عقب إطلاق الدكتور كمال الهلباوي، القيادي والمتحدث السابق باسم جماعة "الإخوان المسلمين"، مبادرته التي تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ 5 سنوات، أبدى إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الترحيب بأي جهود جادة ومخلصة لإخراج مصر من أزمتها، وأنهم مستعدين للتعاطي والتجاوب مع أية وساطة محايدة. رد فعل منير أثار وجدلًا واسعًا، لا سيما أنها المرة الأولى التي تُعلن فيها الجماعة عن قبولها وترحيبها بمثل تلك المبادرات، التي تهدف للمصالحة، والتي تكررت كثيرًا، منذ 30 يونيو، بعيدًا عن التمسك بشرطها بعود الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى السلطة. وفي تصريحات له، قال نائب المرشد العام، إن "جماعة الإخوان مستعدة للتعاطي بشكل إيجابي مع أي رؤية أو تصور عملي يقدمه أي شخص أو جهة مصرية أو عربية أو دولية لمحاولة الخروج من هذه الأزمة التي تعصف بالوطن ومقدراته". وأضاف أنه دعا منذ نحو عام ونصف العام، من وصفهم ب "حكماء الشعب المصري" أو حكماء الدنيا لرسم "صورة واضحة للمصالحة بين أطراف الأزمة المصرية، من أجل تحقيق السلم والأمن لكل الأمة دون مداهنة أو خداع أو كذب على الناس، لكن لم يستجب أحد حتى هذه اللحظة لتلك الدعوة". وأشار منير إلى أن لديهم "كامل الاستعداد للقبول بما ينتهي هؤلاء العقلاء والحكماء، وأن الجماعة ستبذل الجهود مع الآخرين لتطبيق وتفعيل هذا الحل العادل على أرض الواقع". ولفت إلى أن أي "مصالحة تحتاج لإجراءات بناء ثقة شروطها، تتمثل في التالي: "الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومن صدر بحقهم أحكام قضائية، وأن يتم وقف الضربات الأمنية الباطشة، ووقف الهجوم الإعلامي، ثم تبدأ الأحاديث الجادة لبلورة رؤى متكاملة وشاملة للعدالة الانتقالية والخروج من الأزمة". وطالب أن تشمل المصالحة كافة الفصائل، مضيفًا: "ليس الإخوان وحدهم هم الموجودون على الساحة بل هناك فصائل أخرى". خالد الزعفراني، القيادي الإخواني السابق، والباحث في الحركات الإسلامية، قال إن "حديث منير عن المصالحة، لا يعول عليه، وليس ذا أهمية كبيرة، خاصة أن القرار ليس بيده"، واصفًا رده ب "التقليدي المجامل للغرب". وأضاف: "هناك مجموعة من المسائل يجب على الجماعة القيام بها، لكي تنجح تلك المصالحات أو المبادرات، وأولها أن تُعلن صراحة تخليها عن العنف، والتبرؤ من كافة الأعمال الإرهابية التي تحدث في سيناء بشكل خاص وفي مصر بشكل عام، وكذلك التخلي عن التشكيك في أجهزة الدولة المختلفة واتهامها بالقيام بتلك العمليات". وتابع: "المصالحة شيء مقبول من كل الأطراف ومفيش حكومة تريد استمرار ذلك الصرع، لكن لابد القيام بكل هذه الأمور أولًا، لكن دون ذلك لن يقبلها الشعب المصري وكذلك الحكومة". وأرجع تخلي الجماعة عن شرط عودة مرسي للحكم، لكي تقبل بالمصالحة، وعدم حديثها عنه خلال الفترة الماضية؛ لأنه غير واقعي، لا سيما بعد أن فاز الرئيس السيسي بولاية رئاسية ثانية، واستقرت له الأوضاع، إضافة إلى أنه معترف به رسميًا ودوليًا، ويحظى بتأييد قطاع عريض من المواطنين. إبراهيم ربيع، القيادي المنشق عن الجماعة، قال إن التنظيم "الإخواني"، يدرك أن المزاج المصري العام، يرفض وجودهم سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، ويعلم أنه الآن يتم بناء الوعي الجمعي لإنهاء التنظيم، ومن ثم وكعادته في الإرباك والشوشرة ومحاولة الاختراق، يقوم بين الحين والآخر بإثارة موضوع المصالحة مع التنظيم. وأضاف ل "المصريون"، أنه "كلما اقترب