ليس لى طاقة بقراءة كتاب كامل على جهاز الكمبيوتر, أو حتى بضعة صفحات.. أنا من مرضى زمان, لا أقتنع بغير كتاب بيدى وقلم للتخطيط.. الكتاب فى خطر, الكلمة التى بدأت نقشاً على حجر, ثم سطرًا بريشة, طريقها الآن للكمبيوتر. أيام ثانوى, كنت أشترى - من شارع طلعت حرب - نسختين من النيوزويك أو التايم بجنيهين, نسختان مضى عليهما شهر, وأفرح جدًا بما يقوله العلوج الغربيون.. مجلة "نيوزويك" ذات الثمانين عامًا أعلنت: أن آخر العام الحالى هو آخر عدد مطبوع, وأن بدنيا الإنترنت, مجالا أرحب وأوسع انتشارا, وأن العام الجديد, هو أول الإصدارات الرقمية دون الورقية, وأن عدد الموظفين سينخفض, وسيرتفع عدد القراء.. ويُقضى على التكلفة الكبيرة للطبع والتوزيع. النسخة الإلكترونية لأى صحيفة أثرت فى مبيعات الورقية, لو وقفت عند بائع الجرائد تجد الأسماء المعروضة, أكثر من عدد نسخ بعض الصحف الكبيرة الموزعة.. بالتجربة لا نحنى الظهر سوى لالتقاط ما نعرف أنه مفيد, بعضنا يتخيل الكذب والسموم مفيدة, فتجده ثانيا ركبتيه, يلتقط فى خشوع, عناوين فضائحية كاذبة. الإنترنت يبتلع الآن الجميع. النيوزويك ليست الأولى, ولن تصبح الأخيرة. وأنا مريض بداء ثلاثى: الدفتر والقلم والكتاب. صديقى عبد المنعم يشترى كتابًا بعشرة جنيهات, ثم يذهب لتجليده (كعب جلد) بثلاثين جنيهًا. أغبطه على الاهتمام والرعاية. بعض الكتب كنا نشترى منها أكثر من نسخة, نعرف اختلاف الطبعات وفقا للناشر أو التحقيق.. الآن: الماضى يتسرب كحفنة رمل بيد طفل يلهو على شاطئ. أصبحنا عالمًا افتراضيًا, حتى صلة الرحم والصداقة, جعلوا لها شبكات تواصل, والزيارة نرجئها بعد فاصل لا يأتي. "المصريون" جريدة بدأت رقمية, وتم إجهاض حلمها الورقى منذ أول يوم. المصريون استمرت رقمية, ودخلت تجربة الطباعة بعد الثورة.الطباعة لا أفهم فيها شيئا, اللهم إلا الاستماع لجمال سلطان, وبحرب إعلانات, ووقوف بالمرصاد من جانب أصدقاء وأعداء.. والتجربة ناجحة وستنجح على الرغم من كل شىء بحمد الله وإذنه. أمى كانت تردد "اللى يعيش ياما يشوف" وجدتى ترد: "واللى يموت يشوف أكتر". أمى لا زالت تشوف, وجدتى أكيد أنها شافت ما لم يره مَن عاش. فحافظوا على ما بين أيديكم من ورق, فربما يأتى يوم نعرضه بالصالونات كتحفة من أيام زمان.. هل لا زلت تشترى كتابًا؟ [email protected]