شعر بعض الأخوة الإسلاميين فى بلاد الشام بالمرارة والأسى من مواقف إخوانهم الإسلاميين فى عالمنا العربى والإسلامى تجاه الثورة السورية، وخصوصًا إسلاميى دول الربيع العربي، وتحديدًا الإسلاميين فى مصر، وفى مقدمتهم (الإخوان المسلمون) وظن إسلاميو سوريا الحبيبة أن إخوانهم خذلوهم وأن ما استجد لهم من مصالحهم الخاصة المحدودة والضيقة شغلهم عن المصلحة العامة للأمة الإسلامية، وسوريا فى القلب منها!!. وأتفهم جيدًا هذه المشاعر السلبية الغاضبة التى سيطرت على الإخوة الكرام فى سوريا العزيزة، والحقيقة أنهم معذورون تمامًا فيها؛ لأن أغلب ردود أفعال الشعوب العربية وخاصة الإسلاميين تجاه الثورة السورية المظفرة كانت مخيبة للآمال، أو على الأقل لم تكن على المستوى المطلوب من التعاطف والنصرة الفعالة وفاءً بحق إخوانهم المستضعفين من الشعب السورى الأبي. ومع ذلك فعلى الإخوة الكرام فى سوريا أن يلتمسوا الأعذار لإخوانهم فى مصر وغيرها ويظنوا بهم خيرًا، وأن يثقوا تمامًا أن سوريا الحبيبة فى قلوب جميع إخوانهم من العرب والمسلمين، ولا يمكن أن يخذلوهم أبدًا، وليدركوا أن هناك عدة أسباب مهمة ساهمت فيما نلاحظه من ضعف المساندة للثورة السورية، من بينها: نجاح الدعاية الإعلامية لنظام الأسد الدموى القمعى فى تسويق نفسه على أنه نظام مقاوم للصهيونية والعربدة الغربية فى المنطقة العربية. تضليل نظام الأسد للرأى العام العربي، وإيهامه بأنه يدعم حركة حماس والجهاد الإسلامى فى فلسطين. التباس الوضع فى سوريا وغموضه على الكثيرين بسبب خداع لغة الخطاب القومى العربى الذى يتبناها النظام السورى منذ عقود طويلة. انشغال الإسلاميين فى العالم العربى بهمومهم الخاصة والتحديات الشرسة التى تحيط بهم من كل جانب. عدم اكتمال ثورات الربيع العربى حتى الآن، وتعرضها للعديد من المؤامرات الخطيرة فى الداخل والخارج. انقسام المعارضة السورية على نفسها، وتأخرها فى تبنى خطاب موحد، وعدم قدرتها حتى الآن على طمأنة القوى الإقليمية والدولية على مصالحها. وجود مخاوف حقيقية لدى الكثيرين من وقوع سوريا لا قدر الله فى أتون الحرب الأهلية. الحذر والخوف الشديد من سقوط الدولة السورية ذاتها وتفكُّكِها قبل سقوط نظام الأسد الفاجر، وتعرض الوطن السورى نفسه للتشظِّى والانقسام. تعقد الوضع السورى بسبب كثرة الطوائف، والخوف من انهيار التماسك الهش لفسيفساء المجتمع السورى، وانزلاق السوريين لا قدر الله لصراع طائفى لا تحمد عقباه. الخوف من انفجار الأزمة السورية وامتداد لهيبها إلى الإقليم برمته، الأمر الذى يهدد باندلاع حروب مدمرة فى المنطقة، واشتعال فتن مذهبية لا تنتهي...!! وقد بدد خطاب الرئيس الدكتور محمد مرسى الرائع والموفق فى قمة دول عدم الانحياز فى طهران مخاوف الثوار السوريين، فقد أعلن بوضوح تام وقوف مصر شعبًا وحكومة وقيادة إلى جانب أشقائهم السوريين، وشدد على ضرورة الحفاظ على سوريا دولة قوية موحدة، يتمتع فيها جميع السوريين بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، كما رفض بقوة وحزم أى تدخل خارجى فى سوريا حمايةً لوحدة الوطن السورى وحفاظاً عليه من الاستقطاب الإقليمي، والسقوط ضحية صراع المصالح الدائر فى المنطقة...!! ولا شك أن الثورة السورية المنصورة بإذن الله تعالى قد اكتسبت بشكل رسمى بعد خطاب مرسى الواضح والحازم حليفاً قويًّا هو مصر، وقد أثلجت كلمات مرسى صدور الجميع من ثوريين وقوميين