أكد سياسيون وخبراء أهمية صياغة علاقات جديدة بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية تأخذ فى اعتبارها التطورات الجديدة والتغيير الحاصل فى مصر ،كما أكد هؤلاء الخبراء ضرورة أن تحكم هذه العلاقات الشفافية والوضوح فى مختلف جوانب العلاقات وضرورة حسن إدارة هذه العلاقات. وفى هذا السياق، قال السفير الدكتور محمد إبراهيم شاكر رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية فى بداية ورشة عمل " حول العلاقات المصرية الأمريكية " نظمها اليوم الاثنين المركز القومى لدراسات الشرق الاوسط بالقاهرة ، "إن تصريح الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن مصر ليست بحليف أو عدو " يعكس ما وصلت إليه طبيعية العلاقات حاليا". وأضاف أن مصطلح الشراكة يعتبر هو الانسب عند صياغة علاقات جديدة بين مصر والولاياتالمتحدة مثلما هو الحال فى العلاقة بين أمريكا والهند. وأكد السفير شاكر أهمية دور منظمات المجتمع الدولى ومراكز ومنابر الفكر الامريكى فى تطوير وتقوية هذه العلاقات خاصة بالنسبة لاتصالات مصر بهذه المؤسسات. وأكد المشاركون في ورشة العمل أن هناك تغيرا شاملا فى العلاقات بين القاهرةوواشنطن بعد قيام ثورة 25 يناير وأن شكل هذه العلاقات لن يكون كما كان فى السابق تتخذ صفة "الحليف" كما أنها لن تتسم بالعداء. بدوره، تحدث السفير نبيل فهمى سفير مصر الاسبق لدى الولاياتالمتحدةالامريكية عن ابعاد وجوانب العلاقات المصرية الامريكية ، فأشار إلى أن تصريح الرئيس الأمريكى أوباما حول العلاقة الحالية مع مصر هو كلام خطير ومهم جدا يجب بحثه والتعمق فيه. وقال: "إن هذا التصريح هو مخالف للحقيقة الامريكية وهو أنه فى عام 1989 أصدرت الولاياتالمتحدةالأمريكية بيانا اعتبرت مصر فيه حليفا قويا لها". ونبه السفير نبيل فهمى أن تصريح أوباما يعكس مدى الحيرة فى أمريكا خاصة بعد التظاهر أمام السفارة الامريكيةبالقاهرة خلال الأيام الماضية، وقال: "إن هذا التصريح يعطى رسالة بأنه فى جميع الاحوال أن العلاقات مع مصر سوف تتغير ويجب أن تتغير". وشدد سفير مصر الاسبق لدى أمريكا على أن العلاقات بين القاهرةوواشنطن هى مهمة جدا ولا يمكن بأى حال تجاهلها وأنه علينا أن ندير العلاقات مع أمريكا بشكل حسن خاصة من الناحية الامريكية التى يجب أن تأخذ فى اعتبارها الرأى العام المصرى. وقال: "إنه بحكم خبرته وعمله فى الولاياتالمتحدة فان مصر تمثل قيمة إقليمية بالنسبة لامريكا وليست قيمة ثنائية وهناك نقاط تحكم العلاقات المصرية الامريكية وهى العلاقات مع إسرائيل والموقف من اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية ، وأنه من المهم فى العلاقات المصرية الامريكيةالجديدة أن أضمن ألا تكون للولايات المتحدة مواقف مضادة للتحركات السياسية والدولية والاقليمية المصرية". وانتقل فهمى للحديث عن العلاقات بين الولاياتالمتحدة وجماعة الاخوان المسلمين، فقال: "إن العلاقة مفتوحة منذ الثمانينيات وانهم بدأوا الاتصالات - فى عام 2000 - كما ان الشارع الامريكى والرأى العام هناك بدأ يتحدث عن صعودالتيارات الاسلامية فى شمال افريقيا وانه يجب على الادارة الامريكية ان تأخذ ذلك بعين الاعتبار". وخلص السفير فهمى فى ختام مداخلته الى ان لمصر مصالح مع الولاياتالمتحدة ، ولأمريكا مصالح مع مصر ، وبالتالى يجب ان يكون هناك حسن ادارة للعلاقات وانه لابد من مراعاة المتغير الجديد فى الشارع المصرى وان تكون العلاقات شفافة وواضحه فى كل تناوله. ثم تحدث السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية السابق للشئون العربية عن العلاقات الامريكية من المنظور العربى .. فأشار الى ان الولاياتالمتحدة لم تبدأ حتى الآن بإقامة علاقات مؤسسية للتواصل مع الامانة العامة