كثيرة هى المواقف، التى تعيك الحيلة، ولا تسعفك الكلمات وإن ظننت أنك تملك ناصيتها، قد يتلعثم اللسان، ويرتجف القلم فى يدك، وتسقط محبرتك ولا تجد مع مشاعرك حيلة، لقد حبس العالم بأسره أنفاسه، وهو يتابع انتخابات الرئاسة المصرية، وهم ينتظرون أن تطلق صفارة النهاية ليعلن الفائز، لقد مرت مصر الثورة بمحن كثيرة، ومحاولات تكسير عظام، تدفقت الأموال التى خرجت من جيوب المصريين لتنفق بسخاء وبذخ لشراء الذمم، لقد ظنوا الفقر مدعاة لأن يبيع البسطاء ذممهم.. ونسوا أن الحرة تموت ولا تأكل بثدييها، أعددت الأبناء للحظة الرحيل عن مصر إلى الأبد، لقد كدت أترك وطنى الذى أحبه بسبب تلك المرحلة الحرجة، التى مررنا بها، بكينا مع من بكوا على أبنائهم، وتألمنا مع من تألموا، وحبسنا أنفاسنا، ولجأنا إلى الله، استفرغنا الوسع، تجردنا من كل حول وقوة إلا حول الله وقوته، تعثرت يومًا ونحن نقوم بجولة انتخابية للدكتور مرسى وكان معى كوكبة من أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين، تأخرنا فى الليل ثم قلت لهم، أتظنون أن الله سيرد هذه الجهود؟، إن الله الذى أكرمنا لن يضيع لنا تعبًا، ففى الوقت الذى نتعثر فيه ونبذل الجهد محتسبين على الله، ينفق مرشح الفلول من خزائن مساجين طره، التى جاءت من أموال الشعب، لقد خرجنا محتسبين، وخرجوا معتمدين على الفقر والجوع الذى يضرب الناس، جيشوا الإعلام الفاسد لتشويه صورة مرشح الثورة، أنفقوا الملايين ولا أنسى أننى كنت كلما حدثنى أحد عن الرشاوى، التى تقدم للفقراء والبسطاء أقول لهم أبشروا إنه النصر، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة، ثم يغلبون، ولقد أنفقوها، وهى حسرة عليهم، وغلبوا بفضل الله ورحمته، وتأملت تلك الآية العجيبة التى ساقتها الأقدار للدنيا بأسرها، أن يصبح السجين رئيسًا، والرئيس سجينًا، إنها دعوات المظلومين التى تحدث عنها بن برمك مع ولده حين تعجب من تبدل حالهم من العز إلى الذل، ومن الريادة إلى غياهب السجن، قال يا بنى دعوة مظلوم سرت بليل، غفلنا عنها ولم يغفل عنها الله، إنها دعوات المظلومين، وأموال الشعب المنهوبة، وبطش السلطة، وقهر الحكم، إنها أسباب كفيلة بزوال أى حكم على ظهر الأرض، لقد انتعش الربيع العربى بفوز مرشح الثورة واخضرت أوراقه، ولقد كان الرهان على أن الثورة أصبحت فى خبر كان، أتم الله النعمة، نشر الفضل، ويبقى أن أشير هنا إلى تلك اللحمة، التى أبداها الثوار خلف مرشحهم، إنها إرادة الله حتى يصطف الجميع خلف رئيس واحد، الإخوان المسلمون، الدعوة السلفية، الجماعة الإسلامية، حركة 6 إبريل، مؤيدو الدكتور أبو الفتوح، لقد أسقطت الجولة الأخيرة الأقنعة عن وجوه طالما تدثرت بدثار الشباب، وقفوا فى منطقة ضبابية لا رمادية فحسب، لقد تعرت الكثير من الوجوه، وسقطت الأقنعة، وكشف المستور عن الناس، وظهرت الحقائق، إن ذا يوم لكل بنى الوطن، عرفوا الغث من السمين، وعرف المخلص ممن تلون، وصمد أصحاب الأقلام الحرة والشريفة، وظلت الصحف المحترمة عنوانًا للحقيقة، تبارى الشرفاء فى صحيفة "المصريون" فى الدفاع عن مرشح الثورة، كانوا عونًا صادقًا لنبض المخلصين من أبناء الوطن، فى وقت أعدت صحف الفلول تدعمها قنوات الفلول العدة لعرش تنصيب مبارك المعدل والذى صوروه على أنه أحد أبطال الثورة، وجردوا الثوار الحقيقيين من ثوريتهم، ولقد كانت هذه مؤشرات لنجاح الثوار، لقد عم الفرح كل بيت من بيوت الشهداء، لعلهم اليوم يشعرون أن دماء أبنائهم لم تضع هباءً ولا هدرًا، لقد لثم الثوار الجراح، ووفوا بعدهم لرفقاء دربهم الذين قضوا ليعيش هذا الوطن هذه اللحظة الفارقة، لقد مهدت الجولة الأخيرة الأرض للرئيس القادم بتلاحم الثوار واصطفافهم خلف مرشحهم، وقتالهم الباسل من أجل دحر مرشح الفلول إلى الأبد، ويبقى أن ندعو من القلب أن يعين الله الرئيس محمد مرسى على هذه التركة المثقلة، وأهمس فى أذنه أن يتترس بالثوار، وأن يلتحم بالناس مع ثقتى بأنه ربما لن يعرف النوم بعد اليوم، إن الأرض عطشى لحاكم عادل، يقيم العدل وينصب الميزان، وإن النفوس تشتاق إلى الحرية، وإننا اليوم فى نعمة عظيمة ونسأل الله أن يتمها على مصر.