يتعرض الإخوان لحملة كبيرة بالتلويح والتصريح بأنهم يستحوذون على كل المناصب الحساسة لصنع القرار، وأنهم يمارسون سياسة الإقصاء للآخر، والحق أنه يجب على الإخوان أن يقدموا أفعالا لا أقوالا حتى يخرجوا من هذه الموجة من الانتقادات وهم يرتدون ثياب الفروسية، التى طالما كان يرتديها الإمام المرشد "حسن البنا" فى كل المواقف الحساسة. ولعلهم يتذكرون ما قام به الإمام المرشد حينما صدر كتاب "مستقبل الثقافة فى مصر"، والذى أثار لغطا كبيرا فى الرأى العام وكان من ملابسات الواقع أن يعرف الناس رأى جماعة الإخوان كجماعة لها وزن، وخاصة رأى السيد المرشد، ورغم ضيق الوقت الذى كان يحاصره وتشعب الأمور لم يمنعه أن يطالع الكتاب لدرجة أنه كان يقرأ صفحاته أثناء عودته من العمل بمحطات الترام، حينما علم "طه حسين" بموعد نقد المرشد لكتابه أصر أن يحضر الندوة مستخفيًا بمكان لا يراه أحد وبعد الانتهاء من الندوة طلبه طه حسين فى مكتب الوزارة، وقال له لقد سمعتك وأنت تنتقدنى "وياريت كل خصومى يكونوا مثلك" فأنا كرّست حياتى لمحاربة الأزهر لأنه استعدانى، فلم يكن من السيد المرشد إلا أنه قال له: أرجو أن نتعامل بنظرية الفيل، والذى رآه جماعة من العميان فكل منهم وصفه حسب ما لابسه واستشعره بيده، فالذى حسّس عليه بيده صادق فى وصفه ولكنه جزء من الحقيقة، وكذلك الذى وضع يده على أذنه أو الذى وضع يده على رجله فرآها أصل الدمار، والحقيقة أن الرؤى مختلفة ولكنها جزء من الحقيقة، فلو اتفقوا ووضعوا تصورا شاملا لوصلوا لتصور حقيقى لهيئة الفيل الذى كان يمتطيه ملك فى طريقه لتدمير قرية العميان ولأنقذوا أنفسهم من هلاك محقق. الفصائل والقوى الثورية بكل أطيافها تتمسك بجزء من الحقيقة وليس كل الحقيقة وإن كان هناك من لديه تصور أوسع وفق ما يتوفر لديه من ملامسة الواقع الحقيقى، ولكن يجب على الجميع لا أقول يتنازل بل يسمع بتجرد لرأى الآخر حتى يتفادى الجميع بطش الفيل. الكل يرفع شعار "القوى الأمين" والقوة فى أبسط إنزالها على الواقع أن تترجم فى قراراتها، وبصفتى فردًا من أبناء التيار الإسلامى أؤمن وأعتقد أن أقوى شخص بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الصديق أبو بكر- رضى الله عنه- وتأتى قوته فى اتخاذه أكبر قرارات مصيرية فى الدولة دلّت على أنه هو الأقوى والأكبر حسا ومعنى فحينما يأتى إليه الأشعث بن قيس مرتدا، يقبل إسلامه ويزوجه بأخته تألفًا لعشيرته ولملمة لقوة الدولة حتى لا ينفرط عقدها. الجميع فى حاجة ماسة إلى تجرد وصدق لهجة وهى أكبر أزمة فى الأحزاب، والذى أقوله بصدق وفق متابعتى لمعظم برامج الفضائيات أن كل الذين يتحدثون بصدق وإن كنت أختلف معهم فكريا لا ينتمون لأى أيديولوجيات وكنت أتمنى من أبناء التيار الإسلامى أن يقدموا شهادة قدوة واطمئنان للتيارات الأخرى بوصفهم الفصيل الأكبر والأوسع انتشارًا، ويكون المعيار للكفاءة وليس الأيديولوجية والجميع يراقب ويمحص والناس خلفاء الله فى أرضه ولن يجتمعوا على باطل ويكون شعار القوى الأمين وراء اتخاذه قيادة قوية أمينة وليس قوة فكرية أو أيديولوجية طاغية. [email protected]