السيدة تهانى الجبالى تقول إنها حمت مصر من الأفغنة والصوملة، وأن لها فضلاً على المصريين يتمثل فى منعها لتيارات الإسلام السياسى والتى هى فى نظرها مصدر التخلف والإرهاب من الرجوع بمصر إلى الوراء، طبعًا هى تعلم أن لدى المصريين حساسية مفرطة من كلمات بعينها مثل أفغانستان والصومال وحماس وغيرها، لذلك فهى تستخدم هذه الكلمات لاستدرار عطف الناس نحوها؛ لأنهم فى هذه الحالة سيكونون مدينين لها بحياتهم، واستقرار أوضاعهم، والمحافظة على الدولة والمجتمع من التفكك والانهيار كما هو الحال فى البلاد التى تمثل عند معظم المصريين نماذج التطرف والعنف والفوضى. لا يشغلنى فى شىء البحث وراء التصريح، وعما إذا كان يمثل وجهة نظر صادقة من صاحبته أم لا، بمعنى أنها هل هى حقًا تعتقد أن التيارات الإسلامية المقبلة على حكم مصر تمثل التطرف والتخلف أم أنها تسوق هذه الأمثلة فقط للتفزيع والتخويف، الثابت لدينا جميعًا أن تهانى الجبالى جزء من نظام مبارك البائد، ومن الطبيعى أن تستخدم نفس أساليبه لتخويف الناس من الديمقراطية، فى الغالب هم يقومون بذلك لتبريرأفعالهم المشينة والإجرامية المتمثلة فى محاولة إلغاء إرادة الشعب وفرض الوصاية عليه. الذى يشغلنى أكثر هو رفع الظلم المعنوى الذى تتعرض له الشعوب المقهورة كالأفغان والصوماليين والفلسطينيين، هؤلاء يتعرضون للظلم مرتين، مرة من قبل قوى الاستعمار العالمى، ودول الاستكبار الدولى والتى أحالت بلادهم إلى خرابات، ومسارح للفوضى، وشلالات من الدماء، بهدف سرقة الثروات وحماية مصالح الدول الكبرى، ومنع قيام أى نموذج إسلامى حقيقى.. ثم نأتى نحن بعد ذلك ونمعن فى ظلمهم مرة أخرى فنصفهم بالشعوب المتخلفة والرجعية، وهم فى الحقيقة ضحايا ومساكين.. بل والأكثر من ذلك أننا نصف محاولاتهم استرداد كرامتهم ومقاومتهم السطو على بلادهم ب "الإرهاب والعنف". الأفغنة والصوملة التى تخوفنا بها تهانى الجبالى ليست حالات لدول متخلفة ورجعية، أو شعوب دموية ومتوحشة، ولكنها فى الحقيقة نماذج لمؤامرات دولية متكاملة يدبر لها الأجنبى، ويشترك فيها العملاء والخونة من داخل هذه البلاد نفسها.. وتصل الأمور بالبلاد إلى التفكك والانهيار، وكل هذا بسبب أن القوى الإجرامية وعملاءهم فى الداخل يحاولون دومًا أن يفرضوا على الشعوب إرادة غير إرادتهم، وأن يحكموا البلاد على غير رغبتهم. السبب الرئيس فى تردى الأوضاع فى هذه البلاد هو المحاولات المستمرة لفرض الوصاية على شعوبها، وسلب ثرواتهم، والإصرار على تصويرهم بأنهم قصر، ومن ثم فلا ينبغى لهم أن يحددوا مصيرهم ويختاروا حكامهم، فقط رءوس الأموال الضخمة، والشركات العملاقة، والدول الديكتاتورية هى التى لها الحق فى السيطرة والنهب وإذلال أصحاب الأرض.. هذا كله يتم بمساعدة الخونة الذين يظهرون أنفسهم للشعب على أنهم وطنيون وهم فى الحقيقة عملاء وجواسيس. الشرفاء والوطنيون الحقيقيون لا يروق لهم الوضع بطبيعة الحال، فيبدأون فى الثورة والمقاومة والانتصار للوطن والشعب.. عندها تلصق بهم كل تهم الإرهاب والتخلف، وترجع إليهم أسباب الفوضى والانهيار، ونشارك نحن فى ترويج الإفك بأن شعوب الأفغان والصومال وفلسطين متخلفون وإرهابيون بينما هم فى الحقيقة صامدون ضد الاستكبار والوصاية، ومقاومون لمشاريع التركيع والإذلال.. الحقيقة الأهم أن السبب فى الفوضى هو من يستهين بإرادة الشعب أو يحاول أن يلوى عنقه أو يساومه أو يعبث بأحلامه وأشواقه فى حكم نفسه وتقرير مصيره. [email protected]