جمال خاشقجي الذي زاملته في جريدة واحدة عندما كان كلانا في نهاية عشرينيته الأولى هو أشهر صحفي سعودي وخليجي وعربي في دوائر الإعلام الغربي. لا يبزه صحفي أو إعلامي آخر في غزارة تواجده على الساحة بالرأي المكتوب والتلفزيوني وتغريداته على تويتر التي يتناقلها الإعلام العالمي ويعتبرها مصدرا مهما موثوقا. ربما لهذا كثر الحاسدون من أهل مهنته خصوصا من السعودية وناصبوه الخصومة بلا سبب سوى تفوقه الذي يستحقه عن جدارة فهو صحفي غزير الانتاج في مجال الميديا ، يتميز بتحليلاته الرصينة المبنية على معلومات موثقة وبيانات تفصيلية ، ضيف دائم على كبرى الندوات والمؤتمرات البحثية والسياسية في الغرب والشرق على السواء. ما من ندوة سياسية لمركز دراسات في الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية إلا كان جمال خاشقجي على رأس قائمة المتحدثين. لم يتقبل حاسدوه ما تتناقله كبريات وسائل الإعلام العالمية مثل سي إن إن وواشنطن بوست وبي بي سي ونيويورك تايمز عن تغريداته ومقالاته ومقابلاته التلفزيونية، وكذلك وسائل الإعلام العربية التي كانت تزيد بلازمة متكررة اخترعتها من عندياتها ولا ذنب لخاشقجي فيها ولا هو مسؤول عنها من قريب أو بعيد ، تقول هذه اللازمة إنه مقرب من دوائر صناعة القرار أو من الحكومة السعودية ، وربما ذلك جعل وزارة الخارجية تصدر بيانا بأنه لا يمثل المملكة بأي صفة وما يعبر عنه من آراء تعد شخصية ولا تمثل مواقف الحكومة السعودية بأي شكل من الأشكال. جمال نفسه نفى في مرات عديدة أن كلامه يمثل الجهات الرسمية أو يتطابق معها. وهو بالتأكيد ليس مسؤولا عن خيال بعض الصحفيين الذين لا يجدون ما يكتبونه سوى الإشارة إلى مقالاته وتغريداته وندواته باعتبارها خبرا مهما وأحيانا عاجلا مقرونا بتلك اللازمة الشهيرة التي اخترعوها. صحفي سعودي كبير من حاسديه ومن زمرة المتلبرلين (المحسوبين على الليبرالية) كتب مرة يهاجمه بسبب عبارة "المقرب من دوائر صناعة القرار" وفيما بعد هلل لمنعه من الكتابة والتغريد والندوات واللقاءات التلفزيونية، وهو أمر مؤسف للغاية خصوصا أن الممنوع كاتب مستقل محب لوطنه مدافع عنه، بل هو أحد أهم قواه الناعمة في مواجهة مهاجمي بلاده ، يرد عنها الصاع صاعين بحجة ومنطق وعمق وعلم وجزالة وحرفية عالية ، لدرجة أن كارهي السعودية في الإعلام والسياسة أقاموا حفلة بمجرد توقفه عن الكتابة والتغريد ابتداء من 18 نوفمبر من العام الماضي. إعلامي آخر لم تمنعه طاقة الحظ الوافر الذي هبط عليه بتقديم برنامج يومي مسائي في قناة شهيرة أصبح بسببها أحد النجوم ، من تنظيم فرح عارم على صفحته على تويتر احتفاء بوقف بث قناة العرب الإخبارية بعد انطلاقها بساعات من البحرين.. لا سبب للفرح سوى أن مديرها هو جمال خاشقجي. أغلق الإعلامي حسابه بعد الفرح المثير للدهشة والاستغراب وقيل إن صاحب قناته استهجن ذلك ولامه بشدة. من المألوف في عالمنا العربي وقف صحفي عن الكتابة ومنع القنوات التابعة من استضافته ، لكن من غير المألوف أن يوقف عن نشاطه الشخصي مثل تغريداته على تويتر وتحدثه في الندوات والمؤتمرات أو تلبية دعوات الظهور على قنوات تلفزيونية مستقلة. لقد ظننا من فرط هذا التنكيل أنه ممنوع أيضا من الصرف ومن النوم على جانبه الأيمن أو الأيسر. جمال خاشقجي ضحية البعض من أهل مهنته الذين طاردوه بالحسد والحقد فيما كان يقابلهم بالحب ، لم يقف عثرة في طريق أحد منهم ، وكان يسعى دائما لوضعهم في دائرة الضوء. لا ذنب له أن إمكانياتهم كده في حين أن إمكانياته تناطح السحاب. أتمنى أن يعود جمال خاشقجي سريعا لمهنته التي يعشقها كاتبا ومتحدثا ومقكرا فهو خسارة كبيرة ليس للسعودية فقط بل للإعلام العربي من المحيط إلى الخليج. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.