تجدد الجدل حول التطبيع مع إسرائيل، بعد أن واجهت زيارة الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء "مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية"، إلى إسرائيل بموجة من الغضب والانتقادات من جانب الفلسطينيين، كما ظهر في مقطع فيديو متداول عبر منصات التواصل الاجتماعي، يردد خلاله عدد من الشباب الفلسطينيين، عبارات تهاجمه وتصفه ب"الخائن والمُطبع". وجاءت زيارة إبراهيم إلى إسرائيل، استجابة لدعوة وجهتا له جامعة تل أبيب، لحضور مؤتمر تنظمه تحت عنوان "الاضطرابات السياسية في مصر: نظرة جديدة على التاريخ"، ولإلقاء محاضرة عن ثورات الربيع العربي في مصر والدول العربية. وأثارت الزيارة ردود فعل غاضبة، لا سيما أنها تأتي بعد أسابيع من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، الذي فجر موجة غضب رسمية وشعبية في الدول العربية. الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام" قال إن "الدكتور سعد الدين إبراهيم، جانبه الصواب في زيارته لإسرائيل، لا سيما خلال تلك المرحلة الحرجة، التي تمر بها المنطقة العربية، بعد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، الذي اتخذه دونالد ترامب". وأضاف ل"المصريون": "إبراهيم كان من بين المنضمين لأحدى المنظمات التي تدافع عن فلسطين، ومناهضة للاحتلال الإسرائيلي؛ لذلك زيارته غير مفهومة"، واصفًا إياه بأنه "من الشخصيات التي تحظى بمكانة كبيرة، وأحد علماء الاجتماع المهمين، وزيارته خروج عن المألوف والسياق". وفي وقت سابق اليوم، تقدم المحامي سمير صبري، ببلاغ للنيابة العامة، يتهم إبراهيم ب "الخيانة والتطبيع" مع إسرائيل من خلال إلقاء محاضرة في تل أبيب، مطالبا بإحالته للمحاكمة الجنائية. وتجرى جامعة تل أبيب، على مدار 3 أيام جلسات بمناسبة مرور 100 عام على ثورة 1919، وما تبعها من ثورات أخرى مرت بها مصر مثل ثورة 23 يوليو وثورات الربيع العربي في مصر ودول أخرى. ودافعت السفارة الإسرائيلية في مصر عن زيارة إبراهيم في بيان لها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قائلًة: "بناء على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل فإن كل المصريين مرحب بهم لزيارة إسرائيل و إجراء حوار مع المجتمع الإسرائيلي". وأضافت، أن "فكرة مناهضة زيارة مواطن مصري لإسرائيل هي فكرة أكل عليها الدهر وشرب، وهي لا تمت للواقع بصلة، وأن التعاون بين شعوب المنطقة هو المفتاح الرئيسي للاستقرار والازدهار الاقتصادي في المنطقة". وحكم على مدير مركز "ابن خلدون"، في مطلع الألفية الجديدة، بالسجن بتهمة تلقي هبات من جامعات إسرائيلية والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بقصد بث دعاية مسيئة لمصر في الخارج، قبل أن تتم تبرئته من التهم المنسوبة إليه. والزيارة ليست هي الأولى من نوعها لإسرائيل لشخصية مصرية معروفة، فقد سبقتها العديد من الزيارات التي أحاط بها الجدل، ومن بينها زيارة للدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق في عام 2012، حين قام بزيارة نادرة للمسجد الأقصى بالقدسالمحتلة، ما أثار موجه حادة من الانتقادات في وقتها. وبرر جمعة، الزيارة بأنها كانت بصفة شخصية وليست رسمية وبعيدًا عن منصبه كمفتى للديار المصرية وعن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، قائلًا: "الزيارة تمت تحت الإشراف الكامل للسلطات الأردنية ومن دون الحصول على أي تأشيرات أو أختام دخول إسرائيلية، باعتبار أن الديوان الملكي الأردني هو المشرف على المزارات المقدسة للقدس الشريف". وكانت الزيارة برفقة الأميرُ غازي بن محمد ابن عم ملك الأردن عبد الله الثاني ومستشاره للشؤون الدينية، وزارا خلالها، المسجد المرواني والمتحف الإسلامي والباب الذهبي ووقفية الإمام الغزالي، وافتتح الأمير مركز وقفية الإمام الغزالي للدراسات، وزار مقام الشريف حسين، كما زارا كنيسة القيامة وبطريركية الروم الأرثوذكس في مدينة القدس. كما قام البابا تواضرس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بزيارة القدسالمحتلة عام 2015، في زيارة كانت الأولى من نوعها منذ عام 1967، وبررتها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقتها بأن الهدف منها الصلاة على الأنبا إبراهام مطران القدس والكرسي الأورشليمي، والذي يأتي في المركز الثاني بعد البابا في ترتيب أساقفة المجمع المقدس "هيئة مسيحية عليا". وكان البابا الراحل شنودة الثالث حرَّم سفر الأقباط المصريين إلى القدس حتى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن المدينة المقدسة. فيما كان الكاتب السينمائي والمسرحي، علي سالم، أشهر المثقفين المصريين الذين زاروا إسرائيل، وقد اشتهر بمواقفه السياسية المؤيدة للتطبيع مع إسرائيل، حيث بدأت أولي زياراته لها بعد اتفاقية أوسلو الأولي في عام 1994، الأمر الذي جعله في مرمي النقد الدائم من قبل الصحافة المصرية والعربية. وعقب الزيارة، قرر اتحاد الأدباء حينها، طرده بعد مناوشات بينه وبين زملائه، كما طالب كثيرين بسحب الجنسية المصرية منه، ورفعت ضده قضايا عديدة. بينما قررت جامعة "بن جوريون" الإسرائيلية تكريمه عام 2005 وإعطائه درجة الدكتوراه الفخرية, فيما لم تسمح السلطات المصرية له بالسفر إلي إسرائيل لتسلم التكريم، بينما قامت مؤسسة "تيرين" الأمريكية بمنحه وسام الشجاعة المدنية وجائزة مقدرة ب50 ألف دولار.