انعقدت المحكمة العسكرية الخاصة التى تشكلت بقرار من الجنرال منو، فى مثل هذا اليوم عام 1800 لمحاكمة سليمان الحلبى، وأخذت فى سماع مرافعة المدعى العمومى ودفاع المتهمين، وطالب المدعى العمومى بتوقيع العقاب على القاتل وشركائه، ونسب الجريمة إلى الصدر الأعظم يوسف باشا، وقال إن الذى تولى إغراء سليمان على القتل هو أحمد أغا الذى كان مغضوبًا عليه من الوزير، فأراد أن يتقرب إليه بهذا العمل الفظيع لينال رضاه، وأن القاتل اندفع إلى القتل تحت تأثير هذا التحريض، وأن تهمة شركائه المشايخ الأربعة أنهم علموا بنية القاتل وتصميمه عليها، ومع ذلك لم يخبروا ولاة الأمر بعزمه، فهم يعتبرون شركاءً للقاتل فى جريمته، وطلب البراءة لمصطفى أفندى لأنه لم يثبت علمه بالجريمة، وطلب الحكم على سليمان الحلبى بحرق يده اليمنى التى باشر بها القتل، ثم إعدامه على الخازوق وترك جثته تأكلها جوارح الطير، وبالنسبة للمشايخ الأربعة طلب قطع رءوسهم. فى أحداث يوم أمس عرض الجبرتى التحقيق الذى جرى مع سليمان الحلبى كاملا وبالتفصيل استغرق مساحة كبيرة، ويهمنا منه هذا الجزء الذى يؤكد أن سليمان الحلبى قتل كليبر لقاء منفعة خاصة، أى أنه قاتل أجير. "سئل المذكور عن قصة سارى عسكر فجاوب أنه حضر من غزة مع قافلة حاملة صابون ودخان وأنه كان راكب هجين، وبحيث أن القافلة كانت خائفة أن تنزل بمصر توجهت إلى ريف يسمى الغيطة فى ناحية الألفية، وهناك استكرى (استأجر) حمارًا من واحد فلاح وحضر لمصر ولكن لم يعرف الفلاح صاحب الحمار. ثم أن أحمد أغا وياسين أغا من أغوات الينكجرية بحلب وكلوه فى قتل سارى عسكر العام بسبب أنه يعرف مصر طيب، بحيث أنه سكن فيها سابق ثلاث سنوات وأنهم كانوا وصَوه أنه يروح ويسكن فى الجامع الأزهر وأن لا يعطى سره لأحد كليًا بل يوعى (ينتبه) لروحه ويكسب الفرصة فى قضاء شغله، لأنها دعوة تحب السر والنباهة ثم يعمل كل جهده حتى يقتل سارى عسكر العام الفرنساوى ووعدوا لكل من يقدر على هذه المادة أن يقدموه فى الوجاقات ويعطوه دراهم ولأجل ذلك هو تقدم وعرض روحه لهذا". وبعد أن تمت المرافعة طلبت المحكمة من المتهمين أن يدافعوا عن أنفسهم فلم يردوا بشىء، فأعيدوا إلى السجن، وأمرت المحكمة بإخلاء القاعة، واختلت للمداولة. ثم أصدرت المحكمة حكمها باعتبار سليمان الحلبى وشركائه الأربعة مذنبين، وبراءة مصطفى أفندى وإطلاق سراحه، وحكمت بإحراق يد سليمان الحلبى اليمنى، ثم إعدامه على الخازوق وترك جثته تأكلها الطير، وبراءة سليمان أفندى وإطلاق سراحه، وإعدام شركائه الأربعة بقطع رءوسهم وإحراق جثثهم بعد الإعدام، مع مصادرة أموال المتهم الغائب عبد القادر الغزى.