخارجية لحكومة العدالة تجاه المشكلة السورية، ومن الممكن أن تحصل حكومة أردوغان على مزيد من الأصوات بالانتخابات لكنه احتمال ضعيف. كما عقدت وسائل الإعلام التركية مقارنات بين الاحتفالات "الرسمية وغيرالرسمية" التي شهدتها تركيا أمس ، حيث ذكرت صحيفة (تركيا)"الاحتفالات فى البلد ، والحوادث في أولوس" في إشارة إلى ما جرى من مواجهات مع قوات الشرطة التي انتشرت بكثافة لمنع المتظاهرين من تنظيم مسيرة بهذه المناسبة. ولفتت الصحيفة الانظار إلى أن قصر الرئاسة في "تشانكايا" الذى شهد مشاركة زوجات أركان ورجالات الدولة والجيش ، كما أن زوجة الرئيس التركي عبد الله جول أصبحت وهى ترتدي "الحجاب" أول عضو رسمى فى الوفد الذى حضر تحية العرض العسكري عند ضريح أتاتورك في "أنيت كبير" بالعاصمة التركية أنقرة" وهو ما كان محظورا على المستوى الرسمى سابقا" . ومن جهة أخرى اضطرت الشرطة التركية لاستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه الكثيفة لتفريق المتظاهرين في منطقة "أولوس" في أنقرة. بدورها ،أشارت صحيفة "زمان" إلى أن رئيس الوزراء أردوغان وصف المسيرة بأنها "استفراز" ، فيما نقلت صحيفة "خبر تورك" عنه اليوم قوله "ليس هناك حاجة لهم لحماية الجمهورية ، فالجمهورية محمية من قبل الشعب". وذكرت صحيفة (صباح) أن وزير الداخلية ادريس نعيم شاهين أمر الشرطة بإزالة الحواجز ، فيما أشارت صحيفة "وطن"إلى أن الرئيس التركى عبد الله جول أصدر أوامره للمسؤولين بإعطاء الضوء الاخضر للمسيرة. وأشارت صحيفة الانباء إلى أن السلطات رفضت منح العديد من المحتجين الاذن للسفر من المدن الأخرى إلى أنقرة بحجة أن الحافلات التى يستقلونها لا تتوافر بها إجراءات السلامة. وشارك زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو بدور مهم في المسيرة ، حيث تجمع هو و 70 من نواب حزبه أمام تمثال أتاتورك في "أولوس" في (تركيا القديمة) واضطرت الشرطة أمام إصرار الجموع المحتشدة إلى رفع الحواجز ، متحدين الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه التي استخدمتها قوات الشرطة . واشترك بالمسيرة 41 منظمة مدنية تمثل أطيافا من التيارات العلمانية واليسارية منها حزب الشعب الجمهوري وحزب اليسار الديمقراطي وحزب العمل اليساري واتحاد الشباب الاتراك رافعين أعلاما تركية وشعارات وصورا لمؤسس الجمهورية "مصطفى كمال اتاتورك "، واضطرت قوات الشرطة لاستخدام الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه بكثافة لتفرقة المسيرة التي اشترك فيها عشرات آلالاف من الاشخاص.