اعتبرت صحيفة " واشنطن بوست " – الأمريكية – اعلان الدكتور محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب بإرادة الشعب أكبر دليل " واقعي " علي تحول مصر الديموقراطي منذ اندلاع الثورة قبل عام ، كما إنه سيكون مصدر إلهام للحركات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة ، وقالت إن اختيار المصريين له قد منح الإخوان المنصة ؛ لتحدي العسكري الذي بات يعزز من سلطاته . ووصفت انتصار مرسي بأنه " لحظة فاصلة " للإسلاميين الذي عانوا من التعذيب والقمع خلال عقود من حكم الأنظمة "الديكتاتورية " ؛ لكنها أشارت إلي صلاحيات الرئيس المحدودة بعد أن سلبه العسكري الكثير منها باصداره " الاعلان الدستوري المُكمل " ، كما أنه لن يحظي بدعم البرلمان الذي كان لجماعة الإخوان المسلمين الهيمنة عليه بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بحله . ونقلت عن إريك تريجر – الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني – والذي كان متواجاً قي القاهرة وقت اعلان فوز مرسي قوله :" إنه من المستبعد علي المدي القصير أن تحد نتيجة الانتخابات من سلطات العسكري – الذي يدير شؤون البلاد - ؛ لكنها ستعزز من مصداقية الإسلاميين بقوة ... فمع أن السلطة لا تزال بيد العسكري فلا أحد يستطيع أن يقلل من أهمية منصب الرئاسة الذي وصلت إليه جماعة الإخوان المسلمين ... وستظل هناك معركة قائمة ما بين الإخوان والعسكري ." وتتوقع أن يكون اصرار مرسي علي حلف اليمن أمام البرلمان الذي قد تم حله هو بداية أول صدام مع العسكري ، ونقلت عن الدكتور مصطفي كامل السيد – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة قوله : " إن مرسي سيقاتل للحصول علي صلاحيته كرئيس منتخب ، والتي سحبها المجلس العسكري منه قُبيل اجراء جولة الإعادة ، وشكل مجلس وطني ، فمن المؤكد أنه (العسكري ) يريد التأثير – ." وتابع أنه " وفي الوقت نفسه - سيتوقع المصريون من مرسي معالجة القضايا الرئيسية . فالاقتصاد علي بات حافة الهاوية؛ بسبب تدهور قطع السياحة ، كما ارتفعت معدلات الجريمة مع تآكل دولة مبارك البوليسية . إن فوز مرسي تطور ايجابي للغاية عن الانتخابات ؛ لكن التحديات هائلة ." وقالت إن مرسي خلال أول خطاب له للأمه حاول أن يثبت للجميع استقلاليته عن " جماعة الإخوان المسلمين " ؛إذ اعتبر نفسه قائداً لجميع المصريين مسلماً ومسيحياً ، وأقسم أنه سيدافع عن حقوق المرأة والأقلية المسيحية كما أبدي اشارت تصالحية مع "المجلس العسكري" ، لافتاً إلي أن " جماعة الإخوان المسلمين " كانت قد أعلنت استقالة مرسي من عضوية الجماعة ، والجناح السياسي لها " حزب الحرية والعدالة " . وتابعت أن الرئيس الجديد الذي ينظر إليه الكثير من الثوار العلمانيين بحذر قد أثني علي مئات الشهداء الذين سقطوا خلال الثورة ووعد أسرهم بأنه " لن يترك دماء الشهداء تترك سُدي " . ورأت " الواشنطن بوست " إنه من المرجح أن ينظر إلي الرئيس الجديد من قبل الجانب الإسرائيلي باعتباره " خطراً محتملاً " يهدد اتفاقية السلام . فعلي الرغم من تعهده في خطابه بالالتزام بالمعهدات الدولية التي وقعت عليها مصر في السابق إلا أنه ربط ذلك بالموافقة الشعبية . لافتاً إلي أن اتفاقية كامب ديفيد لا تحظي بشعبية في الشارع المصري كما أن مرسي نفسه يشجب ويدين انتهاك الاحتلال الصهيوني للفلسطنيين بالرغم من عدم دعوته لالغاء الاتفاقية . إلا أنها عادت للطمأنة مستشهده بقول السناتور الأمريكي " جون كيري " ( الأحد ) أجراها مؤخراً مع مرسي في القاهرة ، تشير إلي ادراك الرئيس المنتخب لأهمية العلاقات في مصر ما بعد الثورة مع واشنطن وإسرائيل ، مضيفاً " أن الأفعال تهم أكثر من الكلام " . ونقلت عن ستيفن مكينيرني- رئيس مركز واشنطن لدراسة التحول الديمقراطي بالشرق الأوسط- قوله :" إن مسؤولين في جماعة الإخوان المسلمين لم يشيروا إلي أي نية لإلغاء معاهدة السلام . والتي جعلت مصر في مقدمة الدول التي تتلقي مساعدات مادية وعسكرية من الولاياتالمتحدة منذ أن وقعت علي اتفاقية" كامب ديفيد " عام 1979 . " وتابع " سنري المزيد من التصريحات