يا ليل: الصبُ متى غدُه؟ أقيامة الساعة موعدُه, و الحج عرفة, و الحج ذكرى لا تنتهي, من لم يذهب يشتاق, و من حج يذبحه الشوق. الشوق مؤلم.. طوفان من الحزن يفور حتى يصل قمة الدماغ, ثم ينساب شلال دموع... كنا هناك, نظرنا للسماء, كنا لا نخشى سوى أن تغرب الشمس, بمجرد الغروب, يبدأ مس نصل سيف الشوق. عرفات لا يمكن وصفه... جبل الرحمة يختفي تحت ثلج ملابس الإحرام, هل تتخيلون أن بصحراء الحجاز جبل جليد يتجمع في يوم, و يذوب بغروب نفس اليوم. هناك رأي النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء يجأرون بالتلبية, لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك,... بالوادي رأيت البشر من كل جنس و كل فج بعيد, يجأرون بالتلبية. لا شيء أروع من أن تكون ضمن وفد ضيوف الرحمن, نقطة مملوءة بالسوء وسط شلالات قلوب طيبة, سينظر الله إليك ضمن الملايين, إله كريم لن يثتثنيك, ما عليك سوى الخضوع, و النظر للسماء. في عرفة سار بين السائرين لجبل الرحمة, وصل للجبل صعد. أغلق الشرطي الطيب طريق الصعود في وجوه الباقين. صخور الجبل تلبي مع الملبين, أسفل منه شيخ عجوز ناهز الثمانين, يكاد يطابق صورة أبيه - يرحمه الله-, منعه الشرطي, استأذنه, قال: سأنزل و يصعد أبي, نزل: "هيه.. شد حيلك يابا, ها أنت ترتقي.., رق الشرطي قال: وأنت أيضًا, ارتقيا ثلاث صخرات, في حياته وفي كل ما قرأ, لم يسمع ابتهالا وحديثًا إلى الله كما سمع من الحاج العجوز.. قال بالعامية المصرية- والعهدة على ذاكرة- )قلت لك إني جاي,, مش قلت لك؟, والله جايلك وجيت.. أنا هو.. أنا هنا... وأنت ربي.. يا رب شايفك.. يا إللي شايفني أنا شايفك وبحبك و خايف منك وعزتك ما تعذبني.. شكرًا يا رب.. الحمد ليك وحدك... شفت إنت أد إيه كبير وكريم.. يا كريم يا كريم لبيك اللهم لبيك.)... فابتل الصخر بالدمع" هاتفني صديقي فيصل التميمي: هل توصيني بدعوة محددة, أنا ذاهب للحج؟ ابتسمت وبيننا آلاف الكيلومترات, قلت سرًا: إن دعوات الحجيج رزق.على عرفة زارني خيال أشخاص, لم أتخيل أني سأذكرهم, على عرفة بكيت, لأني أعلم أن يوم عرفة القادم ربما لن أكون بعرفة.. حتى في الوصل أنا مشتاق وعندي لوعة, ولكن مثلي لا يكتم سر محبتك.. فلبيك إن الحمد لك. لعل أحدًا يذكرنا بعرفة.. [email protected]