أفتت دار الإفتاء المصرية أن الضوابط التي وضعها القانون المصري علي حمل السلاح واستخدامه إنما تمثل ضمانات للحفاظ علي الأرواح والممتلكات وفي ذلك تحقيق للمقصود الشرعي من حمل السلاح والتزام الأفراد بها يجب أن ينبع من كونها وسائل لتحقيق هذا المقصود الشرعي قبل أن تكون طاعة ولي الأمر والتزاما بالقانون فإذا إنضاف إلي ذلك وجوب الالتزام بطاعة ولي الأمر وعدم الخروج علي النظام العام فان حمل السلاح حينئذ أو استخدامه أو التجارة فيه بيعا وشراء وتصنيعا أو تصليحه بدون ترخيص يكون حراما شرعا ومن استشعر حاجته لحمل السلاح أو استخدامه في أي ظرف من الظروف فعليه أن يستخرج به ترخيصا من جهة الإدارة وعليه الالتزام بتبعات هذا الترخيص والأحوال التي يصرح له فيها حمل السلاح واستخدامه فان لم يفعل عد آثما شرعا متسببا في ما ينتج عنه من تبعات وخيمة حيث استخدم ما ليس له استخدامه وأكدت الفتوى أن الحفاظ علي النفس والأمن الفردي والمجتمعي مقصد من المقاصد الشرعية وهو احدي الكليات الخمس العليا في الشريعة الإسلامية ولذلك جعلت الأصل في الدماء والفروج هو الحرمة وسنت الأحكام والحدود ما يكفل الحفاظ علي نفوس الآدميين ويحافظ علي حماية الأفراد واستقرار الجماعات وسدت من الذرائع ما يمكن أن يمثل خطرا علي ذلك ولو في المال وأجابت الفتوى علي الحكم الشرعي في تجارة السلاح ول يجوز شرعا لأي مواطن أن يقتني سلاحا ليدافع به عن نفسه في ظل الظروف التي تمر بها البلاد وما حكم السير به الشوارع؟ أن تعامل الشريعة الغراء مع قضايا السلاح تصنيعا وبيعا وشراء واستخدما حيث جعلت ذلك منوطا بتحقق المقاصد الشرعية المعتبرة التي تتوخي توفير الأمن والحماية للفرد والمجتمع بحيث يمنع بيع السلاح وشراؤه أو استخدامه عند قدحه في شيء من المقاصد فحثت الشريعة الإسلامية المكلف علي استحضار النية الصالحة في صنع السلاح ابتداء وجعلت ذلك سببا لدخول الجنة فعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال : سمعت الرسول صلي الله عليه وسلم يقول " أن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه المحتسب في صنعته الخير والذي يجهز به في سبيل الله والذي يرمي به في سبيل الله" ولما كان المقصود الأساس الذي عليه مدار مشروعية صنع السلاح واستخدامه هو الدفاع عن الإنسان ضد الاعتداء عليه فردا كان أو جماعه ولم يكن المقصود به الاعتداء : كان استخدامه منوطا بتحقيق ذلك الدفاع فإذا تحول إلي الاعتداء أو مظنته انقلب المشروع ممنوعا وصار حمله سلاحا حراما لصيرورته وسيلة للحرام. وعلي المستوي الجماعة أمر الله تعالي بإعداد قوة الردع التي ترهب العدو وتثنيه عن الاعتداء علي بلاد المسلمين قال تعالي" واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" فإذا استخدمت القوة في العدوان علي الخلق دخلت في جانب الحظر وصارت إفسادا في الأرض وعلي مستوي الأفراد حرصت الشريعة علي اتخاذ التدابير الوقائية وسد الذرائع للأمن من أذي السلاح إلي الحد الذي جعل النبي صلي الله عليه وسلم يتمر باتخاذ الحيطة والحذر عند محاولة السلاح بين الناس فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يتعاطي السيف مسلولا" وشددت الفتوى علي أن سد الذرائع من أبواب الاجتهاد التي لا يتوسع فيها إلا حيث يحتاج إلي ذلك واستخدام السلاح وشراؤه وبيعه من المواضع التي يحتاج فيها إلي سد الذرائع للحد من سوء استعماله حفاظا علي النفوس والمهج حتي أوصل النبي صلي الله عليه وسلم التهاون في إتباع الطريقة الامنه عند تناول السلاح إلي حد اللعن وهو دليل علي شدة نهي الشريعة عن ذلك وحرصها علي الأمن الوقائي فعن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم قوم يتعاطون سيفا مسلولا فقال " لعن الله من فعل هذا أوليس قد نهيت عن هذا "ثم قال" إذا سل أحدكم سيفه فنظر إليه فأراد أن يناوله أخاه فليغمده ثم يناوله إياه " وقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن مجرد الإشارة بالسلاح ولو كان ذلك علي سبيل المزاح لما فيه من مظنة الاذي لما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال " لا يشير أحدكم علي أخيه بالسلاح فانه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار" وأضافت الفتوى أنه من اجل الاستخدام المشروع للسلاح وتلافي مظنة الاعتداء به فقد قيدت الشريعة حمله واستعماله في بعض المواضع فمنعت حمله في الأماكن الامنه التي لا يحتاج فيها إليه كالحرم وفي الازمنه التي هي مظنة الأمن كيوم العيد لعدم الاحتياج إليه يومئذ وقد حرم الشرع