كشفت الصحيفة الألمانية Correctiv " كورّكتيف " عن فضيحة "الاستعباد الجنسي"، والتي تعتبر جزءا أساسِيا من الحياة اليومية المسكوت عنها في حقول منطقة "ويلفا" الإسبانية منذ سنوات. وقدمت الصحيفة في إطار سلسلة من التقارير الاستقصائية بالتعاون مع منظمة حقوقية سويسرية، تتابع مشاكل شريحة مُعيّنة من النساء المُستضعفات في المغرب (النساء الحمّالات على حدود مليلية) وفي إسبانيا وإيطاليا (الفلاحات المَوسِميّات) ونجحت في توثيق شهادات عن الاستغلال الجنسي والمهني الحاصل في حقول الفراولة في محافظة ويلفا في جنوب غرب إسبانيا. منذ عشر سنوات تقريبا، اقتحمت جريدة الباييس حاجز الصّمت الذي يحكم مجال تلك المساحات الفلاحية الشاسعة وأثارت مُعطيات عمّا يُشاع عن الجرائم المُقترفة في حقّهنّ، إلّا أنّ التكذيب من طرف أصحاب الأرض و"العاملات" أغلق باب التحقيقات حينها. ورغم ذلك تواصل اجتهاد بعض الصحفيين من داخل إسبانيا وخارجها للاستدلال بإشارات تُثبت حقيقة وخطورة هذا الموضوع. دلائل وصفتها الدّوائر الرسمية بالهَشّة في ظلّ غياب شهادات مُوثّقة لضحايا فعليين. وفجرت شهادات المغربيّات التي نشرتها الجريدة الألمانية انتقادات كبيرة وعجّلت بتحرّكات النقابات والصحف لالتقاط تصريحات الضحايا قبل ترحيلهن. وتفيد التفاصيل بأن مزارع الفواكه الحمراء (الفراولة أساسا) في ويلفا بلغت عائدات صادراتها السنة الماضية 920 مليون يورو وتُشغّل قرابة 32 ألف عامل موسمي مُستورد (نساء أساسا)،17 ألفا منهم من المغرب ضمن اتفاقيات عمل مؤقت دقيقة الشروط تصل لثمانية أشهر في السنة. وحسب تقرير الجريدة الألمانية والباييس الإسبانية، تقع هذه الضيعات في مناطق بعيدة ومعزولة عن المناطق العمرانية، وفيها تُقيم العاملات الأجنبيات في غرف جماعية مُتراصّة. ويتمّ التنقل إلى القرى المُحيطة في أيام العُطل (إن وُجدت) بحافلات تُوفّرها إدارة الضيعة التي تُسجّل أوقات دخول وخروج كل الأشخاص. كما تتمركز على محيط هذه الضيعات فِرق من البوليس الإسباني في إطار "ضمان أمن" المناطق ذات الكثافة العالية، باعتبار السّبعة آلاف هكتار تُشغّل إجمالي 70 ألف شخص ما بين إسبانيين وأجانب. مع دخول بولونيا ورومانيا وبلغاريا الاتحاد الأوربي، غادرت عاملات هذه البلدان العمل الفلاحي بمقاطعة الأندلس كاملة دون رجعة. وقد أكّدت شهادات الضّحايا مثلا، أنّ الاتّفاق يتمّ في البداية على أنّ تصرف الأجور حسب عدد ساعات مزاولة العمل، لكن عمليّا، يتمّ اقتطاع ثلث ما تتوقّعنه من الربح الصافي دون تقديم تفسيرات، وكل من تعبّر عن اِمتعاضها تُعاقب في البداية بحرمانها من العمل وتركها حبيسة الغرفة حتى طلب المعذرة، وإن لم تفعل تُرحّل مباشرة. أمّا حالات التحرش والاغتصاب فقد أفادت شهادة إحداهن، وبعيدا عمّا تعرضت له هي، بأن أحد المتهمين وصل به الحد لمضاجعة واحدة مختلفة كل ليلة مع الحرص على تصويرهن وضمان صمتهن. وأفادت شهادات 10 مغربيات و3 إسبانيات على اتّهام أشخاص (مغاربة وإسبان) بأعينهم في هذه الشبكة بدءا بتهمة الاستغلال والمساومة حتى الاغتصاب. . كما اعتمدت الجريدة الألمانية أيضا على مُعطًى آخر يتمثل في أرقام وفّرتها الدوائر الصّحية تُفيد بأن معدل عمليات الإجهاض في تلك المحافظة هو الأعلى في إسبانيا منذ أكثر من عشرين سنة، وأن أكثر من 90% منه السنة الماضية أجريت على عاملات جني الفراولة. العجيب رغم ذيوع صيت سوء سُمعة هذا القطاع، مازالت جحافل المغربيات تتقاتل أمام مكتب الانتدابات (الوسيط) في المغرب لنَيل ولو أيام معدودات في هذه الضيعات بسبب الفقر الشديد، الأمر الذي جعل أغلب النقابات العمالية المغربية تتكاتف لنُصرة هذه الشريحة المُستضعفة.