المصريون من حسم أمرهم بإنهاء وجود هذا التنظيم الإرهابي، تظهر الدعوات من هنا وهناك، مضيفًا أن الجماعة تقوم بالتوازي بحملة مصاحبة لابتزاز المصريين وإرباك وعيهم الجمعي بخصوص عودة تنظيم الإخوان، إلى الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية". القيادي المنشق عن الجماعة، طالب الهلباوي والجماعة، إن "كانوا جادين في إنفاذ ما يتم الاتفاق عليه، فيجب على قيادات وقواعد التنظيم، أن يقوموا بتفكيكه داخل البلاد، وتسليم السلطات الأمنية خريطة التنظيم في كل محافظات مصر، وكذلك خريطة الاستثمارات والكيانات الاقتصادية التابعة للتنظيم داخل البلاد، وأيضًا خريطة التحالفات بين التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية، وغير الإرهابية". وقال إن "الجماعة عليها أيضًا، أن تُعلن تفكيك التنظيم الدولي للإخوان أو على الأقل الانسحاب منه وعدم الاعتراف به، إضافة إلى تسليم السلطات المصرية وثائق وخريطة التحالفات بين التنظيم والدول التي الداعمة له تمويلًا وإعلامًا ومخابراتيًا وإيواءً، وكذلك تسليمها خريطة الاستثمارات الدولية والكيانات الاقتصادية في خارج القطر المصري، فضلًا عن تسليم كل العناصر الهاربة الصادر ضدها أحكام قضائية". وتابع: "لابد من إعلان اعترافها بشرعية كل الإجراءات التي تم اتخاذها منذ الثالث من يوليو 2013 وحتى الآن وإعلان خضوعه للقانون المصري، وإعلان مسؤوليتهم السياسية والجنائية عن كل العمليات التي نفذها منتسبو التنظيم في مصر"، موضحًا أنه "في هذه الحالة لن يكون هناك حاجة لما يسمى بالمصالحة؛ لأنهم أصبحوا مصريين وهيهات أن يكونوا". واستطرد: "هذا التنظيم في الأساس تم تكوينه بالمخالفة الصارخة لكل الأعراف والقوانين الدولية والمحلية ليكون دولة موازية وآن الآوان لإنهاء كل كيان موازي لتحرير الانتماء الوطني وإزالة أثار العدوان الاخواني على الشخصية المصرية". ربيع شدد على أن "الجماعة لديها كامل الاستعداد للتخلي عن أي أحد وليس مرسي فقط"، لافتًا إلى أن "شرطهم الذي كانوا يتمسكون به لقبول المصالحة أو المبادرة ما هو إلا وهم، إضافة إلى أن القوى الكبرى تريد حاليًا أن يتم السماح للتنظيم بالتواجد مجتمعيًا وخيريًا فقط". كان الهلباوي، أطلق مبادرة جديدة لمحاولة إنهاء الأزمة، مقترحًا تشكيل ما أسماه "مجلس حكماء من شخصيات وطنية مصرية أو عربية أو دولية". الهلباوي قال إن "الوساطة الواجب القيام بها في مصر، يمكن أن تشكل مدخلًا لإعادة الهدوء إلى مصر خاصة والمنطقة عمومًا، وفتح أبواب التعايش بين الفرقاء السياسيين على قاعدة الشراكة الوطنية الكاملة". وفي تصريحات له، اقترح الهلباوي "تشكيل مجلس حكماء يضم شخصيات عربية ودولية مشهود لها بالنزاهة، لقيادة وساطة تاريخية في مصر، تنهي حالة الصراع القائمة بين نظام الحكم والمعارضة، وفي مقدمتهم الإخوان، والتأسيس لمصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحدا إلا أهل العنف والإرهاب". وحدد أسماء أعضاء "مجلس الحكماء" المقترح وهم: عبدالرحمن سوار الذهب، الرئيس السابق للجمهورية السودانية، ومرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتي، وعبد العزيز بلخادم، رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، والصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي المعارض في السودان، ومنير شفيق، مفكر فلسطيني، ومعن بشور، مفكر وكاتب سياسي لبناني. بالإضافة إلى محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، وشخصية يختارها الأزهر، وأخرى تمثل الأقباط، وغيرهم.