أصبحت خطوط إمداد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الممتدة على أكثر من ألف كلم من محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس، تشكل نقطة ضعف لتلك القوات وعبئا متزايدا عليها. وفي ظل استمرار المعارك، باتت قوات حفتر - يقود قوات الجيش في الشرق - هدفًا لغارات تنفذها مقاتلات حكومة "الوفاق" المعترف بها دوليا، وعرضةً لمرمى نيرانها، بل والسيطرة على بعضها. وتقوم قوات حفتر، بنقل السلاح والرجال والمؤن والوقود، من مدينة بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس)، جوا إلى قاعدة الجفرة الجوية (وسط)، ومنها تحمل في شاحنات وتنقل برا عبر طرق صحراوية طويلة إلى مدينتي غريان (100 كلم جنوبطرابلس)، وترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، ومنهما إلى منطقة قصر بن غشير (نقطة ارتكاز رئيسية في الضاحية الجنوبية للعاصمة). ومن قصر بن غشير، توزع الإمدادات إلى مختلف محاور القتال الرئيسية في، "مطار طرابلس الدولي" (القديم)، ومناطق "خلة الفرجان"، و"عين زارة"، و"وادي الربيع"، وسابقا في مدينة العزيزية وحي "السواني" (30 كلم جنوب غرب طرابلس) قبل أن تسيطر عليهما حكومة الوفاق. وخلال الأيام الأخيرة، أعلنت قوات الوفاق، السيطرة على أجزاء من مناطق حساسة في كل من منطقة "الهيرة"، التي لا تبعد عن مدينة غريان سوى بضعة كيلومترات، وقطع طريق الإمداد الرئيسي "غريان قصر بن غشير". والأربعاء، أعلنت "الوفاق" سيطرتها على أجزاء من منطقتي "سوق السبت"، و"السبيعة" (50 كلم جنوبطرابلس)، وذكرت أن جسر السبيعة، بات في مرمى نيران قواتها. ويعني ذلك أنه أصبح بإمكان قوات الوفاق قطع الطريق على إمدادات حفتر القادمة من غريان وحتى من ترهونة، اللتين تمثلان القاعدتين الرئيسيتين المتقدمتين في محيط طرابلس، ومنهما يتم تموين القوسين الشرقي والغربي للعمليات العسكرية. ومنذ بداية الهجوم على طرابلس، في 4 أبريل/ نيسان الجاري، ركز طيران "الوفاق" على استهداف مراكز وخطوط إمداد قوات حفتر، وتم قصف غريان عدة مرات. كما استهدفت "الوفاق" تمركزات "حفتر" في محافظة الجفرة (وسط)، ومنطقة "الشويرف" (على الطريق بين الجفرة وغريان)، وبلدة "مزدة" على نفس الطريق جنوب غريان، وبلدة "سوق الخميس" (55 كلم جنوبطرابلس على محور ترهونة قصر بن غشير). وبالمقابل لجأت قوات حفتر، إلى الاستعانة بمدنيين لتهريب السلاح إلى محاور القتال عبر نقاط سيطرة قوات الوفاق، وأعلنت الأخيرة استهدافها شاحنة إمداد تابعة لحفتر، في منطقة "بوابة السدادة"، جنوب شرقي مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، وسيطرت عليها بالكامل. وبسبب قطع طرق الإمداد، تعرضت مجموعات مسلحة لقوات حفتر، في الجبهات المتقدمة ب"عين زارة" و"وادي الربيع"، للحصار، ومع ذلك تم اللجوء إلى طرق زراعية وترابية لتموين هذه المجموعات. وتمكنت قوات الوفاق من السيطرة على آليات لحفتر في جبهات قتال متعددة، بعد نفادها من الوقود، الأمر الذي يعكس الصعوبات التي تواجهها قوات حفتر في تموين المحاور المتقدمة، ما يضعف فعاليتها القتالية. وتتجلى الصعوبات التي تواجهها قوات حفتر، بوجود أزمة وقود في كل من ترهونة وغريان، وتأثر المواطنين بهذه الأزمة، وانتشار التهريب وتخزين المواطنين للوقود، ما أدى إلى تذمر السكان وقلقهم من استمرار الأزمة منذ سيطرة قوات حفتر على مدينتهم. وسبق لقوات الوفاق أن هددت بمهاجمة "منبع" خطوط إمداد قوات حفتر على مستوى محافظة الجفرة، انطلاقا من قواتها المتمركزة في محافظتي سرت ومصراتة شمالا، وهو ما لم يحدث. وبالنسبة إلى خطوط إمداد قوات الوفاق لمحاور القتال فهي قريبة جدا، فطرابلس نفسها منطقة إمداد، إضافة إلى مدينتي مصراتة، والزاوية (50 كلم غرب طرابلس) وبدرجة أقل الزنتان (170 كلم جنوب غرب طرابلس). وهددت قوات حفتر بمهاجمة بلدة القربولي (40 كلم شرق طرابلس)، لقطع طرق إمداد مصراتة لجبهات القتال، لكنها لم تفتح هذا المحور. وتجلى تأثر قوات حفتر، بأزمة نقص الإمدادات، من خلال تقهقرها على أكثر من جبهة، خاصة في حي السواني وبلدة الزهراء ومدينة العزيزية (القوس الغربي)، وأيضا في عين زارة ووادي الربيع ومعسكر اليرموك والمطار القديم (القوس الشرقي). وفي 4 أبريل/ نيسان الجاري، أطلق حفتر عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس، في خطوة أثارت رفضًا واستنكارًا دوليين، إلا أن العملية لم تحقق تقدما ملموسا على الأرض، ولاقت عدة انتكاسات في بعض المناطق. ومنذ 2011، تعاني ليبيا صراعًا على الشرعية والسلطة يتركز حاليًا بين حكومة "الوفاق" في طرابلس (غرب)، وخليفة حفتر، الذي يقود الجيش في الشرق.