اختص الله تعالى مصر بنهر هو أطهر أنهار الأرض قاطبة وله من المناقب ما ليس لغيره من الأنهار. ولعل من هذه المناقب مثلا لا حصرا: أن نهر النيل من انهار الجنة رآه النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة المعراج. إذ ورد في (صحيح البخاري): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفعت لي السدرة، فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فأما الظاهران: فالنيل والفرات، وأما الباطنان: فنهران في الجنة). وفي (صحيح مسلم): قال رسول الله: (سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة). وذكر الله تعالى نهر النيل في القرآن الكريم عدة مرات باسم أليم او النهر . ودعا النبي نوح (عليه السلام) لنهر النيل بالفصل عن غيره من الانهار لما دعا نوح عليه السلام لحفيده مصرايم بن حام (جد المصريين) لما جاء يسكن أرض مصر. وقال نوح: ( اللهم بارك فيه (اي في مصرايم) وفي ذريته (وهم المصريون) ... وأسكنه الأرض المباركة (وهي ارض مصر) التي هي أم البلاد وغوث العباد ... واجعل نهرها أفضل انهار الدنيا ... واجعل فيها أفضل البركات...) وهو الدعاء المعروف بدعاء النبي نوح عليه السلام لأرض مصر. ودفن بنهر النيل النبي يوسف (عليه السلام) قرب الفيوم. وحفظ نهر النيل النبي موسى (عليه السلام) من الهلاك من جند فرعون لما القته أمه (يوكابد) في التابوت (سفط البردي) ثم وضعته في نهر النيل. وسار التابوت بالطفل (موسى) حتى توقف عند قصر فرعون. وعبر السيد (المسيح) عليه السلام وأمه السيدة مريم ويوسف النجار نهر النيل في رحلتهم المباركة إلى أرض مصر. ومن أشهر مواضع عبورهم لهذا النهر عند منطقة المعادي إذ عبروا النهر بمعدية كانت هناك ولهذا سمي الموضع بعد ذلك بالمعادي. ووردت قصة قدوم المسيح إلى مصر في (سفر متى). وشق النبي يوسف (عليه السلام) فرعا من النيل حمل اسمه وهو (بحر يوسف). وقد ورد ذكر نهر النيل باسمه صراحة في أسفار التوراة مئات المرات. وتذكر اسفار التوراه ايضا نهر النيل باسم (نيل مصر) ... وكأن النيل نهر اختص بمصر دون غيرها من البلاد. حيث ورد في سفر التكوين: (في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام (وهو النبي ابراهيم) ميثاقا قاءلا لنسلك أعطي هذه الأرض من نيل مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات...). غير أن اليهود أخذوا هذا المتن وزعموا انه يشير إلى) كذبتهم الكبرى) حول ما يسمونه أرض إسرائيل التي تمتد من نهر النيل إلى الفرات. وتباهي فرعون بنهر النيل في القرآن الكريم وقال: (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون). وكان للنيل سبعة فروع في ذلك الوقت ولهذا ورد في هذا الموضع في القران بصيغة الجمع أنهار . ولما جاء الإغريق إلى مصر لم يكن يوجد إلا فرعان لنهر النيل وهما فرعا رشيد ودمياط ولهذا أطلقوا على المنطقة الواقعة بين الفرعين اسم الدلتا لأنها كانت مثلثة الشكل على غرار حرف دلتا عندهم. وفي العصر الإسلامي ... أعاد المسلمون حفر القناة التي تربط نهر النيل بالبحر الأحمر وعرفت باسم (خليج أمير المؤمنين) عمر ابن الخطاب رضي الله عنه او فم الخليج. وذات مرة ... بعث عمر بن الخطاب للنيل برسالة يأمره فيها أن يعود بالزيادة حيث انخفض منسوب المياه بالنهر وكادت مصر تقع في القحط فأطاع نهر النيل أمر أمير المؤمنين بإذن الله تعالى... وهذه من بركات عمر بن الخطاب. وعبر نهر النيل ارسل والي مصر (عمرو بن العاص) المدد إلى الخليفة عمر بن الخطاب بالمدينة لما وقع الجدب بجزيرة العرب في (عام الرمادة) ... هذا ما اسعفتني به ذاكرتي عن مناقب نهر النيل العظيم ...