تواصلت ردود الفعل في الأوساط الإسرائيلية إزاء قرار مصر بوقف تصدير الغاز الطبيعي إليها، وعلى الرغم من محاولة المسئولين الإسرائيليين التهوين من تداعيات القرار إلا أنه كانت هناك مطالب باتخاذ موقف عنيف بلغ حد المطالبة بإعادة احتلال شبه جزيرة سيناء، وذلك ردًا على القرار الذي يأتي في خضم التوتر الذي يشوب العلاقات بين الجانبين. ودعا ميخائيل بن اري عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب "الاتحاد الوطني" المتشدد في تصريح مساء الاثنين إلى التعامل مع مصر بشكل صارم، موضحا أنه جاء الوقت لإلغاء اتفاقية السلام بشكل أحادي الجانب من قبل إسرائيل وإعادة السفير الإسرائيلي "المختبئ" في القاهرة، وعودة القوات الإسرائيلية إلى سيناء والتعامل مع مصر على أنها حركة "إرهابية" لا كيانا سياسيا، على حد تعبيره. من جهته، قال بنيامين بن إليعازر، عضو الكنيست, الوزير الإسرائيلي الأسبق المعروف بعلاقاته القوية مع الرئيس السابق حسني مبارك إنه منذ توقيع اتفاقية الغاز مع مصر عام 2005 لم يمر شهر واحد إلا وكان به العديد من المشاكل الخاصة بتلك الاتفاقية". وأضاف بن إليعازر للقناة العاشرة الإسرائيلية "كنت أتصل بعمر سليمان مدير المخابرات السابق كلما تحدث مشكلة وأسأله ماذا يحدث فيما يتعلق بالاتفاقية"، وأشار إلى أنه كانت "هناك شائعات كثيرة عن عمليات فساد شابت صفقة الغاز، لكنني لم أر شيئا من هذا القبيل وكان من بين تلك الشائعات أن مدير شركة (شرق غاز المتوسط) اي ام جي للغاز الطبيعي هو قريب عمر سليمان". وعلى خلاف التفسيرات الإسرائيلية التي وضعت القرار في إطار "نزاع تجاري" بين الجانبين، قال تسيبي مازائيل سفير إسرائيل الأسبق بالقاهرة في مقال بصحيفة "كالكاليست" العبرية، إن القرار بإلغاء الاتفاقية هو خطوة تتجاوز النطاق التجاري". وأوضح أن الدولة المصرية حققت إيرادات كثيرة تقدر بملايين الدولارات من صفقة الغاز مع إسرائيل، معتبرًا أن "إلغاء الاتفاقية يمثل مساسا خطيرا بمصالح الجانبين المصري والإسرائيلي في الوقت الذي ترتكز فيه اتفاقية الغاز على الملحق الاقتصادي الخاص بالنفط في اتفاقية "كامب ديفيد". وأضاف أن شركة الغاز المصرية التي قامت بإلغاء الاتفاقية لم تكن لتقوم بهذه الخطوة دون استشارة وزارة الطاقة المصرية والمجلس العسكري الذي يدير البلاد منذ إسقاط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأشار إلى أن "للقاهرة مصلحة في الحفاظ على علاقات السلام مع تل أبيب وهي العلاقات التي منحتها 33 عاما من الاستقرار وأتاحت لمصر التفرغ لمعالجة مشاكلها الاقتصادية وهو الأمر الذي لم يسير على نحو صحيح للأسف". وتابع: "لابد أن يكون واضحا للمجلس العسكري أن إضرارا قد حدث بالعلاقات الإستراتيجية بين الجانبين وإذا لم ترجع القاهرة عن قرارها فإن الحديث يدور عن مساسا باتفاقية السلام ما يقف ضد مصالح مصر". واستدرك: "علينا أن نتذكر الأسلوب الغريب الذي اتبعه المجلس العسكري أثناء اقتحام سفارة إسرائيل بالقاهرة، كان هناك ضرورة لتدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما كي يقوم الجيش المصري بإنقاذ حراس السفارة الذين كانوا محتجزين داخلها". وقال السفير الإسرائيلي الأسبق، إن قيام المجلس العسكري بإلغاء اتفاقية الغاز ربما يكون نوعا من "الاسترضاء" للرأي العام المصري وبتحريض من جماعة الإخوان المسلمين الذين يرون في الاتفاقية جزءا من منظومة الفاسد المستشرية خلال عهد حسني مبارك. وأشار إلى أن "العسكري يقوم هذه الأيام بحملة شرسة ضد الإخوان المسلمين فيما يتعلق بصياغة الدستور ومركز الجيش والرئيس في الفترة المقبلة وربما يكون إلغاء اتفاقية الغاز يجعله يحظى بنقاط كثيرة في هذا الصراع". وختم مازائيل قائلاً، إنه "على أي حال فإن الحديث يدور عن تدهور في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب ومساسا بأحد الركائز الهامة، وإذا ما نجح "الإخوان" في صياغة دستور جديد ذو طابع إسلامي وإذا ما نجحوا في انتخابات الرئاسة فإن من المتوقع أن تمر العلاقات بين مصر وإسرائيل بامتحان صعب". من جانبها، أشارت صحيفة "انرجيا نيوز" الاقتصادية العبرية إلى اقتراح ستتقدم به إسرائيل لشركة (اي ام جي) للغاز الطبيعي بامتلاك إسرائيل أو تأجيرها لمرافق الغاز التابعة للشركة بمنطقة عسقلان والتي تم إقامتها بتكلفة وصلت لحوالي نصف مليار شيكل وتصل ما بين شمال سيناء وإسرائيل بخط أنابيب يمتد ل 160 كيلومترًا. وذكرت الصحيفة أن وزارة الطاقة بإسرائيل تناقش هذا الأمر مع الوزارات الإسرائيلية الأخرى لما سيكون له من فوائد لإسرائيل، دون أن توضح ماهية هذه الفوائد وحجمها، لافتة إلى أن الاقتراح تم طرحه مؤخرا أثناء اجتماع عقدت لجنة ناقشت تصدير الغاز الإسرائيلي للخارج. وقالت إنه حتى الآن من غير الواضح هل ستمتلك إسرائيل مرافق الغاز الخاصة بالشركة بشكل كامل أو أنها ستقوم بتأجيرها لمدة عام وهي الفترة التي قد تسوى فيها الخلافات وينتهي الجدل الدائر بين شركة (اي ام جي) والحكومة المصرية. من جانبها، أشارت صحيفة "معاريف" إلى قيام أصحاب الأسهم في شركة امبل –المشاركة في اتفاقية الغاز- بجلسة مداولات أمس الأول لمعرفة حجم الأخطار القانونية التي قد تتعرض لها الشركة الإسرائيلية بسبب إلغاء مصر للاتفاقية"، مضيفة أن" الخطوة المصرية أدت إلى انهيار أسهم وسندات امبل في البورصة".