البعض علق آمالا كبيرة على ما ورد فى كلمة الرئيس محمد مرسى، فى جامعة القاهرة يوم أمس، بشأن عودة "المؤسسات المنتخبة".. وتساءل البعض ماذا يقصد؟!، وتوقع آخرون بأن تكون ثمة اتفاق مع "العسكرى" على عودة مجلس الشعب وتعليق "الثلث" غير الدستورى! والحال أن عودة البرلمان المنتخب، ليس معركة الرئيس، وإنما هى معركة د. الكتاتنى، والنواب.. وهى مسألة أحيلت إلى القضاء للنظر فيها.. أما معركة د. مرسى الحقيقية، فهى "الحكومة" و"رئيس الوزراء".. ومعركة "الشعب".. بمعنى أحلامه وأشواقه واحتياجاته الأساسية. أمس تولى الرئيس محمد مرسى مهام منصبه رسميا، وعليه أن يبادر فى اختيار رئيس وزراء له كامل الصلاحيات.. فيما تظل معايير الاختيار هى الاختبار الأخطر للرئيس ولرئيس حكومته. ثمة قلق حقيقى ممتد لا يقتصر على طبقة معينة، من "أخونة" المناصب.. بمعنى أن يستحوذ الإخوان على النصيب الأكبر فى التشكيل الوزارى أو فى المحافظين.. أو فى المحليات. قلق مشروع.. ومثل عقبة كبيرة أمام التوافق على مرشح الحرية والعدالة فى الجولتين الأولى والثانية.. خوفا من استنساخ منطق "الهيمنة" على مفاصل الدولة على النحو الذى كان عليه الحزب الوطنى قبل ثورة 25 يناير. ولعل فوز د. مرسى بفارق طفيف عن مرشح الفلول.. كان فى محصلته النهائية وفى جانب منه، تعبيرا عن تلك المخاوف. قادة الإخوان.. فى الجولة الثانية، صدر منهم تصريحات، تعكس استيعاب درس نتائج الجولة الأولى، واستقر فى وجدان الجماعة من تجربة الانتخابات الرئاسية، بأن "النجاح" لن يكون إلا بالعمل مع الجماعة الوطنية، بمنطق "المشاركة".. بعد أن أدت نزعة "المغالبة" إلى دخول مرشح الجماعة "لجنة رأفة" مع مرشح نظام مبارك. الضمانات التى قدمها الدكتور مرسى، عشية الجولة الأخيرة، كانت كافية لاصطفاف غالبية قوى الثورة خلفه.. وفق وعود بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى.. على رأسها شخصية وطنية غير محسوبة على الإخوان أو على تيار "الإسلام السياسى". البعض رشح د. محمد البرادعى، باعتباره شخصية ليبرالية، وله "هيبته" الدولية، ويقف خلفه المجتمع الدولى.. ما يعتبر الخيار الأنسب، فى ظل احتدام "الصراع السياسى" مع القوة الصلبة.. من جهة والأمانى الكبيرة فى عمليات تطهير جسورة وواسعة لكثير من مؤسسات الدولة التى تهيمن على كل أوعية وقنوات صناعة القرار بها، قيادات تنتمى إلى النظام القديم.. وارتبطت مصالحها وسلطاتها ونفوذها بوجوده.. وتمثل معوقا كبيرا وخطيرا للتحول الديمقراطى فى مصر. نعيد ونذكر الرئيس هنا.. بأنه اليوم هو رئيس لكل المصريين.. ويكفى لجماعة الإخوان المسلمين، أن يكون الرئيس منها، وهو مكسب سياسى كبير وغير مسبوق للجماعة التى تعرضت للقمع والاضطهاد والإقصاء والتهميش والاعتقال على مدى عشرات السنين. أعتقد أن الجماعة شديدة الوعى والحساسية بأن لا تكون عبئا على الرئيس.. وكلى ثقة بأنها ستتعفف عن أن تطلب ما هو أقل من هذا المنصب الرفيع.. ولتترك لغيرها مسئولية "التطهير".. لأن تصديها له.. سيكون تكلفته باهظة على كل مكاسبها التى حققتها خلال عام ونصف عام من عمر الثورة. [email protected]