بيع السلاح في الفتنه لأنها حالة لا يؤمن فيها استخدامه في القتل وهذا كله خول لولي الأمر تقييد استعمال السلاح وان له أن يقنن قصر استخدامه علي الوجه الذي يجعله محققا للمقصود منه وهو الدفاع وتحقيق الأمن الداخلي والخارجي ليحد بذلك من مظنة استخدامه في الاعتداء. وأوضحت الفتوى أن مهمة الدفاع في الماضي كانت موكولة إلي الأفراد ولم تكن هناك مؤسسات أمنية منظمة تقوم بذلك فلما وجدت المؤسسات الأمنية المنظمة في الدولة المدنية الحديثة وأنيطت بها مسؤولية حماية الدولة والأفراد وتنوعت هذه المؤسسات بما يحفظ الأمن الداخلي وكذا مهمة الدفاع ضد العدو الخارجي ارتفعت مهمة الدفاع عن كاهل الأفراد ووجدت الحاجة الداعية إلي تقنين حمل السلاح حتي لا يتخذ ذريعة لارتكاب الجرائم ليقتصر ذلك علي الحالات التي هي مظنة الحاجة إلي حمله مع مراعاة اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ علي سلامة الأنفس وامن المجتمع وهذا من قبيل المباح الذي خولت الشريعة للحاكم فعله وهو باب من أبواب السياسية الشرعية التي تتوخى المصالح المرعية فللحاكم أن يسن من التنظيمات والتقنيات ما يراه محققا لمصالح العباد حيث أن تصرفه علي الرعية منوط بالمصلحة والإجماع منعقد علي وجوب طاعة ولي الأمر فيما لا يخالف شرع الله وقد نص القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن إحراز سلاح بدون ترخيص علي انه يحظر بغير ترخيص من وزير الداخلية أو من ينيبه عنه حيازة أو إحراز الاسلحه أو الأسلحة البيضاء ولا يجوز بأي حال الترخيص في الاسلحه وكاتمات أو مخفضات الصوت والتلسكوبات التي تركب علي الأسلحة النارية ولوزير الداخلية بقرار منه تعديل الجداول الملحقة بالقانون بالإضافة أو بالحذف . وأضافت الفتوى أن القانون لم يشترط الحصول علي الترخيص في حمل السلاح واستخدامه ليس من باب المنع المطلق لحمله ولا تجريد للإنسان من وسيلة الدفاع عن النفس أو حكر له علي طائفة معينة بقدر ما هو إجراءات تضمن تحقق الغرض الذي من اجله شرع استعمال السلاح فان ترخيص حمل السلاح يعطي لمن تثبت حاجته إليه وكان مؤهلا لحمله واستخدامه والمعني الذي جرم المقنن من اجله حمل السلاح دون ترخيص إنما هو لضمان ألا تتواجد الأسلحة بأيدي المواطنين بشكل عشوائي يتسبب في فوضي استخدام السلاح وان تكون الاسلحه الموجودة بأيديهم علي محددة علي وجه الحصر يمكن معه معرفة وسرعة الوصول إلي السلاح وضبط الجرائم كما انه يقيد حامل السلاح بقيود قانونية شديدة وصارمة بحيث لا يستخدم السلاح إلا في الضرورة الملحة والظروف التي يبيح فيها القانون استخدامه فهو محاط بسياج قانوني يمنعه من استخدامه بشكل غير قانوني فإذا سرق منه خلسة أو غصبا عليه أن يبلغ فورا وقوعه مما يمكن معه حصر الجرائم وتسهيل عمل الشرطة. وأكدت الفتوى أن القانون منع حمل السلاح في الأفراح والاجتماعات والمؤتمرات استنادا إلي تحريم حمله في العيد وكذلك في الأماكن التي يسمح فيها بتقديم الخمور والتي يلعب فيه الميسر لان هذه الأماكن مظنة فقد العقل وعدم السيطرة علي التصرفات وعدم التحكم في ردود الأفعال كما حظر القانون حمل السلاح لعدد من الأصناف التي يفترض فيها إساءة استخدامه كصغر السن أو ضعف البصر أو من يصعب عليه التحكم في أطرافه أو تنتابه نوبات ذهول أو إغماء مرضية يكون سببا في تعريض حياة غيره للخطر كما شددت الفتوى علي أن استخدام الأسلحة بشكل عشوائي يؤدي إلي ازدياد جرائم الإرهاب حسب ما قررته الدراسات المتعلقة بالجريمة فالهجوم علي إحراز السلاح من غير ترخيص هو العمود الفقري لوجود الجريمة المنظمة في المجتمع وظهور التشكيلات العصابية وجرائم قطع الطرق وغيرها من الجرائم ووجود السلاح بأيدي الناس يدعوا الناس في كثير من الأحيان إلي تنحية القانون وفرض قوانين خاصة قد تكون ظالمة في كثير من الأحيان تحت قوة السلاح خاصة في الأماكن البعيدة التي يمكن فيها التحلل من سطوة الدولة كحالات الثار والاستيلاء علي الأراضي بل أن الوجود العشوائي للأسلحة بأيدي الناس كان السبب في نشوب الحروب الأهلية وانهيار دول بأسرها وكان من أهم مخططات الاستعمار لإسقاط هذه الدول كما أن معتادي الجرائم وأصحاب السوابق في الجريمة يمكن الحد من ارتكابهم لهذه الجرائم عن طريق مصادرة أسلحتهم غير المرخصة حيث تكون فرص ضبطهم وهو يحملون الأسلحة في حركتهم اليومية أضعاف فرص ضبطهم وهم يرتكبون جرائمهم التي لا تعلم أزمنتها ولا أمكنتها فيكون المنع من مل السلاح حينئذ اقوي تدبير احترازي يمكن من خلاله منع الجرائم أو التقليل من وقوعها