زيارة مفتي مصر للقدس ما كان لها أن تحدث دون مباركة وموافقة المجلس العسكري .. فهل أراد المجلس العسكري توريط الإسلامين ( الإخوان والسلفيين ) في تصريحات ومواقف يسوقهم من خلالها أمام العالم في موقف الرافض للتطبيع مع إسرائيل .. وأنهم حال وصولهم للسلطة سيكون لهم من المواقف المتشددة تجاه إسرائيل ما هو أعمق من مجرد إدانة زيارة مسؤول ديني للقدس تحت الاحتلال ؟ أعتقد ذلك .. وأعتقد كذلك أن ثمة حوارات سرية تدور بين المجلس العسكري ودوائر غربية مفادها أن مصالح الغرب وإسرائيل لن تتحقق في وجود رئيس يتبنى الفكرة الإسلامية كاملة غير منقوصة .. وأن على الغرب أن يغض الطرف عما سوف يحدث من تزوير خلال انتخابات الرئاسة المقبلة ليصل لسدة الحكم في مصر رئيس " فلولي " أو على الأقل رئيس لا يؤمن بالفكرة الإسلامية الكاملة ؛ بُغية المحافظة على مصالح الغرب ومصالح إسرائيل . فخ زيارة المفتي للقدس لا يتطلب من الإسلاميين التشنج والرد العنيف والتركيز على رفض الزيارة قدر ما يتطلب إظهار الحكمة السياسية والتركيز في الرد على عنصرية إسرائيل وجرائمها بحق الشعوب العربية وانتهاكها للمواثيق الدولية كمبررات لرفض الزيارة ومن ثم تفويت الفرصة على من يُريد إظهار الفكرة الإسلامية الكاملة في موقف الرافض للتعايش مع الآخر . إن العدل والمساواة والحرية والكرامة والتسامح كمرتكزات أساسية للفكرة الإسلامية الكاملة تأبى قبول ممارسات إسرائيل اللا إنسانية والعنصرية تجاه الفلسطينيين .. كما أن الفكرة الإسلامية الكاملة تؤمن بإحقاق حقوق الإنسان للبشر كافة دونما تمييز ؛ ومن ثم تأبى اغتصاب إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي تقرير مصيره .. فهل إسرائيل ومن ورائها الغرب على استعداد لقبول تلك المرتكزات كأسس للتعايش مع الآخر ؟ .. أم أن الأمر لا يعدو في نظرهم مجرد حبر على ورق يسطرونه في مواثيق الأممالمتحدة ويضربون به عرض الجدار عندما تتعلق الحقوق بالإنسان المسلم ؟! لو قبلت إسرائيل ومن ورائها الغرب بالعدل والمساواة والحرية والكرامة وإحقاق الحقوق بشأن القضية الفلسطينية وقتها لن يكون ثمة اعتراض على زيارة المفتي " الفلولي " للقدس بل سيزورها المرشد نفسه .. ودونما دعوة أو موافقة أحد ! وأخيرا هل يعي الإسلاميين ممن يتبنون الفكرة الإسلامية الكاملة خطورة الموقف وخبث التدابير .. وهل يدركوا أن عدم التوافق على مرشح إسلامي واحد تحتشد من وراءه الأمة المصرية قد يُطيح بالمشروع الإسلامي كله إلى أمد مستقبلي غير منظور ؟! أم ستفلت تلك اللحظة الذهبية المتاحة من بين أيديهم ويُكرثوا في وعينا أن السياسي المسلم المحنك محض سراب لا وجود له ؟!! [email protected]