قيادة جماعة الإخوان لمصر فى مرحلة "الاستشفاء" بواسطة انتماء الرئيس محمد مرسى إليها ستكون لها مكاسب كثيرة، تحدثت عنها عندما قررت الجماعة ترشيح خيرت الشاطر بداية ثم مرسى لاحقا عقب رفض اللجنة العليا للانتخابات الأول. الآن يظهر أن ذلك الرأى كان صحيحا وستثبت الأيام صحته أكثر وأكثر، بعيدا عن مزاعم الأخونة التى يغرق بها المجتمع بعض السياسيين والإعلاميين وميليشيات الفيسبوك وتويتر. صعود رجب طيب أردوغان بتركيا إلى دورها الإقليمى الذى تستحقه وسماه خصومه "العثمنة"، نسبة إلى الخلافة العثمانية، لا يختلف عما يواجه مرسى اليوم من اتهامات "الأخونة" نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين. لذلك يجب أن يستفيد مرسى من الأسلوب الذى واجه به أردوغان فزاعات "العثمنة"، فهو لم يتردد فى القول إنهم "أحفاد العثمانيين". ومضى فى إصلاحاته الديمقراطية بذكاء شديد مخلّصا تركيا من العسكرة الصارمة والعلمانية المتطرفة، وإن تعامل مع النظام العلمانى بتصرف ينطوى على قدر كبير من الفطانة، فقد فسرها تفسيرا مختلفا يناسب توجهاته وحزبه ذى الجذور الإسلامية، وفى الوقت نفسه لا يضع تركيا فى قلب بركان مدمر نتيجة التحريض المستمر ضده من العلمانيين وكهول أتاتورك. قوة جماعة الإخوان المسلمين وخبرتها السياسية الطويلة قادرتان على تكرار التجربة الأردوغانية فى مصر، فالبلدان متشابهان والقوتان متقاربتان للغاية، والعاصفة العلمانية الرافضة التى أحاطت بأردوغان، لم تقل عن تلك التى يواجهها مرسى منذ اعتلائه كرسى الحكم عبر انتخابات نزيهة. خطابا مرسى بمكة المكرمة، فى المؤتمر الإسلامى مؤخرا، ثم فى قمة عدم الانحياز بطهران، يبشران بخط مصرى مستقل داخل الإقليم، وبقوة قديمة ستعود للصعود تتشكل من مصر وتركيا، سيكون لها دور فى تغييرات جيوسياسية كبيرة فى المنطقة لن تنال من استقلال أى من دولها، لكنها ستتطهر من التبعية التى فرضتها الولاياتالمتحدة طوال الأربعين عاما الماضية. يقوى هذا التوجه ما تتمتع به جماعة الإخوان المسلمين من شخصية اعتبارية دولية لها احترامها وتقديرها، على الرغم من الرفض الخائف من نفوذها وامتداداتها الإقليمية، بالإضافة إلى القوة الجديدة المستعادة لتركيا من داخل الرحم العثمانى. [email protected]