لا أظن أن أحدا يمكن أن يجادل في أن الإسلاميين هم العدو المشترك لإسرائيل وحلفائها من بعض الحكام والأفاقين العرب. وعندما أقول إسرائيل ، لا أقصد شارون فقط ، وإنما أقصد بالذات الصديق الصدوق للتطبيعيين العرب ، والحبيب المقرب لنظام حكم الرئيس مبارك شيمون بيريز. فهذا "الحمامة" زعيم "معسكر السلام الإسرائيلي" الذي عايرنا كثيرا بغياب الديمقراطية عن بلادنا ، صدق منذ يومين على مطالبة "الصقر" شارون بحظر حماس ، حيث نقل ألوف بن مراسل (هاأرتس) الإسرائيلية عن بيريز تحذيره بأن "وجود مرشحين لحماس في الانتخابات قد يكلف الفلسطينيين خسران المعونات المالية التي تصل إليهم من دول شتى حول العالم. لا أظن أن العالم يمكن أن يدعم مؤسسة فلسطينية تؤيد الإرهاب." حتى ألوف بن أعرب عن دهشته من تصريح بيريز قائلا أن ذلك يضعه في صف شارون الذي طلب من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي الضغط على الزعيم الفلسطيني لحظر مشاركة حماس في هذه الانتخابات. وقال شارون "لقد تحدثت إلى كل زعيم أوروبي بشأن هذا الموضوع". ثم جاء بيريز لتعضيده. وعندما تتحد إسرائيل حول مسألة من هذا النوع ، يدرك نظام الرئيس مبارك أنه لا مفر من التعاون وتحقيق أقصى ما يمكن من مكاسب. ومن هنا لم يكن مفاجئا ما كتبه عمر القليوبي في (المصريون 18/9) عن تأكيد مصادر مطلعة أن وفدا مصريا رفيع المستوى سيقوم نهاية الأسبوع الحالي بزيارة واشنطن ، لإجراء مباحثات حول مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية والضغوط المتعلقة بقضية الإصلاح ، وأن الوفد سيبحث السبل الكفيلة بتخفيف هذه الضغوط ويعرض على المسئولين الأمريكيين صفقة تقضي بتخلي واشنطن عن دعم الحركات المطالبة بالإصلاح والديمقراطية والموافقة على تمرير خيار التوريث ، وتوفير أجواء دولية مواتية لانتقال هادئ للسلطة من مبارك الأب إلى مبارك الابن ، في مقابل أن تمارس مصر أقصى أنواع الضغوط لدفع التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني وأن تستغل ثقلها لإصدار قرار من الجامعة العربية يلغي كافة أشكال المقاطعة العربية للكيان الصهيوني ، وإغلاق مكتب المقاطعة الموجود في دمشق. ويستطرد التقرير: "كما لفتت المصادر إلى أنه من المنتظر أن تشمل الصفقة أيضا ضرورة لعب مصر دورا حيويا في تهدئة الأوضاع في الأراضي المحتلة وممارسة أقصى أنواع الضغوط على حركة حماس لعدم المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة ، والتي هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون بإفشالها إذا شاركت حماس فيها. وتوقعت المصادر ألا تعترض واشنطن على قرار القاهرة باستضافة مكتب لحركة حماس ، وإغرائها بعودة الدعم المالي العربي الذي تم قطعه في السنوات الأخيرة بضغوط أمريكية مقابل عدم مشاركتها في الانتخابات. وعلمت "المصريون" أن الوفد المصري يحمل تعليمات واضحة بضرورة التعاطي الإيجابي مع كل مطالب واشنطن مقابل إطلاق يد النظام في ترتيب الأوضاع الداخلية وأن تغض واشنطن الطرف عن المسعى الحكومي لتجميد حزب الغد وإنهاء المستقبل السياسي لزعيمه أيمن نور بدون إثارة إدارة بوش أي متاعب للنظام." تنبع أهمية تقرير القليوبي من أنه يكشف حجم المكاسب الحرام التي يبدو أن نظام مبارك سيسعى إلى حصدها مقابل بيع المقاومة وبيع القضية التي يلتزم السيد مبارك إزاء ثوابتها صمتا مريبا. فلا كلمة مسموعة ولاجهد دبلوماسي محسوس تقوم به مصر لمواجهة تهويد القدس وحصار الأقصى وتفريغه المتدرج من مسلميه. وهذا يؤكد ما قلته من قبل أن نظام مبارك لا قضية له سوى العرش والسلطة وما تجلبه من غنائم ، وهو نظام متبلد الحس لا يعبأ بقدس أو أقصى. [email protected]