لا زالت أزمة نقص أعداد الأطباء بالمستشفيات مستمرة داخل أروقة وزارة الصحة ونقابة الأطباء، على الرغم من إعلان الحكومة والأجهزة المعنية، عن مجموعة من الإجراءات السريعة التي من شأنها حل الأزمة، الأمر الذي أدى إلى تفجير وفتح الملف من جديد. ويعاني قطاع الصحة من عجز شديد في أعداد الأطباء، خاصة في هذه التخصصات المهمة، وأبرزها «الطوارئ والعناية المركزة وجراحات الصدر والمخ والأعصاب الأطفال وعلاج الأورام والتخدير»، بحسب بيان لوزارة الصحة. وكانت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، كشفت عن أن 60% من الأطباء المصريين سافروا للعمل في السعودية، والباقي يريد الالتحاق بالقطاع الخاص، لافتًة إلى أن هناك عجز شديد في عدد الأطباء في مصر. وأضافت «زايد»: «نعاني من العجز في التمريض وكليات الطب لا تعطي العدد الكافي وزيادة غير مبررة في الصيادلة»، متابعة «أنا مش لاقية أطباء يشتغلوا، الكل بيسافر». وخلال الأيام الماضية أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب، عن أنهم سيتقدمون بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة إلى الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس، لتوجيهها إلى الدكتور مصطفى مدبولي، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، لمناقشة أسباب استمرار العجز في أعداد الأطباء، وكذلك ارتفاع نسبة الاستقالات بينهم مؤخرًا. الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء، قال إن قضية نقص أعداد الأطباء تزداد سوءً يومًا تلو الأخر، ولم يتم اتخاذ أية إجراءات وخطوات من شأنها المساهمة في حل تلك الأزمة. وفي تصريحات إلى «المصريون»، أضاف «حسين»، أن ما أعلنت عنه الوزارة بشأن اتخاذ إجراءات لحل الأزمة لم يتم منه شيئًا، ولم يكن سوى كلام فقط وتصريحات لتجميل الصورة ولتحقيق «الشو الإعلامي»، إذ أنه على أرض الواقع لم يتم فعليًا أي شيء. وأوضح أن بيئة عمل الأطباء كما هي؛ حيث لم يتحسن منها شيئًا، لافتًا إلى مرتباتهم وأوضاعهم لا جديد فيها، قائلًا: «المرتبات كما هي والمعاملة أيضًا، كذلك لا يوجد تأمين لهم، المشكلات التي يعاني منها قطاع الصحة لم تتغير للأفضل». وأشار إلى أن هجرة الأطباء للخارج ما زالت مستمرة بل تزداد، خاصة أنهم يحصلون بالخارج على راتب أفضل ويتم تقديرهم وهذا عكس ما يحدث هنا، لذا من الطبيعي أن يهجر عمله هنا ويقدم استقالته. وذكر إلى أن غالبية الأخطاء يتم تحميلها للطبيب فيما أن الإمكانات غير متوفرة فضلًا غن أن بعضه ليس خطأ بشريًا، متسائلًا «هل هناك ما يشجع الأطباء على المكوث في مصر، بالطبع لا يوجد». بدوره، قال الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، وعضو مجلس نقابة الأطباء السابق، إن المشكلة ليست عامة ولكنها في بعض التخصصات، مشددًا على أن الأزمة مستمرة ولم يحدث بها أي انفراجة. وأوضح ل«المصريون»، أن هناك سوء توزيع، كذلك هناك عجز شديد في بعض التخصصات المهمة، مشيرًا إلى أن هناك بعض الأماكن والمستشفيات تعاني من زيادة في عدد العاملين به فيما تشتكي أخرى من العجز، كذلك يوجد مناطق لا يوجد بها أطباء. «الحلول والإجراءات التي أتم الإعلان عنها لن تحل أزمة ولن تسهم في أي شيء وليس سوى مجرد حلول شكلية»، بحسب «سمير»، منوهًا بأنهم يطرحون مثل هذه المقترحات من أجل التغطية على أسباب الأزمة الحقيقية. وشدد على أن الأجهزة المعنية عليها مواجهة المشكلة بشجاعة والتصدي لأسبابها الحقيقية، موضحًا أن أسباب الأزمة تكمن في تدني الرواتب والمعاملة وقلة التأمين وسوء التوزيع. من جانبه، تقدم الدكتور محمد فؤاد عضو مجلس النواب عن دائرة العمرانية، بطلب إحاطة إلى الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس، موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولي، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، بشأن ارتفاع نسبة الاستقالات بين الأطباء مؤخرًا. وقال «فؤاد» في إحاطته: «تابعنا مؤخرًا وعن كثب أزمة نقص عدد الأطباء وأثره السلبي على عدد كبير من المستشفيات الحكومية وتصريحات وزيرة الصحة بذلك حيث قالت في تصريح لها أمام المجلس الموقر يوم الثلاثاء 18/9/2018 أن 90% من الأطباء سافروا للعمل بالخارج وأن هناك عجزًا شديدًا في عدد الأطباء». وأضاف أنه بلغ عدد الأطباء المستقيلين في عام 2016 عدد 1044 استقالة، وفي عام 2017 عدد 2049 استقالة، وفي 2018 عدد 2397 استقالة، الأمر الذي نتج عنه نقص حاد في عدد الأطباء. وتابع: «وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية ذكرت أن الحد الأدنى لعدد مقدمي الرعاية الطبية هو 3.4 إلى كل ألف مواطن، إلا أنه في مصر وصل عدد مقدمي الرعاية الطبية إلى 2.2 إلى كل ألف مواطن في مصر». وأشار إلي أنه ما زاد الأمر سوءً بالنسبة إلى المحافظات الأخرى خاصةً المناطق النائية هو سوء توزيع الأطباء حيث بلغت نسبة الأطباء المستقرين في القاهرة إلى 45% من عدد الأطباء، فهناك 450 وحدة صحية بالريف والصعيد لا يوجد بها طبيب أي هناك ما يقارب 1500 قرية مصرية محرومة من الرعاية الصحية. ولفت إلي أنه عند البحث عن أسباب هروب الكثير من الأطباء إلى الخارج وجدناها تتمثل فيما بين تدني المرتبات وكثرة حالات الاعتداء على الأطباء بالمستشفيات وبيئة العمل الغير مؤهلة. وتساءل «فؤاد» قائلًا: «ما هي الآليات التي اتخذتها وزارة الصحة لمواجهة أزمة نقص الأطباء والحد من ظاهرة الاستقالات؟»، مطالبًا بأن يكون الرد على طلب الإحاطة كتابيًا. وفي إبريل الماضي، عقد رئيس مجلس الوزراء اجتماعًا بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ووجّه رئيس الوزراء حينها، بدراسة تخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، في ظل العجز الشديد الذي تواجهه الدولة حاليًا في أعداد الأطباء، وكذا زيادة أعداد الطلاب المقبولين بكليات الطب. وقال وقتها، الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إنه يوجد تكليف من رئيس الجمهورية بالنظر في أعداد العاملين في القطاع الصحي. واستعرض الوزير أعداد الخريجين من كليات القطاع الطبي الحكومي والخاص خلال الفترة من 2014 حتى 2018، حيث بلغ أعداد هؤلاء الخريجين نحو 47 ألف خريج من كليات القطاع الطبي الحكومي والخاص؛ وهي الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، والعلاج الطبيعي، ومعاهد ودارسي التمريض. كذلك في يونيو الماضي، أرسلت النقابة العامة للأطباء، خطابات لرئاسة الجمهورية ووزارة الصحة والسكان والبرلمان؛ لإصدار قرارات سريعة من أجل إصلاح وتحسين أحوال الأطباء وبيئة عملهم، ولتقليص العجز المتزايد بأعداد الأطباء. وقدمت النقابة 7 مقترحات وبنود أكدت أنه يمكن إصدار قرارات سريعة بخصوصها دون الحاجة لأي مخصصات مالية، مثل إقرار قانون بتشديد عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين بها، بالإضافة إلى إقرار قانون المسؤولية الطبية الذي يوضح كيفية محاسبة الأطباء في قضايا أخطاء المهنة. كما أشارت إلى أنه يمكن تعديل المادة 6 من قرار وزير الصحة السابق رقم 626 لسنة 2016، بحيث يتم إعادة السماح للحاصلين على شهادات الماجستير والدبلومة بالترقية لدرجة استشاري بعد عدد من سنوات الخبرة العملية وحضور مؤتمرات أو دورات علمية طبقا لما كان معمول به لسنوات طويلة سابقة. واقترحت النقابة أيضًا، بنود أخرى تحتاج لمخصصات مالية، منها مضاعفة جميع البنود الخاصة بأجور الأطباء (باستثناء بدل العدوى) ورفع قيمة بدل العدوى بحيث تتراوح بين ألف وثلاثة آلاف جنيه شهريًا.