فى البداية، شدنى المنظر مثل العشرات غيرى عندما رأيت الناس يخرجون معبرين عن غضبتهم لرسول الإنسانية، فى صورة احتجاج شعبية وليست رسمية، فى مصر أولاً وليبيا ثم هنا وهناك وهنالك، وقلت: مادام للناس عندهم غيرة على مقام النبوة ففيهم خير، ثم لما تأملت وجوه الناس وجدتها وجوهًا غريبة عليها قترة ترهقها غبرة، وهم يتطاولون على الجدران ومن بداخلها من البشر، ثم زدت من تأملى للوجوه فرأيت أن سمات "البلطجة" تنضح من جبينهم، وأن المسألة كان فيها "إن وأخواتها" فتوقفت عن الكلام "حتى يأتينى بالأخبار من لم أزود". ولما سمعت من بعض الأفاضل ممن رصدوا الموقف فى الشارع أن بعضهم كان يسب دين الله، ضحكت ضحكًا كالبكاء، إذ كيف يخرج من يزعم أنه ينصر دين الله وغضبة لرسول الله ثم يطاوعه لسانه فيسب دين الله؟! ومما دفعنى لنصرة ظنى بهم، أن ملابس القوم لا توحى بأنهم أهل عقل أو دين، بل "شوارعية" بما تحمل الكلمة من معنى، و"بيئة" لا تتناسب مع دين سوى أو خلق طيب.. وزاد الطين بلة عندما رأيتهم يرجمون أبناء الوطن المكلفين بالدفاع عن المستأمنين فى بلادنا بالحجارة، فى منظر يذكرنى بما تنقله شاشات الفضائيات بين أهل الانتفاضة وجنود الكيان الصهيونى فى أرض فلسطين.. وقلت بما أنهم استمرؤوا الضرب للجميع دون تفرقة بين من بداخل السفارة ومن بخارجها، فالأمر ليس مقصودًا به نصرة الدين بل مقصودًا به إحداث بلبلة اشتاق لها البلطجية منذ فترة لإظهار مصر أنها دولة غير حضارية لا تحترم ضيوفها على أرضها، وأيضًا لإحراج الدولة ورئيسها. ولعل ما صرح به مساء أول أمس رئيس وزراء مصر هشام قنديل، أن المتظاهرين مأجورون دُفعت لهم أموال لعمل هذا التخريب.. وهو تصريح مسئول لم يقم بالطبع على هوى نفسى منه، يدل دلالة قاطعة على أن شكوكى نحو هؤلاء كانت فى محلها. وتابعت بعين الراصد عقلاء الناس من مسلمين ومسيحيين تجاه الفيلم، والزلازل التى تبعته فى عدة بلدان إسلامية، والضرر الذى وقع على سفارات تلك الدول، فرأيت الاستنكار والشجب والحزن باديًا على محيا كلماتهم، ورأيت من يطالب بمقاضاة المسيئين والمشاركين فى الفيلم "الإساءة"، ومن يطالب الأممالمتحدة بتشريع يجرم الإساءة إلى الأديان.. لكن ما استفزنى الموقف الأمريكى، فالبيت الأبيض قال: سحب الفيلم مستحيل، ثم تابعت الأخبار أن شركة "جوجل" ترفض طلبًا من البيت الأبيض، بسحب مقطع الفيلم المسىء للنبى الكريم، وهو موقف بذىء من جوجل، دعا بعضهم إلى ضرورة إنشاء شركة منافسة لها حتى نؤدبها! وما أهم أمريكا هو أن تسمح لها السودان بإنزال قوات بحرية بزعم حماية سفارتها فى الخرطوم، وقد أحسنت السودان صنعًا عندما رفضت الطلب.. وكان أفضل ما قامت به هيئة متخصصة هو تصريح اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء محمد "صلى الله عليه وسلم" بأنها ستلاحق كل من تورط وساهم فى إنتاج وإعداد الفيلم المسىء قضائيًا، وتقديمهم إلى المحاكمة بتهمة الإساءة للأنبياء والرسل ..