لعل أفضل ما حدث في حياة "أفضل" هو الزلزال..وهو من تنطبق عليه مقولة مصائب قوم عند قوم فوائد. يطلقون عليه في المخيم اسم "تاجر الفرص" وهو في الحقيقة ليس الا بائعا مبتدئا يملك دكانا صغيرا في الطرف المقابل لقطاع (أ) والواقع تحت اشراف دولة الكويت من ذلك المخيم الاكبر في اسلام آباد والمسمى (بوليس ه ي 11). بضاعته لاتتجاوز السكاكر وألعاب الأطفال والسجائر اضافة الى المشروبات المرطبة ذات الأسماء العالمية في حين ان زبائنه هم أهل المخيم لاسيما الاطفال. ويقبل على دكانه العديد من سكان المخيم ليس رغبة في الشراء لاسيما انهم لا يملكون النقود وانما لتغيير نمط الحياة اليومي في ذلك المخيم وقتل الروتين. يقول أفضل نورالهي وهذا هو اسمه لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) "أنا من سكان مظفر آباد عاصمة كشمير الحرة (الشطر الباكستاني من كشمير) ولدي القليل من المال" قبل ان يردد بصوت خافت وكأنه يخشى ان يسمعه أحد "لكنني املك الكثير من الحظ". ويمضي مفاخرا بالقول "هذا ما كانت أمي تخبرني به دائما".وسألته كونا عن مغزى مسمى (تاجر الفرص) فيقول "اجبرنا الزلزال على النزوح الى اسلام آباد..وهو ما حدث بفضل العناية الالهية التي جعلتنا من الناجين". بيد ان افضل يضيف فرحا "الزلزال الذي ساوى بيتنا بالتراب لم يصل الى حسابي في أحد مصارف اسلام آباد حيث أوفر نقودي". ثم يكمل مفسرا دوافع التسمية "كنت دائما أحلم بدخول عالم التجارة وفتح دكان صغير" قبل ان يردف "وجاءتني الفرصة في المخيم حيث فكرت كثيرا في المشروع قبل ان اقدم عليه". ويمضي افضل مثنيا على الكويت "ما دفعني الى تحقيق حلمي هو تمتع ساكني القطاع (أ) من المخيم بالمساعدات التي توفرها دولة الكويت من مستلزمات الحياة الضرورية كالسكن والغذاء والماء الخيام وغيرها من احتياجات". ويقول "بما انني لا اعمل وما دام سكان القطاع (أ) يعتمدون على المساعدات الكويتية التي توفر لهم نقودهم بما يسمح لهم بالتبضع فقد رأيت ان انتهز الفرصة واستغل حبي للتجارة ورصيدي المتواضع من المال في خدمة سكان المخيم ". ويضيف "قررت أخيرا أن أستثمر ما أملك وهو 20 ألف روبية (100 دينار كويتي) وأفتح دكاني المتواضع هذا". ثم يمضي قائلا "لهذا يلقبني بعض سكان المخيم بتاجر الفرص ويتهمونني باستغلال الوضع بعد الزلزال...لكني في الحقيقة رجل واقعي استثمر نقودي في ما ينفع الناس ليس الا". بيد انه يضيف متسائلا "يطلقون علي تاجر الفرص لكنهم يرسلون الي اطفالهم لشراء السكاكر". ويشتكي افضل من انه وفي أحايين كثيرة لا يدفع الاطفال نقودا مقابل ما يشترون فيضطر الى تدوين "المديونية" في سجل خاص. ويقول متفاخرا "احمد الله على انه جعل دكاني موضعا لتجمع الأطفال والكبار وهو ما يدفعني الى الشعور بالرضا..فقد حققت املي في التجارة في الوقت الذي خدمت فيه اترابي في المخيم". الا انه يضيف بشيء من الحسرة "لا اتوقع كسب الكثير من المال لأن المشترين من سكان المخيم لا يملكون الا النذر اليسير من المال". وما بين الدفع الفوري والآجل وشراء البعض وامتناع غيرهم يواصل أفضل نورالهي مشروعه وتستمر معه وتيرة الحياة رتيبة بطيئة في هذا المخيم الذي يعد الأكبر في العاصمة الباكستانية اسلام آباد