خبير اقتصادى: لا تهم النوايا المهم النتائج أستاذة علم اجتماع: دعاية شعبية الغرض منها التباهى كبير الأئمة: يجوز إظهار الصدقة لاستنهاض همم الآخرين رمضان شهر الخير بامتياز، فيه يتسابق الجميع ويتنافس في كل وجوه الخير، هذا ينشط في مجال المساعدات الصحة، وذاك يقدم المساعدات المادية والعينية للفقراء من سلع غذائية ووجبات إفطار . لكن اللافت للنظر هذا العام هو تسابق رجال الأعمال للتبرع والإعلان عن حجم تبرعاتهم على الملأ . وبادر رجل الأعمال نجيب ساويرس إلى الإعلان عن تبرعه لصالح مستشفى "25 يناير" بمبلغ يوازى المبالغ التى سيتم التبرع بها، حتى يصل للمبلغ المتبقى والمطلوب لتجهيز المستشفى الخيري، المقام بمركز ههيا بالشرقية، من خدمات طبية وإنشائية . وكتب عبر حسابه على موقع "تويتر"، قائلاً: "يا الله من النهارده كل تبرع ييجى هحط زيه لحد ما نوصل لل5 مليون الناقصين علشان الأسانسيرات وخلافه.. شدوا حيلكم معانا.. وبركاتك يا شيخ محمد ". ورد عليه الصحفى محمد الجارحى صاحب فكرة إقامة المستشفى قائلاً: "شكرًا جدًا جدًا للمهندس نجيب ساويرس على مبادرته لدعم مستشفى 25 يناير، كل تبرع هييجى للمستشفى من النهاردة هيحط زيه لحد ما نوصل 5 مليون جنيه، شاركونا فى المبادرة واكتبوا على هاشتاج #سند_الخير وكلمونا على 19257 هيجيلكم مندوب لحد عندكم ". وكان الجارحي، صاحب فكرة إقامة مستشفى 25 يناير، غرد على "تويتر" مناشدًا التبرع لاستكمال تجهيز المستشفى قائلًا: "مين يوعدنى إنه يكتب تويت مش ريتويت النهارده عن مستشفى 25 يناير؟ وبعدها يمنشن حد صاحبه يكتب وصاحبه يمنشن حد تالت يكتب؟ يلا نبدأ ونحط هاشتاج #سند_الخير مين يا ترى هيكون أول واحد؟ #ريتويت ". في سياق مشابه، وزعت كراتين رمضانية حملت توقيع: "إهداء من المستشار تركي آل الشيخ تركي إلى الشعب المصري"، رئيس هيئة الترفيه بالمملكة العربية السعودية، ووزعت على الفقراء في عدد من القرى بمختلف المحافظات، خاصة محافظات ومدن الصعيد . وأعلن آل الشيخ مساء الأربعاء قبل الماضي عن فتح باب التسجيل فى أكبر مسابقة لتلاوة القرآن الكريم فى العالم وأول مسابقة للأذان بمجموع جوائز 12 مليون ريال . أيضًا أعلنت بعض الشركات الكبرى والمؤسسات الاقتصادية الشهيرة عن تبرعاتها في مجالات مختلفة، إما برصف طرق، أو المشاركة في تطوير قرى بالصعيد، أو إدخال مياه لأسر فقيرة أو تطوير التعليم، وكل ذلك عبر إعلانات مدفوعة الأجر بالقنوات المختلفة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي . وتثير تبرعات رجال الأعمال لصالح الفقراء أو المؤسسات الصحية، أو لدعم الاقتصاد المصري، التساؤلات حول ما إذا كان ما يقدمونه هو محض عمل خيري لا مبتغى من ورائه، أم أنها دعاية شعبية في المقام الأول . وقال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن "علم الاقتصاد لا يعترف بالنوايا بل يعترف بالمال، وهذا هو الأهم، أما النوايا فحسبها عند الله عز وجل ". وأضاف ل"المصريون": "الأمر بالنسبة لى كخبير اقتصادى متساوٍ، والأهم النتيجة التى تعود على الفقراء والمحتاجين بالنفع، ولا يهم مَن الذى تبرع أو بأى شيء تبرع أو طريقة تبرعه ". وتابع: "في ظل العجز والنقص في المتطلبات الأساسية، لا تسأل عن نية المتبرع؛ فالمؤسسات الصحية الكبرى بمختلف تخصصاتها تقوم فى المقام الأول على التبرعات كما هو واضح فى إعلانات التبرع فى رمضان ". واستدرك: "وزير التربية والتعليم طارق شوقى شكا من ضعف الميزانية المحددة لوزارته، ولو أعلن رجل أعمال عن تبرعه بمبلغ ضخم لتطوير التعليم ودعم المنظومة الجديدة، (التعليم الإلكترونى والتابلت)، هل سنتهمه وقتها بالنفاق أو التباهي!! ونخسر تبرعه أو نرعب مَن كان يريد أن يحذو حذوه !!". بينما رأت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، أن "الأصل فى علم الاجتماع، أن الإعلان عن التبرعات أو حجمها يدخل فى إطار التباهى وينتفى عنه صفة العمل الخيري، ويدخل فى حيز الدعاية الشعبية، وليس لنا أن نحكم على النوايا والأهداف سواء كانت نبيلة أم لا ". وأضافت ل"المصريون": "هناك استثناءات قد يكون الهدف منها الحث على التبرع أو الاقتضاء به، ففى حالة نجيب ساويرس ومستشفى 25 يناير مثال جيد ويحترم، فهو لم يعلن عن تبرعه من أجل التباهى، بل من أجل التحدي الواضح والصريح لمتابعيه، ودعوتهم للتبرع وتغريمه قدر تبرعهم ". وتابعت: "هناك حالات يتضح فيها التباهى والدعاية الشعبية المقيتة والمرفوضة تمامًا، مثل أن يهدى رجل أعمال جهاز عروس لفتاة فقيرة، ويعلق صورة على كل جهاز أو شيء اشتراه وكتب عليه إهداء من فلان بن فلان رجل الأعمال إلى ابنته كذا وكذا، أو تبرع أحد كبار رجال الأعمال برصف طريق داخل قرية أو منطقة، وعلّق لافتات مكتوب عليها إهداء من فلان إلى أهالى المنطقة، فهذا يسمى رياءً مجتمعيًا وهدفه الدعاية الشعبية من أجل مصلحة ما كدخول الانتخابات مثلا ". وقال الدكتور منصور مندور، كبير الأئمة بوزارة الأوقاف، إن "الأصل أن صدقة السر أفضل؛ لقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِى وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ}، وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سبعة يظلهم الله فى ظله، يوم لا ظل إلا ظله..."، وذكر منهم: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" (متفق علي) . وأضاف: "هذا الأصل فى الصدقة أن إخفاءها أفضل، لكن إن ترتب على إظهارها مصلحة راجحة مثل اقتداء الناس بالمتصدق إذا أظهر صدقته، فيكون هذا من باب من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ونحو ذلك من المصالح، ففى مثل هذه فليتنافس المتنافسون ".