المسلمون -الذين يهمهم الأمر- يترقبون ليلة خير من ألف شهر، ليلة من بين عشر ليال، رسول كريم لم يبخل عليهم بالمساعدة وطلب ترقبها في ليالي الوتر في العشر الأواخر من شهر رمضان .. لم يحدد القرآن ولم تحدد السنة ليلة بعينها.. الحكمة هي تحفيز المؤمن على مزيد من الطاعة والعبادة والتقرب الى الله ..وايضاً اختبار للصبر والاجتهاد.. ليلة القدر طويلة بطول عشرة ليال، كل ليلة من المحتمل أن تكون ليلة القدر لذا فالمجتهدين يعتكفون أو يعتزلون اما غيرهم فكل الليالي في عيونهم وقلوبهم متشابهة.. هي قضية ايمان.. كلما زاد الايمان بليلة القدر كلما زاد الاجتهاد وكلما ضعف الايمان قل الاجتهاد.. والايمان لا ينشأ في ساعة من نهار..لا يشرع الاقرار بان هذه الليلة او الليلة التالية ستكون ليلة القدر لكن عندما تحل ليلة القدر بالفعل فان الشعور بها مشروع ومحسوس ومجرب ..علامات متعددة يرصدها العلماء من القرآن والسنة تميز ليلة القدر عن غيرها من الليالي..تظل علامة هبوط الملائكة من السماء هي العلامة الأكثر وضوحاً او العلامة الأكثر استشعاراً..لماذا؟ لأن هبوط الملائكة في هذه الليلة أقره الخالق في كتابه العزيز..ولأن هبوط الملائكة في مكان ما يصنع أجواءاً خاصة للغاية ويخلق شعوراً واضحاً وخالصاً بالراحة والطمأنينة..في المسجد الملائكة موجودة والشعور في المسجد يختلف عن الشعور خارجه..في البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويغرد اهله بذكر الله الملائكة حاضرة والشعور بها موجود ولا يمكن انكاره..من يكرمه الله بزيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي وبقلب صاف مقبل على الله سيستشعر وجود الملائكة لا محالة فالهدوء الذي يعتري النفس في هذين المكانين لا يمكن وصفه بكلمات.. فقط تحس به النفس ويقر في القلب..في كل مكان تهبط فيه الملائكة هناك أجواء مختلفة وخاصة وحصرية..ليس هذا فقط بل الأكثر من هذا ان جبريل سيهبط مع الملائكة (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) جبريل هو الروح.. وجبريل على الأرض في تلك الليلة.. وفد رفيع المستوى من الرحمن بقيادة جبريل يمر على رؤوس الغافلين فلا شعور ولا احساس ولا سلام.. يهبط الوفد على عباد الله الناسكين الموفقين في تلك الليلة فيصلوا عليهم ويسلموا تسليما.. قطعاً سيشعر الناسكون المتعبدون الموفقون بقدومهم.. وربما يردون عليهم السلام…