ثم كانت الخطوة العاقلة التى قامت بها جمعية (Discover Islam UK) فى لندن بتَوزيع أكثَر من (110.000 نُسخة) من القُرآنْ الكَريم متَرجمَة، وَسيرَة النبّى مُحمَد صلّى الله عَليه وَسلمْ.. وهى خطوة ناديت بها عبر تغريدات لى على حسابى فى"توتير" وعلى "فيس بوك"، وفى مقالات نشرتها هنا وفى صحف أخرى.. وأبلغ ما أسرنى أن حملة مثلها قامت أمس (الأحد) فى كل من ولاية نيويورك - وفلوريدا وتكساس وكاليفورنيا بدعم من المجلس الإسلامى الأمريكى، وستوزع أربعة ملايين نسخة من القرآن الكريم توضع فى حقائب أنيقة هى وكتاب السيرة مترجمين إلى اللغة الإنجليزية. وكان الأجمل – وهو ليس بغريب من الرجل المصنف (إبراهيم زكى لوقا رجل)، وهو رجل أعمال قبطى حين أعلن عن إنتاجه فيلمًا يستند على كتاب العقاد "عبقرية محمد" ردًا على الفيلم المسىء . إن المظاهرات السلمية الغاضبة التى تطالب أمريكا بالاعتذار ومحاكمة المسيئين ..نؤيدها بقوة مادامت سلمية تعبر عن غيرة دينية للمسلمين، وربما كان لها بعض التأثير فى القبض على الصانع الأول للفيلم المسىء وهو الأمريكى من أصل مصرى "نيقولا باسيلى نيقولا"، إن صدقت رواية "اليوتيوب".. وإن كان البعض نفى أن تكون الصورة هى الذى سال بسببها الدم الدبلوماسى، وعمت الأرض احتجاجات وغضب لم يهدأ بعد، لأنه الصانع الأول للفيلم المسىء للرسول، وأن وسائل الإعلام الأمريكية وغيرها منذ الجمعة فشلت فى سباقها المهنى، بالحصول على صورة للمأفون هذا، فلا صورة له فى الأرشيفات المتنوعة، وهو متوارٍ عن الأنظار داخل بيته المحاط فى لوس أنجلوس بصحفيين يحلمون بالتقاط ولو صورة واحدة لوجهه بوضوح. لو نطقت السفارات الأمريكية فى بلدان العالم الإسلامى لقالت الكثير والكثير، ومن أهم الكثير هذا ما يقول لسان حالها لبلادها "الدولة العظمى": ما نحن فيه بسبب تلك العظمة الزائفة والنعرة الكذابة التى صنعتموها ثم صدقتموها ثم هانحن قد ابتلينا بها.. والدليل أن تلك العظمة لم تستطع أن تترجم عظمة الدولة إلى احترام لدين سماوى عالمى يتبعه مليار ونصف المليار آدمى على وجه البسيطة، ولو كان الفيلم صنع بأيدٍ مسلمة تمس عقائد المسيحيين أو اليهود، لوصف مسلمو الأرض كلهم جميعًا وبلا استثناء بأنهم إرهابيون أبناء إرهابيين ومن سلالة إرهابيين! ***************** ◄◄ آخر كبسولة: ◄ حصول الشيخ اليمنى عبد المجيد الزندانى على براءة اختراع لعلاج مرض الإيدز (HIV). = الله يوفقك للخير يا شيخ عبد المجيد، لقد سمعته منذ سنوات يتكلم عن اختراعه ضد المرض العضال، ولم يعره العالم أذنًا صاغية، ومادام قد حصل على براءة الاختراع فالأمر جد وخطوة مهمة سيشكره العالم والتاريخ والمرضى عليها. دمتم بحب [email protected]