وإسلاميين (سلفيين وإخوان) وبقى الآن ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال ناجزة فى أرض الواقع. وحتى لا نحمِّل رئيسنا المحبوب الدكتور محمد مرسى ما لا يطيق، أو نكلِّفه بما لا يُحتَمل فعلى جميع القوى تحمُّل مسئوليتها، على الأفراد والجماعات والأحزاب القيام بدورها فى نصرة الشعب السورى الشقيق، ولو بالدعاء له وهذا أضعف الإيمان، وعلى الكُتَّاب والمثقفين المساهمة الجادة فى دعم ومساندة الثورة السورية بطرح المبادرات والاجتهاد فى تقديم المقترحات الجادة والبناءة، لعل الله تعالى يفتح على بعضنا بشيء مفيد ينفع أشقاءنا السوريين، ويحفظ بلاد الشام من الخطر المحدق بهم ومما لا تحمد عقباه، وفى هذا الصدد أقترح الآتي: تفعيل المبادرة المصرية الرباعية فورًا للتدخل السريع لحلحلة الأزمة السورية، والبحث لها عن حلول عملية سريعة توقف نزيف الدم السورى بأسرع وقت ممكن. دعوة كافة المنظمات الدولية المختلفة للتحرك العملى العاجل لإنقاذ السوريين من المجازر البشعة التى تودى بحياة المئات منهم يوميًا. التنسيق مع تركيا والأطراف الفاعلة الأخرى للإسراع فى إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا يلجأ إليها الشعب السورى ليحتمى بها، ويمنع طيران الأسد من التحليق فوقها أو قصفها بالدبابات والمدافع. تذليل كافة العقبات أمام النازحين السوريين، واستقبال الأسر السورية والترحيب بهم، وتقديم كافة أشكال الدعم لهم، وإنشاء المخيمات الجاهزة لإيوائهم والعناية بهم. التنسيق مع قطر والسعودية والأردن ولبنان وتركيا والعراق لتوفير كافة الخدمات التى يحتاج إليها اللاجئون السوريون، وتوفير الدعم الطبى لهم وغيره من الخدمات التى يحتاجون إليها. إيجاد آلية دولية لتدريب الجيش الحر ودعمه وتسليحه للتسريع بسقوط نظام الأسد وشبيحته. العمل على طمأنة جميع الطوائف السورية على مصالحها وأمنها واستقرارها ودفعها للنأى بأنفسها عن نظام بشار الظالم المستبد. السعى إلى تفكيك التحالف الاستراتيجى بين إيران ونظام الأسد من خلال الضغط عليها، وإقناعها بأن مصالحها العليا لن تتضرر بزوال هذا النظام، وأعتقد رغم الصعوبة الكبيرة أن السياسيين الحاذقين عندما يتعاملون على المكشوف مع الطرف الإيرانى (وغيره من الأطراف...) ويتفاوضون داخل الغرف المغلقة فبإمكان الجميع التوصل إلى حلول وسط توقف نزيف الدماء السورية، وتحفظ سوريا من التفكك والسقوط، وتطمئن الجميع على مصالحه، وتضمن بذلك عدم نشوب حروب شعواء فى المنطقة...!! قيام الأحزاب المصرية بالتواصل المستمر مع سفارتى روسيا والصين للإعراب عن استنكار الشعب المصرى الشديد لدعم دولتيهما لنظام بشار الأسد، وبيان خطورة هذا المسلك على مصالح البلدين الحيوية فى مصر والعالم العربى والإسلامي. تكثيف المظاهرات المليونية المساندة للشعب السوري، والضغط بكل السبل على نظام بشار المستبد الظالم للتسريع فى سقوطه وزواله. مواصلة الضغط الشعبى المكثف على جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن... لدفع المجتمع الدولى إلى سرعة التدخل الفعال؛ لإزاحة نظام الأسد، وتخليص سوريا من شروره وفساده. الضغط على المعارضة السورية لتوحيد مواقفها، والعمل على دمج الثوار السوريين فى الداخل تحت قيادة واحدة، وتنظيم عملياتهم العسكرية، والتنسيق فيما بينهم من أجل إدارة عملياتهم بشكل محترف يمكِّنهم من إحراز النصر العاجل على عدوهم. [email protected]