حملة «استر بنتك» تدعو للاحتشام فى رمضان.. و«استرى نفسك.. خلى الناس تعرف تصلى» تنطلق من داخل الكنيسة «كريمة»: أى دعوة للفضيلة والاحتشام نؤيدها ونباركها.. «نصير»: سورة النور أبلغ رد على هذه الدعوات لمعى: قلبى بيوجعنى على الفتيات اللاتى يدخلن الكنيسة بملابس غير لائقة كنائس تنشر قوائم على أبوابها بالملابس الممنوعة تشمل «الجينز المقطع» و«الفساتين المكشوفة» مع بداية شهر رمضان، انتشرت على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حملة تحت شعار: "استر بنتك.. خلي الناس تصوم"، ما أثار ردود فعل واسعة حولها، خاصة وأن الدعوة التي تخاطب أولياء الأمور من أجل أن يلزموا بناتهم بارتداء زي محتشم ملائم لأجواء الشهر الكريم هي الأشد صراحة والأكثر وضوحًا حتى الآن. وكان من اللافت أن الدعوة لم تقتصر على المسلمات فقط، بل انطلقت بالتزامن معها مبادرة "بنات الملك ميلبسوش غير لبس ملوك" على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي دشنتها فتيات قبطيات بكنيسة العذراء بدماريس، وتخاطب الفتيات المسيحيات لحثهن على ارتداء ملابس محتشمة. والدعوة ليست مصرية بشكل صرف كما قد يعتقد البعض، فالبداية جاءت انطلاقًا من الأردن حيث أطلق شباب أردنيون، حملة "استر بنتك" على مواقع التواصل الاجتماعي، قبيل شهر رمضان، وتهدف إلى إلزام الفتيات بزي أكثر احتشامًا خلال شهر الصيام. وأثارت الحملة، فور انطلاقها ردود فعل مستنكرة من متابعين وشخصيات سياسية، إذ اعتبرها معارضون إهانة للمرأة، وقوبلت بردود فعل ساخرة كنوع من الاعتراض من قبَل "الفتيات المصريات" بشكل خاص. وهاجمت الحملة، ما وصفته ب"الملابس الكاشفة" التي ترتديها بعض الفتيات في نهار رمضان، قائلة إن الشباب المسلم غير قادر على الصيام بشكل صحيح بسبب تلك الملابس؛ ما أثار جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات للبعض حول علاقة ملابس المرأة بصوم الشباب المسلم، مذكرين أن الإسلام أمر الجميع بغض البصر. وعلق أحد رواد التواصل الاجتماعي، قائلاً: "صاحب الحملة اللي اسمها #استر_بنتك بحب أقوله: على نظريتك ما عرف مسلم يصوم بأوروبا أو أمريكا أو أستراليا؛ وقد رأيت من المسلمين في تلك البلاد من الأكثر التزامًا والأعلى قيمًا، كما الكثير من المسلمين في العالم العربي والإسلامي! لا تعمم ضعف أخلاقك والتزامك على باقي المسلمين!". كما وصلت أصداء الحملة إلى مجلس النواب، حيث نشر النائب محمد الحسينى، مقطعًا مصورًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، طالب فيه مؤسس الحملة، بأن يستر نفسه ويتوقف عن مهاجمة الفتيات. وأضاف، أنه "بدلًا من التنظير على الفتيات وتحديد ما يرتدينه من ملابس؛ فالأفضل أن يدرك الجميع أن كل شخص يعرف التمييز بين الصواب والخطأ، وعلى الجميع أن يحكم ضميره على حد قوله"، مختتمًا بالقول: "أنا مش مستني حد يقول لى بنتك تلبس إيه ومتلبسش إيه". في المقابل، واجه البعض اللافتات التي تدعو إلى ستر الفتاة بالطلب من الرجال الاحتشام حتى تتمكن الفتيات من الصوم وعدم الافتتان، فخرجت دعوات من قبيل "استر ابنك خلينا نعرف نصوم"، وربِّ ابنك"، وذلك حتى يشعر الرجل كم هو مهين أن توضع المرأة دائمًا في محل اتهام بالتحريض على الفسق. وطرح بعض الفتيات والشباب مقترحًا على مطلقي دعوات الاحتشام قائلين: "خايف على صيامك؟ بتفتنك ولبسها بيستفزك ومش قادر تمسك نفسك؟ شايف دايما العيب فيها وفي لبسها؟ جرب تلبس لجام العفة، لجام العفة هيساعدك على غض بصرك وعفة نفسك من فتنة النساء، وهيساعدك تصوم من غير ما تكون واصي على لبس حد.. متوفر باللونين الأسود والبني". وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن "الإسلام دعانا إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوات بالاحتشام والعفة تندرج تحت "الأمر بالمعروف"، كما قال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ? أُولَ?ئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ? إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ". وأضاف ل"المصريون"، أن "دعوة "استر بنتك"، في مجملها طيبة، فالاحتشام والعفة أمر فطري داخل كل إنسان"، معربًا عن تأييده لمثل هذه الحملات. وأوضح أن "توقيت الدعوة مناسب للغاية للهدف، إذ قد يساهم شهر رمضان الكريم في إقناع غي المحتشمات بأهداف الحملة، ومن الممكن أن تجد قبولاً من البعض، فالقلوب تكون أكثر قربًا من الله تعالى". واعتبر أن "اللهجة العامية للدعوة مناسبة لهذا النوع من الحملات، فمعظم الحملات التي انتشرت مؤخرًا كانت بنفس النمط مثل "خليها تعنس – خليها تصدي".. وغيرها". ورأى أن "أي دعوة للفضيلة أو الاحتشام نحن نؤيدها ونباركها، فالاحتشام أمر واجب كل امرأة خارج رمضان وفي كل الأوقات". بينما اعتبرت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، وعضو مجلس النواب، أن أبلغ رد على مثل هذه الحملات هو الآية 30 من سورة النور: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ? ذَ?لِكَ أَزْكَى? لَهُمْ ? إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" والآية 31 فى قوله تعالى "قل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ". وأضافت "المصريون"، أن "التوجيه الإلهي يطالب الفتيات والشباب بغض البصر، فهو الحل لكل المشكلات التي نسمع عنها من تحرش وغيرها". وطالبت نصير، الفتيات بوجه خاص، ب "التزام بالتوجيه الإلهي والاحتشام في ملابسهن، حتى لا يقعن في موضع الشبهات"، راجية إياهن أن "يلتزمن بالاحتشام والبُعد عن ما يثير النفوس الضعيفة والمريضة، وأن يكنّ طائعات لما يأمر الله به حتى ينجون في الدنيا وفى الآخرة". بدوره، علق كاهن كنيسة العذراء، جبريال محب، بدماريس في المنيا، على حملة "بنات الملك ميلبسوش غير لبس ملوك"، التي نسبت لفتيات قبطيات بكنيسة العذراء بدماريس، في إطار الدعوة لارتداء ملابس محتشمة بعيدًا عن تلك المعروضة في الأسواق، مؤكدًا أنه فخور ببناته، كونهن أطلقن تلك المبادرة. وجاء في نص المنشور الذي كتبه جبريال محب، كاهن كنيسة العذراء: "بسبب اللبس الصيفى اللى نازل كنت أتمنى أن السنة كلها تبقى شتا.. ده قول لأبينا الغالي داوود لمعي، والقول ده انتشر السنة دي أكتر بسبب الموضات الغريبة الخالية من أي وقار، بس وسط ده كله تفاجئني بناتي "بنات العدرا بدماريس" بقرار أخدوه مع بعض إنهم يعملوا مبادرة في الصيف السنة دي وسموها (بنات الملك ميلبسوش