كما توقعت قبل عدة أيام ، ذهب موقع مدير عام اليونسكو للمرشحة الفرنسية "أودراي أزولاي" ، وخسر العرب من جديد فرصة كانت في متناولهم أكثر من أي وقت مضى ، بسبب الغيرة والمرارات السياسية ، خاصة مع الأزمة الخليجية الأخيرة ، في الجولة الأولى حصل المرشح القطري على 19 صوتا ، وحصلت مرشحة مصر مشيرة خطاب على 11 صوت ، وهذا يعني أن العرب حصلوا على 30 صوتا ، كانت كافية لحسم الموقع لهم من أول عملية تصويت لو كانوا توافقوا على مرشح واحد ، وفي الجولة الأخيرة قبل جولة الحسم ، حصل مرشح قطر على 22 صوتا ، ومرشحة مصر على 18 صوتا ، أي أن العرب حصلوا على 40 صوتا ، وهذا يشير إلى ميل عالمي لمنح المنصب لمرشح عربي ، ولكن التمزق انتهى بهم إلى أن يخسروا الجولة الحاسمة التي جرت بين مرشح قطر والمرشحة الفرنسية ، لأنه من الطبيعي أن تفكر بعض الدول في الخروج من الانقسام العربي وإحراجاته بالتصويت لمرشح آخر بعيد عن الصراع ، فكانت الحصيلة للمرشحة الفرنسية ، كما أشرت في مقالي السابق والمنشور بعد الجولة الأولى . ما يعنيني هنا هو مرشحة مصر ، الدكتورة مشيرة خطاب ، ومن الواضح أنه لن تفكر أي جهة في مصر في مراجعة ما حدث ، والتحقيق فيه ، من أول اختيار المرشحة لتمثل مصر في هذه الموقعة المهمة ، حيث هناك ما يشبه الإجماع على أنها لم تكن الشخص المناسب لها ، مرورا بالإصرار على خوض النزال حتى نهايته ، رغم الهزيمة أربع مرات أمام المرشح القطري وبفارق كبير ، وثلاث مرات أمام المرشحة الفرنسية ثم الخروج النهائي أمامها في جلسة تصويت ترجيحية وبفارق كبير ، كان واضحا أن المرشحة المصرية ليست أمام فرصة حقيقية للفوز ، ومع ذلك أصرت البعثة المصرية الكبيرة وعلى رأسها وزير الخارجية على الاستمرار والإقامة على نفقة مصر "الفقيرة قوي" ثمانية أيام في العاصمة الفرنسية . الأسوأ من ذلك كله أن مصر لم تنجح في إدارة هذه المعركة بسمت "الكبار" ونبل "الكبار" وسلوك "الكبار" ، بل بدا الأمر كما لو كنا في "خناقة حواري" وليس في نزال حضاري رفيع يراقبه العالم كله ، ومع الأسف كانت المواقف السياسية والديبلوماسية والإعلامية مهينة لمصر وقدرها ومكانتها وحجمها ، لقد بدا الأمر كما لو أنه "كيد" ومعاندة طفولية ضد المرشح القطري تحديدا ، وكما لاحظ كثيرون ، فقد انشغلت آلة الإعلام في مصر بالهجوم على المرشح القطري أكثر من الانشغال بمرشحتنا نفسها والتعريف بها ، كما أنه لم يكن وزير الخارجية سامح شكري موفقا عندما أعلن بعد هزيمة خطاب أمام أزولاي عن دعم مصر للمرشحة الفرنسية ضد المرشح القطري ، هذا الإعلان سيسجله التاريخ ، ولن ينسى بسهولة ، وقد أثار غضبا واسعا في العالم العربي من شرقه إلى غربه ، لأن مصر تصنف تقليديا بأنها "الشقيقة الكبرى" للدول العربية ، رغم أي خلاف ، كما أنها البلد الذي تأسست فيه جامعة الدول العربية ، وهي الدولة التي تحتضن مقر جامعة الدول العربية التي من وظيفتها ورسالتها ودورها مناصرة الموقف العربي في المحافل الدولية ، فأن تقرر هذه الدولة الانحياز للمرشح غير العربي ضد المرشح العربي في جولة الحسم النهائية لهو أمر مشين بالفعل ، وقد كان بوسع الديبلوماسية المصرية أن لا تعلن ذلك حتى لو مارسته عمليا ، ولكن الإعلان أساء إلينا ، وشوه صورة مصر أكثر في العالم العربي ، ولا أعتقد أن الفرنسيين أنفسهم ، الذين فازوا بالمنصب ، سيحترمون مثل هذا الموقف ، حتى لو كان لصالحهم . مع الأسف الشديد ، أتت معركة اليونسكو لكي تؤكد من جديد على تراجع مكانة مصر دوليا ، لدرجة أن دولة حديثة النشأة مثل قطر تحظى بكل هذه الأصوات من دول العالم رغم تكرار التصويت على حساب مصر ، كما أن إدارة تلك المعركة الصغيرة ، سياسيا وديبلوماسيا وإعلاميا ، أكد من جديد أن بعض أصحاب القرار في القاهرة لا يدركون بشكل جيد حجم الدولة التي يديرونها ومكانتها وتاريخها ، فيتسببون في تقزيمها أكثر ، أمام أشقائها وأمام العالم . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1