التحريضية ، و خطاب يدل علي الاستعداد للوقوف في مواجهة إسرائيل ، لكن يبدو أنه ليس هناك أي رغبة في تغيير النقاط الأساسية في اتفاقية السلام ." وفيما يتعلق بموقف "واشنطن" بنتيجة الانتخابات نقلت "الصحيفة" عن مسؤول أمريكي بارز له علاقة بالسياسية المصرية - اشترط عدم الكشف عن هُويته لعدم السماح له بالحديث أمام وسائل الإعلام - قوله " لقد تصاعد القلق في واشنطن الأسبوع الماضي بعد أن انتشرت شائعات بأن العسكري يعتزم دعم مرشح مفضل له عن طريق التزوير. .. لقد كنا قلقين... في النهاية فعلت اللجنة العليا للانتخابات الصواب ، وكان لصندوق الاقتراع القول الفصل . الآن حان الوقت لنركز علي بناء علاقات قوية مع الرئيس الجديد ." وقالت إن نتيجة الانتخابات قد طمأنت الكثير من المصريين تجاه نوايا المجلس العسكري بعدما ظن الكثيرين في الشارع المصري بأنه يسعي لتزوير الانتخابات لصالح المرشح المنافس لمرسي ، الفريق أحمد شفيق – آخر وزراء المخلوع - وقد عبروا عن ارتياحهم وفخرهم اللامحدود بالاحتفالات التي سادت كافة أرجاء البلاد . من جانبها رأت صحيفة " نيويورك تايمز " – الأمريكية – إنه علي الرغم من فوز مرسي قد منحه " فرصة تاريخية " – علي حد وصف الصحيفة - إلا أنه يواجه " كم هائل " من التحديات التي قد لا تجعل منه سوي رئيسا ً " صورياً " ؛ لكونه دون صلاحيات حتي الآن . وتتوقع الصحيفة صداماً محتملاً بين مرسي والعسكري الذي قام بسلبه الكثير من صلاحياته قبل اعلان فوزه باصداره " الاعلان الدستوري المُكمل " .وتري أن الرئيس الجديد يواجه الآن الاختبار الأول ؛ إذ صرح قيادات في " الجماعة " بأن الآلآف من مؤيديهم سيواصلون الاحتشاد في ميدان " التحرير" ؛ إلي أن يتراجع " العسكري " عن قرار " المحكمة الدستورية العليا " بحل البرلمان الذي كان " للإخوان " الهيمنة عليه .لافتاً إلي أن " العسكري " كان قد أعلن عن تشكيل برلماناً جديداً بدلاً من السابق الذي تم انتخابه في " يناير " الماضي . كما أن التحدي الأول لمرسي للعسكري قد بدأ (الأحد) ؛ حينما أصر علي ألا يقسم اليمن إلا أمام البرلمان الذي قد تم حله . وتذكر "النيويورك تايمز" التحديات التي سينبغي علي الرئيس الجديد مرسي مواجهاتها ، إذ بات عليه التوصل لحل للتغلب علي الشكوك التي تساور من اختاروا منافسه الخاسر " شفيق " والذي يصل عددهم إلي ما يقرب من نصف عدد الناخبين ، فضلاً عن الملايين ممن لم يذهبوا إلي صناديق الاقتراع من الأساس لرفضهم كلا المرشحين ( مرسي ، وشفيق ) . وتابعت أن مرسي سينبغي عليه أيضاً اقناع الشارع المصري بأنه لا يمثل إلا مصالح المصريين عامة وأن علاقته بالجماعة باتت محدودة للغاية ؛ لتهدئة مخاوف الكثيرين بأن هدفه الحقيقي هو تحقيق مبدأ المواطنة التي يكفلها الإسلام لكافة المواطنيين .فالكثيرين لا يزالون يعتقدون بأن السنوات الطويلة التي قضاها داخل الجماعة تعني استمرار علاقته بها ؛ علي الرغم من اعلان استقالته منها ومن جناحها السياسي فور اعلان فوزه رئيساً لمصر . ونقلت عن شادي حميد – الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بمركز بروكنجز ( الدوحة ) ، " إن فوز مرسي حادث تاريخي ، .. لكني أُخمن أن السؤال الحقيقي هل يستطيع [مرسي] أن يتغير ؟ ... إن مرسي لديه فرصه لأن يستقل بنفسه ، لكن عليه أن ينأي بنفسه عن الجماعة ... عند نقطة ما سيبدأ مرسي في اتخاذ قراراته بنفسه ، وعما قريب أو بعيد ، سيكون هناك توتراً ما بين الشاطر ومرسي ." وأشارت إلي أن مرسي في خطابه ( الأحد ) ، لم يشير من بعيد أوقريب للجماعة واقتصر الحديث علي المصريين كافة قائلاً " نحن جميعاً كمصريين مسلمين ومسيحيين ، سنواجه معاً الفتنة والمؤامرات التي تستهدف وحدتنا الوطنية ." وتقول إنه إذا نحينا جانباً جميع المشاكل التي تغرق فيها مصر – الآن – وبخاصة ، اقتصادها الذي بات علي حافة الانحدار ، سيواجه " مرسي " تحديات اجتذاب شركاء من الأطراف السياسية الأخري التي توقفت عن التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين ، والتعامل مع الميراث الذي خلفه له نظام المخلوع من " دولة تئن من الروتين " .