نشرت (المصريون 2/10) نقلا عن جريدة الإتحاد الإماراتية مقالا للكاتب طارق سيف يوجه فيه إتهامات ظالمة للعرب الأمريكيين دون تمييز بين صالح وطالح أو وطني وعميل. فتحت عنوان "ماذا يريد العرب المتأمركون؟" ، يصف الكاتب "المتأمركون" بأنهم "الذين حصلوا على الجنسية الأمريكية إلا أن أصولهم العرقية حالت دون أن يصبحوا جزءا من نسيج الشعب الأمريكي الأبيض". وهذا أول أخطاء الكاتب البعيد كل البعد عن الدقة والموضوعية. فالمتأمرك ليس بالضرورة أمريكي الجنسية ، وإنما هو الذي يكره قيم ومبادئ وأخلاقيات دينة ووطنه الأصلي ويعمل لاستبدال هذه القيم بقيم الأمريكيين . كما يسخر من أسلوب حياة المسلمين لأنه يعشق أسلوب حياة الأمريكيين. ونحن نرى في بلادنا كثيرين من هذه النوعية الدنيئة من البشر والتي لم تتجنس في حياتها إلا بالجنسية المصرية. لقد عشت سنوات طويلة في كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا ، ويمكنني أن أقول بلا تردد أن هناك من الأمريكيين العرب والإنجليز العرب من هم أكثر وطنية وتمسكا بقيم وتعاليم دينهم من كثير من المصريين. أما خطأ الكاتب الآخر فهو زعمه بأن التأمرك حكر على العرب ، لأن هناك أفارقة متأمركين وإيرانيين متأمركين يحثون أميركا على ضرب إيران وغزوها لإسقاط الحكم في طهران. للأسف مايزال البعض منا يتعامل مع العرب الأمريكيين كما كان السلف في الماضي يتعامل مع "عرب 48" الذين صمدوا على أرض فلسطين ولم يرحلوا عنها مع اللاجئين. أذكر في طفولتي كتابات كثيرة عن عرب 48 تصفهم بالخيانة والعمالة لأنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية. ثم تبين بعد ذلك أن نسبة كبيرة من هؤلاء العرب لديهم من الوطنية والشجاعة ما يحسدهم عليه الوطنيون في بلاد العرب الأخرى. فقد كانوا هم الذين صمدوا في وجه المدفع وتحملوا وحدهم عواقب خيانة العرب للقضية الفلسطينية. وهم الذين صمدوا على أرضهم حتى لا يمكنوا اليهود من كل أرض فلسطين. اليوم تتكرر المأساة نفسها ، وإن بدرجة أخف مع الأمريكيين العرب. نحن في مصر وسائر بلاد العرب نستطيع أن نعلن تأييدنا للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق دون أن يلحق بنا سوء. أما أن يفعل ذلك عربي أمريكي ، فهو سيتهم فورا بالتحريض على الإرهاب وتأييد القاعدة وبن لادن ، ويحدث له ما كان يجري للمصريين في عهد عبد الناصر : يختفي وراء الشمس في جوانتانامو وغيرها من المعتقلات السرية المنتشرة حول العالم. في كل طائفة وجماعة هناك الخير والشر والوطني والخائن . ولكننا إذا أردنا أن نقارن بين نسبة الخونة في صفوف الأمريكيين العرب والخونة في صفوف العرب ، أظن أن نسبة الطائفة الثانية ستكون أعلى بكثير. نعم هناك متأمركون "يسعون حثيثاً وبصورة مستمرة وفجة لإثبات تأمركهم وإخلاصهم للعم سام وبراءتهم من عروبتهم، ويحاولون استجداء رضا الأميركيين بكل الطرق والوسائل على حساب أصولهم العربية". غير أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء هم في بلدنا وليسوا في اميركا أو إنجلترا. واقع الحال أن الأمريكيين العرب يتحملون الآن عواقب فجر واستبداد أنظمة الحكم العربية ، والذي أدى إلى ظهور القاعدة وغيرها من جماعات الخبل ، ويتحملون عواقب خيانة هذه الأنظمة الذليلة للمقاومة والانتفاضة. واقع الحال أن صهاينة أميركا يستفردون بالأمريكيين العرب الآن كما استفرد صهاينة إسرائيل بعرب 48 بسبب تقاعس أنظمة وشعوب العرب عن تقديم العون والنصرة. [email protected]