أعلم أن كلماتى قد تبدو قاسية وشديدة المرارة كطعم العلقم ولكنى عذرى أننا أمام لحظة فارقة حقيقية وليست فارقة زائفة كتلك التى صدع بها مبارك أدمغتنا على مدار ثلاثين عامًا.. فالثورة المصرية على المحك وحالة التيار الإسلامى مأزومة والقوى السياسية تتخبط وحلمنا فى دولة القانون والحريات يتبدد لذا لابد من المصارحة. يضاف إلى ما سبق أنه لا يريد أحدٌ أن يستمع إلى النقد ولا أن يصغى إليه بل يعتبره جزءًا من المؤامرة التى تحاك ضده حتى ولو جاء من أقرب الناس إليه فكراً وسلوكاً، فلابد من الاعتراف بأن سلوك جماعة الإخوان سبب ارتباكًا كبيرًا فى أوساط الحركة الإسلامية بسبب الإصرار على الدفع بمرشح لهم فى وقت كانت الجهود مبذولة من أجل التوافق على مرشح واحد من الموجودين حينها وهو د. العوا ود. أبو الفتوح وحازم أبو إسماعيل، وكانت الحجة التى دفعت بها الجماعة حينها هو رفض العسكرى تكليف حزب الحرية والعدالة تشكيل حكومة ائتلافية، إضافة إلى التسريبات شبه اليقينية بحل مجلسى الشعب والشورى، مما جعل الجماعة تتخذ هذه الخطوة الاستباقية حسب تصريحات قادتها وهى تعكس حرصًا على مصالح الجماعة فى المقام الأول رغم محاولتها بعد ذلك تسويق الأمر وربطه بتنفيذ مشروع النهضة، وهو سبب لا يصمد أمام المناقشة المنطقية إذ إن الجماعة نفسها صرحت قبل ذلك بأنها لن تترشح على منصب الرئيس بل أعلنت صراحةً على لسان المرشد أنها لن تدعم أى مرشح إسلامى ما يعنى أن الجماعة لو كانت حريصة بالفعل على مشروع النهضة لما ذهبت ذلك المذهب ولأصرت من البداية على الدفع بمرشح لها على منصب الرئاسة لتحقيق مشروعها. كما أن السلوك الإخوانى الذى أعقب الدفع بمرشحها غير مقبول شكلاً وموضوعًا فقد مارست الجماعة نوعًا من الابتزاز الفكرى إن جاز التعبير فى حق شركائها فى الحركة الإسلامية (الذين لا تعيرهم كثير اهتمام)، وذلك بالإصرار على أن تأييد أى مرشح آخر غير الإخوانى يعنى تفتيت الأصوات وشق الصف الإسلامى مع أن الجماعة هى من فعلت ذلك بدفعها بمرشحها فى اللحظات الأخيرة لتعميق الانقسام الموجود أصلاً بل وأصرت على إبقائه ولم تلتفت إلى أى محاولة للتوافق الذى وافقت عليه فى حالة واحدة فقط وهو أن يتم التوافق على المرشح الإخوانى!! كما أن سلوك الجماعة الاستحواذى حتى مع شركائها فى التيار الإسلامى خلال الفترة السابقة عمق من مخاوف استيلاء فصيل بعينه على جميع السلطات فى الدولة والآثار الكارثية المترتبة على ذلك ففرق كبير بين أن يحكم حزب ما الدولة فى إطار القانون والدستور وبين أن تحكم جماعة من خلف الستار ومعنى ذلك أننا نؤسس دون أن ندرى لشكل جديد من أشكال حكم "الملالى" فى مصر ونستنسخ منصب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية (المصرية) دون أن نشعر، فمن الملاحظ أن الذى يتولى تسويق المرشح الرئاسى د. محمد مرسى جماعة الإخوان وليس حزب الحرية والعدالة، وهذا كله من باب اختلاط الحابل بالنابل ودليل على عدم نضوج التجربة الحزبية فى مصر حتى يتم الدفع بأن الأحزاب فى جميع أنحاء العالم من حقها أن تحكم وتسيطر على جميع مفاصل الدولة. وللأسف الشديد فبعد أن صدرت الجماعة حالة القلق إلى بقية أطياف الحركة الإسلامية والتى تشهد حاليًا انقسامات وتجاذبات على خلفية اختيار المرشح الذى سيتم دعمه قد نفاجأ فى لحظة ما بسحب الجماعة لمرشحها إذا ما تم التفاهم مع المجلس العسكرى بتكليف حزب الجماعة بتشكيل حكومة ائتلافية وحينها ستفعلها الجماعة أيضًا بصورة منفردة دون النظر إلى شركائها فى الحركة وستتركهم يصارعون القلق ويعالجون الشروخ التى سببها لهم قرارها الأحادى فى الدفع بمرشح رئاسى. ويبقى تساؤل هام ماذا لو توافقت القوى الإسلامية على دعم مرشح إسلامى آخر غير مرشح الإخوان هل ستقوم الجماعة بسحب مرشحها؟ تريدون إجابتى ... لا بالطبع!!! [email protected]