كلما تعاظمت الخطوب والمكائد التى تحاك لبلادنا وما قد يدخل قلوبنا من خوف ونفوسنا من زلزلة وتنتابنا الظنون مع السير فى اتجاه إزالة مسئولى الطغيان والفساد وفى هؤلاء مَن هم على شاكلة نيرون وهناك مَن هم على شاكلة يهود المدينة وهناك مَن على شاكلة منافقيها. أتذكر تلك الرؤيا من عدة سنوات ونبى الله يخطب فينا أننا مهما تكاثر علينا الأعداء ومهما حدث للمسلمين فإنهم لمنتصرون فى النهاية ضاربًا المثل بنفسه وما حدث يوم الأحزاب من تحزب القبائل وكيد الخائنين وإرجاف المرجفين المنافقين ولكنه لم يدخل قلوبهم ولو للحظة أى شك فى نصر الله وكانوا على يقين بنصر الله وظل يردد كلمة يقين ونحن نردد خلفه. وما تزال تلك الوقفة العجيبة يوم الأحزاب وفى أحلك اللحظات التى بلغت فيها القلوب الحناجر تنير العقول والقلوب. فعن البراء بن عازب قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق قال: وعرض لنا صخرة فى مكان من الخندق لا تأخذ فيها المعاول قال: فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله قال عوف: وأحسبه قال: وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول فقال: باسم الله فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكانى هذا ثم قال: باسم الله وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكانى هذا ثم قال: باسم الله وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكانى هذا)) أخرجه أحمد من حديث البراء بن عازب. إنه عليه الصلاة والسلام لا يقرر أنهم سينتصرون فى تلك المعركة، بل يعدهم بفتح العالم شرقًا وغربًا أى يقين هذا بنصر الله. ومع شدة الكرب وعظم البلاء ما زاد المؤمنون على أن قالوا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً﴾ أما المنافقون فقد قالوا: "ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً". وقَالَوا أيضا: أَلَا تَعْجَبُونَ يُمَنِّيكُمْ وَيَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ، وَخَبَّرَكُمْ أَنَّهُ يُبْصِرُ مِنْ يَثْرِبَ قُصُورَ الْحِيرَةِ وَمَدَائِنَ كِسْرَى وَأَنَّهَا تُفْتَحُ لَكُمْ، وَأَنْتُمْ إِنَّمَا تَحْفُرُونَ الْخَنْدَقَ مِنَ الفَرَقِ وَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَبْرُزُوا. وكأنما ينظر المنافقون إلى المؤمنين نظرة من ينظر إلى مجموعة من المجانين. ولقد عاش من كانوا حاضرين حتى رأوا ذلك حقيقة وواقعًا, فرأوا مدائن الفرس والروم. ألا ليصمت الذين يخوفون الناس والمرجفون والذين يحسبون كل صيحة عليهم. ألا ليصمت من يريدون الفتنة، ومن تدور أعينهم من الخوف ومن يخوفوننا بالذين من دون الله. فهل نتيقن بالنصر مهما كانت المكائد والمكر السيئ وإن غمزنا المتغامزون وسخر الساخرون والمرجفون وإن نظروا إلينا كمجانين لا نخضع لمقاييس بشرية نمطية. (تشبع بحب الله إلى حد الجنون، اِرقَ على كل المعادلات وتسامَ على كل المقاييس، ارفع شعار الثورة ضد كل مألوف، واهتف كما هتف الرومى "هلمّ إلى يا إنسان"، ثم امضِ ولا تفكر بسعادتك الشخصية. أجل، اِنس رغد الحياة، انس البيت والولد، واسلك درب أهل السمو لتكون من الناجين..) فتح الله كولن. ولسوف تملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله..!!