تماماً هى كنداهة إدريس بيد أنها تلتمس ضحاياها فى المدن وليس فى الريف.. والنداهة هى أسطورة أساطير الريف المصرى الذى يصف النداهة بأنها امرأة جميلة إذا نادت على أحد فإنه لا يملك إلا أن يتبعها ثم لا يخرج مصيره عن حالات ثلاث، إما الموت أو الجنون أو الهلاوس . وهى تعشق الموالد.. ولما كانت مصر تعيش مولدها الكبير هذه الأيام (مولد سيدى الرئيس ) فقد جذبها المهرجان وتخيرت من فرسانه من تخيرت ولا يمكن الجزم بعددهم غير أن أعراض النداء قد لاحت على البعض منهم فرحوا ينادون بدورهم عليها ويسعون إليها بقوة غير عائبين أو مبالين بإشارات تصدر من هنا أو هناك لوقف هذا التردى .. هؤلاء الذين ينادون بمجلس رئاسى كحل يعلمون تماماً كارثية هذا الحل، أليس هذا انقلاباً على الديمقراطية التى تشدقوا بها مراراً وتكراراً ثم انقضوا عليها عندما اخفقوا فى السباق الرئاسى.. فكيف سيحكم مصر ثلاثة اختلفت برامجهم الانتخابية وتوجهاتهم والسؤال الذى يطرح نفسه هل لو كان أحدهم مكان مرسى أكان سيدعوا إلى هذا المجلس الرئاسى المزعوم أم هى النداهة يسعى ورائها كل صام الأذنين عام البصر.. على هؤلاء أن يثوبوا إلى رشدهم ويدركوا أن الرئاسة قد ذهبت ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء وأنهم قد سقطوا فعلا فى أعين العقلاء، والويل لنا لو تركنا كل خاسر لمنصب من المناصب أن يتلاعب بمقدرات البلاد ويغير من مبادئها وما استقر عليه شعبها من اعراف وقوانين لينتزع منصبه رغم الأنوف، أن المجلس الرئاسى هى بذلة قاموا بتفصيلها على مقاسهم ويريدون إلباسها لهذا الشعب المسكين رغم قصر أكمامها وأرجل بنطالها حتى يبدو فيها كشارلى شابلن ويكون أضحوكة العالم.. وفيما الدهشة والعجب أن يحصد شفيق هذه الملايين الخمسة من الأصوات والثوريين على هذه الشاكلة من الأنانية .. فقبيل الانتخابات دعا العقلاء القطبين الكبيرين إلى الاتفاق على مرشح واحد والاصطفاف خلفه كرئيس والآخر كنائب له فأبا وأعرضا ونأيا كل بجانبه متعاظماً عن دور الرجل الثانى واندفعا فى السباق فكانا كفرسى رهان، وجاءت النهاية فكان الخروج الصدمة.. فلا تلومونا ولوموا أنفسكم.. لقد لاحت النداهة فنادت وهمست وألقت وشاحها القرمزى ثم توارت مبتعدة .. يتبعها الغاوون، وبدأت رحلة البحث عن النداهة ... واختلط المنادى بالمندوه وبدأ الوسواس القهرى يعلو مردداً مرثية الحال والمحال ... شىء من بعيد نادانى .... وأول ما ندانى .... جرى لى ما جرى لى... وموش بايدى يابا ....موش بايدى يابا.