غير لبس ملوك)، فعلا فخور بيكم وبحفاظكم على وقاركم، دمتم قدوة لكل البنات وصورة حية لبنات الملك، لو بنات كتير عملوا مثلكم هتجبروا المحلات أنها تنزل موديلات وقورة". وإثر ذلك، اشتعلت الجدل بين الأقباط بشأن تصريحات الكنيسة حول ملابس السيدات ومطالبتهن بالحشمة داخل أسوار الكنيسة، حيث انتشرت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي رفعت شعار "استرى نفسك فى الكنيسة.. خلى الناس تعرف تصلى". وفي حين زعم مروجو الحملة أنهم يستمدون تلك الأفكار من القمص داود لمعي، راعى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة في القاهرة، أعلن الأخير أنه غير مسئول عن أي حملات أو مبادرات استغلت اسمه أو ادعت أنها تحت رعايته. وأشارت الكنيسة إلى أنها لم تتدخل فى ملابس المسيحيات ولم تحدد أزياء معينة مثل "كم طويل" أو مقاسات محددة، ولكن طالبت بأن يكون اللبس غير خليع، لافتة إلى أن بعض التصرفات التى لا تليق تحدث فى الكنيسة وتحتاج إلى توجيه. وكانت عظة "لمعى" انتشرت على الجروبات والمنتديات القبطية، يقول فيها إن "قلبه يوجعه على الفتيات والسيدات اللاتي يدخلن الكنيسة بملابس غير لائقة لأن ذلك يؤكد عدم الخوف من الله، فهن لا يسعين لأخذ البركة، ولأنها معثرة لأنها تستهين ببيت الله"، قائلاً: "الملائكة تقف فى صلوات القداس خائفة تغطى عيونها وأرجلها فى حضرة الله، فكيف للبشر أن يتجرأوا على هذا اللبس الخليع؟ أشعر بأن كل رجل ترك زوجته ترتدي هذه الملابس سوف يُسأل أمام الله وإلا ليس له كلمة فى بيته". في المقابل، استغلت بعض الكنائس كلام "لمعى" ونشرت بوسترات على أبوابها بقوائم الملابس الممنوعة داخلها، وشملت: "الملابس القصيرة، التيشيرتات الكاشفة، الفساتين غير اللائقة، فساتين الأفراح المكشوفة، الجينز الممزق، الشورت والبرمودا، التيشيرتات الكت"، وذلك تحت شعار آية الإنجيل: "ألستم تعلمون أن أجسادهم هى أعضاء المسيح". وخلال السنوات الماضية، ظهرت مثل تلك الحملات داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وفي عام 2012، طالب الأنبا بيشوى، مطران كفر الشيخ ودمياط الراحل، المسيحيات بالاقتداء بالمسلمات في ملابس الاحتشام، وأصدر قرارًا يلزم الفتيات القبطيات اللاتي تزيد أعمارهن على 11 عامًا والسيدات بعدم ارتداء البنطال، أو وضع مكياج أثناء تقدمهن ل"التناول"، ما أثار عاصفة من الهجوم وصلت لتنظيم وقفة ضده داخل جدران الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، قبل أن يتراجع عن تصريحاته. وفى عام 2015، حذر المجلس الإكليريكى المحلى في إيبارشية ملوى وأنصنا والأشمونين للأقباط الأرثوذكس، المعنى بالأحوال الشخصية للأقباط، بشأن "ممنوعات ليلة الحنة"، والتى تشمل "الرقص الخليع، والدى جى، والمخدرات، والخمور". في حين، أصدر الأنبا بموا، أسقف السويس، فى 2015، تنبيهًا بإلزام العروس والمدعوات بالحشمة وارتداء "بورنص طويل" داخل الكنيسة أثناء مراسم الزواج، وألغى الزينة خلال الأفراح بالكنيسة. كما منع الأنبا يوؤانس، أسقف أسيوط، الفتيات من دخول قداسات الإكليل أو نصف الإكليل بملابس غير محتشمة فى الكنيسة، وأمر بتفصيل "بورنص" للحشمة ترتديه الفتاة قبل دخولها الكنيسة.