رمضان كريم.. وربك أكرم.. وقد أتتك مناسبة أن توقف نفسك أمامك لتراجع حساباتك.. لتراجع دفتر أعمالك.. لتبدأ رحلة تصحيح أحوالك.. لتنجز مهمة توفيق أوضاعك مع الله.. لتحاسب نفسك قبل أن تحاسب من لدن عليم خبير.. أما آن لك أن تتغير، وتغير من نفسك؟ ألم تسمع قول ربك "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم"؟. فلماذا بقيت حالك كما هي، بدون تغيير وترجو أن يغير الله ما بأحوالنا من أهوال!. هلا بدأت بنفسك؟ هل من العقل أن يكون يومك مثل أمسك؟! لا شيء تغير فيك، وتتصور زورا أنك مهموم بتغيير أحوال أمتك، وأنت غير قادر علي أن تغير أحوالك مع رب العباد! إذا تغير يومك هذا عن أمسك، فأنت قد تغيرت.. وإذا تغير شهرك هذا عن شهرك الذي مضي فأنت خطوت إلي الله، الذي وعدك بالإقبال عليك بأسرع مما تمشي به إليه.. بدل حالك تتبدل أحوال أمتك.. أبدأ بنفسك وبعشيرتك الأقربين، تتبدل أحوال وأحوال.. القانون الرباني معادلة طرفها الأول نحن، أنا وأنت وهو.. أوله أن نغير ما بأنفسنا.. حتي يغير الله ما بنا.. اسأل نفسك مثلا منذ متي مددت يدك في جيبك لتخرج صدقة إلي محتاج أو سائل أو محروم يتعفف من سؤال الناس! هل تذكر؟ هل تذكر تاريخ آخر مرة أخرجت فيها حقوق السائلين والمحرومين من أموالك؟! منذ متى صليت صلاة صلة بالله؟ منذ متى عرجت إلى ربك؟ منذ متى أنبت نفسك على تقصيرك في حق الله والناس؟ كم مرة حاولت أن تتوقف عن عاداتك المذمومة؟ هل تنتصر علي نفسك فتغيرها حتي ينفتح القانون الإلهي للتغيير؟ هل تنتصر لنفسك بإخراجها من ربقة الشهوة إلي عز الطاعة! هل تنتصر لنفسك بأن تعتقها من عبودية الهوي، إلي رحاب العبودية لله.. هل تنتصر علي نفسك لنفسك، وتغير ما بها وتجعل رمضان هذا العام مختلفا!!. هذه فرصتك.. أن تعزم علي أن تخلع نفسك من كل عادة مذمومة.. رمضان كريم.. وربك أكرم سوف يكون معك أبشرك إذا كنت أنت نفسك مع نفسك.. اسأل نفسك: منذ متي لم يتحرك لسانك بطلب المغفرة من الله.. ما هي آخر مرة استغفرت فيها ربك من ذنبك؟ ألم تذنب؟ هل أدلكم علي الأخسرين أعمالا.. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا.. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟!. بل أذنبت وتماديت ولم تتوقف لحظة تستغفر ربك... استغفارك إقرار بذنبك، وهو أول الطريق لكي تنخلع من الذنوب.. كم مرة شغلت نفسك بأن تتعرف علي ربك؟ بأن تعرف نبيك؟ بأن تتعلم دينك؟ هل اكتفيت بأنك مسلم بالبطاقة؟ أي مسلم أنت؟ بالصدفة أم بالاختيار؟ هل سيمر عليك رمضان مثله مثل غيره من شهور العام؟ وهل سيضيع عليك رمضان كما ضاع من قبل مرات ومرات؟ ألم يأن لك أن تفتح قلبك لربك وتسمع منه .. وتطيع.. اجمع قلبك عند تلاوة كتاب الله، أو ألق السمع، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به.. فالقرآن كلام الله إليك.. فأفرغ له سمعك.. وأفرغ له قلبك، وأقبل عليه إقبال محب.. وتأمل وتدبر معانيه، تُفتح لك أسراره، وتجده مطبوعا في صفحة فطرتك بعد أن ينقيها مما كدر معدنها الأصيل!. هي الآن فرصتك جاءتك تسعي إلي بابك، فابتهلها.. لا تتركها تمضي، وتمضي بك السنون إلى حيث لا ينفع ندم..