تعرفت على الشيخ خالد عبد الله قبل الثورة حين كانت حامية بيننا وبين متطرفى النصارى.. بعد أن كلَّت الأيدى من طرق أبواب الصغار نستنصرهم على من يسبون الدين وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .. وبعد أن ملَّ الحادى من استنفار الصغار أشرق الشيخ خالد وهو لا يعرفنا ولا نعرفه... ولم ترسخ قدماه في الإعلام كما هو الآن... وتبنى القضية وتحدث بجرأة... لم يكن الملفت للنظر جرأة الشيخ وحدها، بل أبدى حنكه في التعامل مع المتطرفين من النصارى، فراح يقول يومًا بعد يوم حتى لا ننقطع، وأبدى تضحية بنفيس لا يضحى به إلا القليل النادر.. إذ تعرض الشيخ لترك العمل أكثر من مرة... رجولة الشيخ خالد عبد الله مكنت من محبته فى قلبى. فصمت أذنى و"أعمت" عينى عن مثالبه... ولا أحسب أن سليم الطبع لا يحب هكذا رجولة. لم يكن موقفًا واحدًا، ولم يكن موقفًا يقف فيه مع غيره، ولم تكن قضيته الأصلية، ولم يكن فيها مغنم بل جاء المغرم مرة بعد مرة. وهذا الرجل صامد.. بل ويتقدم.. ويستعلى على التضحيات!! من يومها وأنا أتابعه، ووجدت شيئًا آخر: الرجل يخط خطا جديداً في الطرح الإعلامى الإسلامى... يقف بعيدًا ... منفردًا... عاليًا.. مستأسدًا. بضاعة الشيخ خالد عبد الله جديدة فى "الخط الإعلامى الإسلامى"، والإسلاميون كغيرهم مرضى بالتقليد، فحين ترصد نشاطهم وغيرهم أسوأ منهم ومرد الأمر للتنشئة الفكرية المتوارثة فى البيئة لا تجد أفكارًا جديدة كثيرة، وإنما فكرة أو فكرتين والباقى يقلد... تنشأ الفكرة هنا ثم تنتشر بنسخ مقلدة مع تعديلات طفيفة... والسؤال هو : مع شهرة الشيخ خالد عبد الله، وكثرة جمهوره لِمَ لم يتم تقليده إلى الآن؟، لِمَ لم تُستنسخ التجربة فى القنوات الأخرى بدافع النجاح وكثرة الجماهير؟؟، وهو الدافع، وهو المطلب عند عامتهم؟! الإجابة ببساطة لأنهم صغار، لا يتحملون التبعة... ليسوا أصحاب قضية فكرية، أو أصغر من البحث عن ذاتهم فى موطن رجولة... وإن تأخر هؤلاء عن التقليد يستحضر فى الخيال صورة العبيد بعد أن "حُرِّم" الرق دوليًا.. وقفوا بأبواب أسيادهم حينًا ينتظرون من يأمرهم ومن يصفعهم... إنهم عبيد.. إنهم صغار... ولو أن لي بهم يدين؟ لركبتهم وأركبت عليهم ... فاللّهم أجراً بنية. أنت الكريم. سبحانك.... وخلق الله الناس طباعًا، فمندسٌ فى الطين .. بين النساء.. أو تحت كثيرٍ من النساء.. يفاخر وكأنه فوق العنان!!، وشرس مقدام يفتح الله به، وله، وعليه، وربك خلاق... العجيب فى أمر الشيخ خالد عبد الله أنه لم يتراجع مع أنه يواجه جبهة عريضة "مكتملة" العدة والعتاد.. وقحة لا تعرف المروءة ولا تقدر أهلها... ولم ينصرف... لم تلن قناته.. كنت أقول فى نفسى: سيتعلل الرجل وينسحب، فالريح عاتية والعدو خسيس، والطعن من هنا وهناك... ولم ينصرف..!! فاللّهم انصره وأعنه وسدد على الخير خطاه.. اشتدت الحرب الآن على الشيخ خالد عبد الله ولم يصطف بجواره أحد من "شيوخ الصحوة" مع أن قضيته قضيتهم، مع أنهم "يبشرون" ليلاً ونهاراً بأن المعركة فكرية.. إعلامية.. معركة كلمة، مع أنهم أصحاب قنوات ومنابر.. مع أنهم أصحاب جماهير عريضة... وقفوا ينظرون ويشجعون.. يقولون: مشغولون... ووالله ستحاسبون فلا أدرى بم تجيبون؟! حتى أولئك الذين منَّ الله عليهم به فعرفهم الناس من برنامجه، وأنا منهم، وأعتذر عن تأخرى فى الوقوف بجواره بقلمى، ولن أنصرف إن شاء الله تأخروا عنه.. انشغلوا بأنفسهم وبقضايا أخرى... ورد الجميل واجب، وتأبى المروءة... فهل يعقلون؟؟ أحسب أن أهم ما صنعت يد الشيخ خالد عبد الله هو تقديم جيل الوسط السلفى، سواءً الثورى منه حقيقة أو أدعياء الثورية من المخلفين المتأخرين المنتسبين مؤخرًا للثورة للساحة الدعوية.. وإيجاد ظاهرة جديدة فى الوسط الدعوى.. أو بالأحرى دعم الظاهرة الجديدة التى شبت واشتدت فى الساحة الدعوية.. فليته يمضى، فلم يعد يحتاج لمشهورين يرفع بهم رصيد البرنامج... وإن فى المنابر العفنة من أمثال "اليوم السابع" و"المصري اليوم" وأمثالهم آية، فهم يعتمدون على الفعل (القضية) لا على الأشخاص فعامتهم "صغار". أمر إن استقام للشيخ تضاعف جهده واستقامت قناته، وهو فريق العمل: لابد أن يكون متفرغًا، ومختصًا، ومحبًا.. والثلاثة معًا، والنفقة على متفرغ مختص محب أفضل من النفقة على ثلاثة غير متفرغين وإنْ مختصين وإنْ محبين.!! حرام عند العارفين أن يتواجد فى إدارة البرنامج "مضطرب نفسيًا"، يوم هنا ويوم هناك، مختنق بالكاد يبين، يخفى العي تحت غريب اللفظ.. ويقول: أديب!! وفضلاً عن ذلك فإنه فى وديانها، تائه هنا وهناك... ممزق... أشلاء.. مؤدلج.. متعصب لفصيل صغير يلهث وراء صغاره بحثاً عن قوت يومه.. وربي الرزاق ذو القوة المتين.. وحفظ العرض.. واحترام الفكر أثمن وأبهى.. وأشهى وأحلى، فهل يفهم "الصغير"؟!... أقول: ما شأن هذا والسياسة؟؟ إن قرنت يد هذا بيد غير المتفرغين وأُخرجوا استقر الأمر، وجد السير... فهيه يا شيخ خالد... نعم أعرف منه وأنكر، كما غيره، وأشد ما أنكر منه موقفه من الشيخ حازم صلاح، وودت لو أن كلماته التي قيلت فى هذا الشأن لملمها أحدهم ودفنها فلا تُسمع ولا تُروى، ولكن الرجل رجل.. حين استقامت لحازم وقف مع المجموع لم يشاكس ولم يكابر.. وعلا صوته بأنه مع الإجماع. فأتنى بمثله أُقبل بين عينيك.