للجامعة العربية. وقال: "إن افتتاح مكتب للجامعة العربية فى واشنطن فى الثمانينيات كان موقفا متأخرا.. إن الرؤية الامريكية لفكرة القومية العربية والتوحد العربى كانت رؤية معارضة وانهم يفضلون فى التعامل وعلاقاتهم بدول المنطقة العربية بشكل انفرادى ثنائى قطرى بما يعكس محاولات إضعاف الجامعة العربية". وأشار إلى أهمية تعديل الخطاب المصرى السياسى فى التوجه بصياغة علاقات جديدة مع الولاياتالمتحدة وكيف نجعلها علاقات مدنية حتى لو حمل الخطاب فى بعض مكوناته خلفيات اسلامية .. وأكد أن هناك قواسم مشتركة يمكن البناء عليها. وفى ختام مداخلته، قال خلاف: "هناك قضايا يمكن أن تكون مجالا للتعاون مع الولاياتالمتحدة ومنها قضية مكافحة الارهاب ويمكن البناء على ما تم فى الماضى". وتناول السفير السيد شلبى المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية العلاقات المصرية الامريكية ما يشغل الفكر المصرى والامريكى حاليا وبعد ثورة 25 يناير ، فقال "إنه من المهم جدا بالنسبة للجانب الامريكى هو التعرف على طبيعة وسلوك النظام الجديد فى مصر بعد الثورة والتصورات والاستراتيجيات التى ستحكم علاقة النظام الجديد بأمريكا وباقى دول العالم". وأضاف: "هناك حاجة لإجراء حوار استراتيجى مصرى امريكى منتظم ومؤسسى، وعلى أن تكون العلاقات واضحة وشفافة وان تتفهم أمريكا مدركات واعتبارات مصر الداخلية والاقليمية". وكان الدكتور محمد شفيق رئيس المركز القومى لدراسات الشرق الاوسط قد استهل ورشة العمل بكلمة قال فيها " إن العلاقات بين مصر وامريكا تشهد ملامح تغيير، وما تشهده السياسة الامريكية فى المنطقة العربية من متغيرات تستوجب الاهتمام والمتابعة، بالاضافة الى اننا امام استحقاق انتخابى فى الولاياتالمتحدة سوف يفرض تأثيره بصورة واضحة على عناصر الاستراتيجية الامريكية فى المنطقة". وأضاف: "ان العلاقات المصرية الامريكية تشهد تطورات مختلفة على مدى تاريخها الحديث، وهناك مشكلات واجهت ادارة تلك العلاقات فى مراحلها المختلفة، واذا كانت العلاقات المصرية الامريكية خلال السنوات الماضية قد تأثرت بصورة واضحة بالمتغير الاسرائيلى، وقد كانت اسرائيل حريصة على الا تكون تلك العلاقات ثنائية، وان تكون ثلاثية حسب وجهة النظر الاسرائيلية اى تنظر لها الولاياتالمتحدة ايجابيا أو سلبيا وفقا للموقف الامريكى من اسرائيل، الا ان الفترة الحالية وفى اعقاب ثورة 25 يناير تشير لتوجه مصرى للخروج من تلك الدائرة الثلاثية". وتابع قائلا: "إنه رغم ما تشهده العلاقات المصرية الامريكية من بعض القيود، الا ان الفرص المتاحة يمكن ان تمثل مجالا لمصالح مشتركة تساهم فى التطوير الايجابى لتلك العلاقات". وأضاف "ان لقاءنا اليوم هو حوار بلا سقف اتوقع ان يتناول كافة جوانب العلاقات الامريكية على محاورها المختلفة السياسية والعسكرية والاقتصادية ، كما ان هناك ضرورة لزيادة تعريف المصالح المصرية الامريكية، وضرورة امتلاك مصر لأوراق فى القضايا الاقليمية والدولية يمكن أن تزيد من ثقل مصر لدى صانع القرار الامريكى". وكانت ورشة العمل قد ناقشت فى جلسة العمل الثانية محور العلاقات العسكرية والاقتصادية بين مصر والولاياتالمتحدةالامريكية ، وقد تحدث فى هذا المجال الدكتور قدرى سعيد الخبير العسكرى والاستراتيجى بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية فى الاهرام عن أبعاد العلاقة المصرية الأمريكية عسكريا ومستقبل هذه العلاقة بعد ثورة 25 يناير. كما تحدث الدكتور طه عبدالعليم رئيس هيئة الاستعلامات السابق والكاتب الصحفى عن الشق الاقتصادى للعلاقات المصرية الامريكية ، وتحدثت الكاتبة الصحفية كارين أبوالخير عن الرؤية الامريكية بالنسبة للعلاقات مع مصر بعد ثورة 25 يناير وصعود التيار السياسى فى مصر.