أى إعلامى حر.. كبير أو لا يزال فى أول الطريق فى أى موقع من هذا الوطن، يجب أن يكون ضد سياسة مصادرة حرية الرأى والفكر، ضد قهر الكلمات وقصف الأقلام، فحرية التعبير حق يكفله الدستور ويحميه القانون، بما فى ذلك قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980 وهو القانون الذى جعل من الصحافة سلطة رابعة بجانب السلطات الرئيسية الثلاث، التشريعية، القضائية والتنفيذية، ولكن القانون نفسه عرف هذه السلطة الصحفية، بقوله إن الصحافة هى سلطة عامة مستقلة تؤدى مهمتها بحرية للخدمة العامة "أى أن الصحافة سلطة بشرط أن تكون موجهة للخدمة العامة، خدمة هذا الوطن وهذا الشعب، وليست الصحافة الموجهة لخدمة خاصة، أو تحقيق منفعة شخصية على حساب الوطن والشعب، وليست الصحافة مأجورة الأقلام، المباعة لأعداء الوطن خارج الحدود أو بالداخل، ليست الصحافة الحنجورية" صاحبة الظواهر الصوتية، مؤججة نيران الفتن، ومخلخلة أمن الشعب واستقرار مصر. وكما أن الحرية مكفولة للجميع يا سادة، فإن للحرية أيضا حدودًا يجب ألا تتجاوزها وإلا أصبح لها اسم آخر وهى الفوضى والهمجية، وحدودها هنا مصلحة الوطن والمساس بأمنه واستقراره، وكما أن المعارضة مكفولة للجميع الآن خاصة فى عهد ما بعد الثورة، فإن أيضًا للمعارضة أصول وفن وذوق، فالمعارضة لمجرد المعارضة أمر مرفوض، والمعارضة لمجرد الشهرة وإثبات الوجود والقدرة على التطاول أمر أيضًا مرفوض، المعارضة يجب أن تكون موضوعية، والنقد يجب أن يكون بناءً ومبنيًا على أسس وقواعد، لا يمكن أن تكون الحرية سببًا ودافعًا لسب مخاليق الله وقذفهم والتطاول عليهم، لا يمكن أن تكون الحرية سببًا للخوض فى ذمم البشر وأعراضهم وحياتهم الشخصية بلا مبرر أو سند موضوعى، أو بلا دافع منبثق من المصلحة العامة أو مصلحة الوطن لكشف فساد ما. نحن نرفض المصادرة الإعلامية وقصف الأقلام، ومن أخطأ وتجاوز، فهناك قانون يجب أن يحاسب بموجبه، ولكن قبل هذا علينا أن نرفض الفوضى الإعلامية والهمجية والغوغائية، علينا أن نقف مع أنفسنا، أن نراجعها ونحاسبها، أن نقرأ أولاً ما تكتبه أقلامنا قبل طرحة على البشر، أن نقرأه بضمائرنا، بعقولنا الواعية، واضعين مصلحة هذا الوطن نصب أعيننا، ولا مصلحة أخرى فوقه، المال يذهب ويجيء يا سادة، والمناصب تذهب وتجيء، والشهرة أيضًا، ولكن حين يذهب كل هذا، يبقى فى دنيانا نحن معشر الإعلاميين صدى ما قلناه، تلك الكلمات التى كتبناها وروجناها، وخدعنا بها الآخرين وغررنا بهم، أو هديناهم بها ونورنا لهم طرقهم وكشفنا بها الفساد والمفسدين، الكلمة أمانة فى أعناقنا، وسنطوق بما كتبنا وبما قالت ألسنتنا فى الآخرة، وقبل الآخرة سيكون عقابنا فى الدنيا جزاء بما كذبنا وزيفنا، احتقار الشعب لنا ودفعهم لنا إلى مزبلة التاريخ. علينا جميعًا فى تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر وتحولها الديمقراطى ما بعد الثورة، أن نضع نقطة ونتوقف أمامها، لنبدأ من أول السطر، نبدأ مع أنفسنا من جديد، نحاسبها قبل أن يحاسبنا الآخرون، أن نضع لنا قانونًا خاصًا بنا للرقابة على أقلامنا قبل أن ننظر للقانون الوضعى والجنائى ونخافه، ليس علينا استغلال أقلامنا، وفضائياتنا لبث الأكاذيب والاتهامات والسموم لمجرد مكاسب شخصية، بل علينا أن نعيد النظر، ذاكرة الشعوب لا تنسى وستحاسبنا، وسيبقى ما كتبناه وقلناه كالظل يلاحقنا، أرجوكم ضعوا مصلحة هذا الوطن قبل وبعد كل شىء نصب أعينكم الكلمة أمانة وقد حملتموها، لا تتاجروا بالأمانة ولا تزايدوا، ولا تجعلوها خناجر مسمومة توجه للآخرين دون وجه حق بغية الشهرة والثراء فترتد إلى حناجركم، حاسبوا جميعًا أنفسكم ماذا قدمت أقلامكم لخدمة هذا الوطن لا هدمه.