باتت مقاطع الفيديو ومشاهد الاعتداء وتعذيب الأطفال داخل بعض الحضانات ودور الرعاية, من قبل العاملين فيها, أمرًا معتادًا ومتكررًا خلال الآونة الأخيرة, ما دفع نائبة برلمانية إلى المطالبة بوضع شروط صارمة على اختيار العاملين في الحضانات ودور الرعاية؛ حتى لا تتكرر تلك الوقائع التي أثارت غضب المصريين. وقالت سعاد المصري، عضو مجلس النواب في بيان لها، إن الهدف من هذه الشروط أن يكون العامل في دور الرعاية والحضانة مؤهلًا للتعامل مع الأطفال وقاطني هذه الدور، لتفادي حدوث مشاكل للأطفال قد تلازمهم طوال حياتهم، وتجعلهم عرضة للأفكار المتطرفة والإرهابية وغيرها من المخاطر، حتى يكونوا نواة جيدة للمجتمع. واقترحت عضو مجلس النواب, تشكيل لجنة من وزارة التربية والتعليم، والتضامن الاجتماعي، والطب النفسي؛ لاختبار العاملين في الدور، بداية من العمال والمشرفين والمربين؛ للوقوف على قدرتهم على التعامل مع الأطفال وقاطني دور الرعاية، والجهة غير الملتزمة يتم تحذيرها ثم غلقها إن لم تستجب بعد ذلك. من جانبها، قالت الدكتورة بثينة عبد الرءوف, الخبيرة التربوية, إن "تعذيب الأطفال داخل الحضانات أو دور الرعاية أضحى ظاهرة منتشرة ومثيرة للقلق؛ خاصةً أن الضحايا أطفال لا ذنب لهم, ولا يستطيعون مواجهة تلك السلبيات الخطيرة التي تهدد حياتهم". وأضافت ل"المصريون"، أن "الحضانات عبارة عن سبوبة من أجل الربح المادي, دون معرفة الطرق السليمة في التعامل مع الأطفال, لذلك نشاهد من وقت لآخر فيديوهات منتشرة عن تعذيب أطفال داخل الحضانات ودور الرعاية". وأوضحت الخبيرة التربوية, أن "تعذيب الأطفال يرجع لعدة أسباب، من بينها عدم مهنية الأشخاص في التعامل مع الأطفال, لكونهم ليسوا تربويين", مطالبة وزارة التضامن بأن تفصل بين الإدارة والعاملين، على أن "يتم اختيار العاملين من خريجي الخدمة الاجتماعية وعلم النفس للتعامل مع الأطفال بطريقة بعيدة عن العنف". وأيدت الخبيرة التربوية، طلب النائبة سعاد المصري بتوقيع الكشف النفسي على العاملين بالحضانات, وعمل اختبارات لهم؛ "فإذا كان الشخص لديه ميول للعنف وسوء المعاملة لا يتم اختياره, وذلك للحد من انتشار تعذيب الأطفال". في السياق نفسه قال الدكتور جمال شحاتة، أستاذ علم الاجتماع, وأحد العاملين في أدوار رعاية أطفال الأيتام سابقًا, إنه "قبل إجراء أي كشف نفسي على العاملين يجب أن يتم اختيار العاملين من داخل تلك الأماكن من التربويين خريجي كلية التربية والخدمة الاجتماعية". وأوضح في تصريح إلى "المصريون"، أن "القانون يشترط عدم العمل إلا إذا كان المؤهل تربويًا, وأن يكون اجتاز مقابلة مع خبراء تربويين ونفسيين"، مشيرًا إلى أن "غياب إشراف وزارة التضامن عليها أدى إلى انتشار التعذيب". وأشار إلى أن "الإشراف دائمًا ما يكون شكليًا؛ حيث يأتي المفتش ويلقي نظرة على الدفاتر وما تم استهلاكه, أما الرعاية الصحية الخاصة بالأطفال لا تهمه في شيء". وقال إن "هناك العديد من الجمعيات التي تهدف إلى العائد المادي وليس رعاية الأطفال، وتظاهر صاحب الجمعية بأنه رجل خير ويقوم بعمل إنساني". وتابع شحاتة: "المعلمون والمشرفون في تلك الأماكن ليس لهم علاقة بالتربية والإشراف التربوي ولا يجيدون التعامل مع الأطفال", موضحًا أنه في "بعض الأحيان يأتون بفتاة "عانس"، تمر بالعديد من المشاكل النفسية لتربية الأطفال, بجانب أنه لا توجد متابعة من الأهالي, أو انشغال الأبوين بالحياة المعيشية". وأشار أستاذ علم الاجتماع، إلى أن "عدم وجود عقوبة رادعة تطبق على من يقوم بهذا الفعل الشنيع؛ أدى إلى تكراره", لافتًا إلى أن "هناك جرائم تتم ويتم التستر عليها خوفًا من الفضيحة مثل الاغتصاب". وقالت النائبة كارولين ماهر، عضو لجنة التضامن بمجلس النواب، إنه "لا توجد رقابة حقيقية على الحضانات في مصر، موضحة أن القانون المنظم قد حدد بعض المعايير الواجب توافرها في الحضانات، لكنها غير مطبقة". وأضافت في تصريحات متلفزة، "أن القانون قد ألزم الحضانات بوجود أخصائي اجتماعي، إلى جانب طبيب وممرضة، وسكرتيرة وأمين مخزن ومشرف"، متابعة: "فين الرقابة الكافية؟ إحنا لو بصينا في كام حضانة فيها الكلام ده، هنلاقيهم معدودين اللي بيتبعوا هذه الخطوات". وأوضحت أنه "ينبغي أن تكون هناك رخصة مزاولة مهنة لأي فرد يمارس عملًا في أي مؤسسة اجتماعية، كالحضانات أو دور المسنين"، معقبة: "لازم يكون حد متخصص عارف إزاي يتعامل مع الفئة دي، وفاهم الصعوبات اللي بتواجهها". وذكرت أن الحضانات هي مؤسسات تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي إذا كانت مرخصة، أما بالنسبة للحضانات غير المرخصة، فإن وزارة التنمية المحلية تكون هي المعنية بمتابعتها بصفتها مسئولة عن الرقابة على أي أنشطة غير مرخصة.