أعلنت الكرازة المرقصية بالإسكندرية إلغاء حفل الإفطار السنوي الذي كان مقررا له أمس السبت بدعوة من البابا شنودة الثالث ، بعد أن تلقت الكرازة مئات الاعتذارات عن عدم الحضور احتجاجا على عدم اعتذار الكنيسة والبابا على عرض المسرحية الطائفية " كنت أعمى والآن أبصر" داخل إحدى الكنائس في الإسكندرية ، مما أثار احتجاجات واسعة بين المسلمين ، راح ضحيتها ثلاثة قتلى وأكثر من ثمانين جريحا خلال المصادمات العنيفة التي وقعت بعد صلاة الجمعة بين المصلين وقوات الأمن . وأكدت مصادر "المصريون" أن مقاطعة حفل الإفطار جاءت ردا على تجاهل البابا شنودة لمطالب جموع المسلمين بالإسكندرية ، حيث أصر المقاطعون على موقفهم رغم محاولات رجال الكرازة المرقصية بإقناعهم بتغيير رأيهم حتى يتسنى إقامة هذا الحفل. في السياق ذاته ، وردا على رفض البابا شنودة والكنيسة الاعتذار للمسلمين عما حدث من عرض المسرحية المذكورة ، هدد جموع المصلين في مسجد أولاد الشيخ المقابل لكنيسة ماري جرجس في محرم بك بتكوين لجنة لتنظيم مقاطعة تجارية للأقباط في الإسكندرية وكذلك مقاطعة إحدى شركات التليفون المحمول الأمر الذي يمكن أن يشكل تطورا كبيرا في الأزمة بين الأقباط والمسلمين ، وخاصة أن الأقباط يتحكمون في أكثر من 60% من النشاط الاقتصادي في الإسكندرية . من جانبه ، حذر البابا شنودة والمجلس الملى للأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية في بيان مشترك من "وجود بعض الجهات التي تسعى لإحداث فتنة والإضرار بالوحدة الوطنية في مصر". ونفى البابا والمجلس قيام الكنيسة بإهانة الإسلام أو القرآن الكريم, متهما بعض الصحف بأنها تسعى إلى إثارة الفتنة الطائفية في مصر ، مشيرا إلى أن ما تدعيه هذه الصحف مناف للحقيقة وضد مصلحة الوطن. وقال بيان المجلس الذي يرأسه البابا شنودة الثالث ويضم ثمانية من كبار الشخصيات القبطية إن المسرحية المشار إليها في الصحف المذكورة عرضت منذ عامين لمدة يوم واحد داخل أسوار الكنيسة ولم يرها مسلم واحد, وكانت تتحدث عن التطرف ولم تتحدث عن المقدسات الدينية ، مشيرا إلى أنها لم تثر شيئا حين عرضت ومحاولة إثارتها الآن يهدف إلى تفتيت الوحدة الوطنية. وتساءل البيان " هل نترك الصحف التي تثير الفتنة ويؤاخذ المسيحيون على مجرد الشائعات التي تروجها تلك الصحف بان هناك إساءة للإسلام بينما لم ير احد شيئا ". وعتب البيان على المتجمهرين إحاطتهم بالكنيسة والطرق على الأبواب بعنف وترديد شعارات معادية, مما ألقى الرعب في قلوب المصلين متمنيا ألا يكون للانتخابات القادمة دور في إثارة أو استغلال تلك الأحداث. ومن ناحيته ، أعرب الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر عن رفضه لأي محاولات تسيء إلى صورة مصر في الخارج ، مشيرا إلى أن هناك بعض المغرضين يسعون لنشر الفتنة وبث الفرقة بين أبناء مصر, مؤكدا أن محاولاتهم هذه لن تنجح لان ما يربط بين المسلمين والمسيحيين من روابط قديمة وعلاقات إنسانية قوية هي أقوى من أي حدث عارض يمكن تجاوزه. وأكد شيخ الأزهر أن الفصل في أحداث كنيسة مار جرجس بمنطقة محرم بك بالإسكندرية, متروك للجهات القضائية التي تقوم بالتحقيق لتقول كلمتها الفاصلة فيه بما يؤدى إلى إقرار الأمن والأمان في مصر وإعطاء كل ذي حق حقه. وكان شيخ الأزهر قد أصدر أمس بيانا مشتركا مع البابا شنودة دعيا فيه إلى الهدوء ومعالجة الأمور بالحوار والتفاهم. وعلى صعيد الوضع الأمني ، مازال التوتر يخيم على منطقة محرم بك وغيط العنب وغربال ، وحتى الساعات الأولى من فجر أمس السبت كانت المصادمات مستمرة بين قوات الأمن والمتظاهرين حيث انتقلت تلك التظاهرات إلى مناطق غيط العنب وراغب وغربال حيث الكثافة القبطية. وقد سجلت تقارير الأمن وقوع اعتداءات كثيرة كما تم حرق العديد من السيارات وتكسير العديد من محلات الخمور ورشق إحدى المستشفيات بالحجارة ، كما تم إحراق بعض سيارات الشرطة أيضا بالإضافة إلى ما تم إحراقه من قبل. وعززت قوات الأمن تواجدها في مواقع الأحداث بشكل خاص وفي الإسكندرية كلها بشكل عام حيث تم الاستعانة بتشكيلات من الأمن المركزي من محافظة البحيرة وكفر الشيخ. وتقوم أجهزة الأمن باعتقال المصابين بالمستشفيات للتحقيق معهم ومازال أكثر من 75 مصابا من الشرطة والمواطنين في المستشفيات للعلاج. من جهته ، أمر اللواء محمد عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية بتسيير دوريات منتظمة في شوارع الإسكندرية لرصد أي محاولة لتنظيم تظاهرات عقب الصلوات ، كما تم تدعيم الحراسة حول جميع الكنائس والمساجد تحسبا لأي عمل غير مسئول . من جانبها ، كشفت مصادر مطلعة أن هناك اتصالات تجري لدعوة الشيخ سيد طنطاوي شيخ الأزهر و البابا شنودة لعقد جلسة صلح وتصافي في منطقة محرم بك التي تجمع المسجد والكنيسة ، إلا أن المصادر أكدت أن الجهات المتفاوضة لم تحصل بعد على رد من البابا شنودة الذي يبدي تشددا غير مفهوم تجاه الأحداث .