دق جرس الثورة الثانية باختيار المصريين للدكتور محمد مرسي رئيساً لمصر، ليبدأ المصريون فصلاً ثورياً جديداً لإزالة ما تم وضعه في طريق الثورة من ألغام.. بالقصد، أو بالخطأ، أو بالسهو!. لا يجب أن ننسى في نشوة الفرح ما تواجهه الثورة الآن من فراغ دستوري وتشريعي وقع بغياب الدستور وحل البرلمان، ليأتي الرئيس وقد صدر إعلان دستوري مكمل، ظاهره تحديد اختصاصاته، وباطنه تقييده وغلُّ يده. أري - وقد أكون مخطئاً - أن المجلس العسكري لا يريد السلطة، ولكن يبحث عن طريق آمن وهادئ للعودة إلى ثكناته، ولذلك بادر إلى إصدار إعلان دستوري مكمل عقب قرار المحكمة الدستورية بحل البرلمان للحد من صلاحيات الرئيس القادم، وذاك يزيح كثيراً من علامات الاستفهام حول التوقيت الذي صدر فيه قرار حل البرلمان، والإعلان الدستوري المكمل. لقد قرأ المجلس العسكري بذكائه نتائج جولة الإعادة مبكراً من خلال استطلاعات دقيقة أكدت قدوم الدكتور محمد مرسي رئيساً، ولو تأكد من فوز الفريق شفيق لترك له حل البرلمان، ولما كان في حاجة لإصدار إعلان دستوري مكمل.. هكذا سيستمر المجلس العسكري في المناورة حتى يكتب الدستور الجديد و يضمن لنفسه خروجاً آمناً من السلطة!. ولذلك فإن المواءمة السياسية والنظرة المستقبلية تدعو الجميع إلى تهذيب لغة الخطاب والتعامل مع المجلس العسكري بصفته شريكاً أصيلاً في الثورة المصرية، بل إنه حمى سلميتها وأقر بشرعيتها، وإن وقعت بعض الأخطاء التي لم تخلو منها ثورة في العالم، وعليه وجب التحاور الجاد بين رئيس الدولة والأحزاب السياسية والفصائل الثورية من ناحية، وبين المجلس العسكري من ناحية، لإيجاد صيغة توافقية ترضي الجميع وتحفظ للجيش ومجلسه كامل الهيبة والتوقير. إن رفض الإعلان الدستوري المكمل لن يجدي نفعاً الآن، بل سيغرق الجميع في دوامة من الفعل ورد الفعل، وكلها أمور كفيلة بإطالة أمد الفترة الانتقالية، وليتذكر الجميع أن الأخطاء الكارثية التي وقعت بداية من كتابة الإعلان الدستوري والتصويت عليه، ومروراً بتعديل بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب، ووصولاً إلى الفشل في تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور.. تلك الأخطاء التي مهدت الطريق لبزوغ هذا المشهد.. إذن فالأخطاء وقعت من الجميع بلا استثناء. في كل الأحوال، يجب أن يخرج الدستور الجديد بأسرع وقت ممكن إلى النور، وأن لا يتم السماح بتعطيل صدوره لسبب أو لآخر، ولتتوقع الجمعية التأسيسية للدستور كثيراً من العراقيل المصطنعة لتعطيلها عن إتمام مهمتها، التي أراها قضية المرحلة الراهنة. أطالب الجميع بإرجاء الكلام عن الآتي، من أجل توفير الهدوء لكتابة الدستور:- (1) قرار وزير العدل بشأن الضبطية القضائية لرجال الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية. (2) قرار المحكمة الدستور بحل البرلمان. (3) قرار المجلس العسكري بإصدار الإعلان الدستوري المكمل. نحن في أمس الحاجة لفترة من الهدوء لترتيب الأفكار وتحديد الأولويات. مصر من وراء القصد، [email protected]