فى عام 1994 قال الملك الحسن ملك المغرب لرئيس منظمة التحرير طبقًا لما ورد فى كتاب سلام الأوهام لمحمد حسنين هيكل : (يا أبو عمار، علينا أن نعترف أن هؤلاء الناس أقوياء جدا، ولك أن تتأمل ما فعلوه معك. إنهم استطاعوا فى أربع وعشرين ساعة أن يغيروا صورتك من إرهابى مطلوب إلى صانع سلام يدخل البيت الأبيض، ويتعشى فى وزارة الخارجية، ويتغدى فى البنك الدولى، ويشرب الشاى فى رقم 10 داوننج ستريت). كان هذا بعد أن قام بتوقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 التى اعترف فيها بإسرائيل وتنازل عن 78 % من أرض فلسطين التاريخية للعدو الصهيونى كما قام بالتخلى رسميًا عن الحق فى المقاومة المسلحة والاكتفاء بالتفاوض طريقًا وحيدًا لتحرير الضفة الغربية وغزة التى لم تتحرر بعد. *** نفس الحكاية تكررت قبلها ببضع سنوات مع الرئيس السادات حين قام بزيارة القدس عام 1977، واعترف بإسرائيل وباع فلسطين وسحب مصر من الصراع ضد الكيان الصهيونى، حيث جعلوا منه فى بضعة دقائق بطل الأبطال والشخصية الأهم على رأس قائمة ضيوف وأحباب وأصدقاء البيت الأبيض. وفى المقابل ضاعت مصر. *** شىء مثل هذا قد يكون دائرًا اليوم، حيث استقبل البيت الأبيض الأسبوع الماضى لأول مرة فى تاريخه وفدًا من الإخوان المسلمين ضم عبد الموجود درديرى، عضو مجلس الشعب، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالحزب، ورجل الأعمال حسين القزاز، مستشار الجماعة، وخالد القزاز، منسق العلاقات الخارجية للحزب، وسندس عاصم، محررة النسخة الإنجليزية من موقع الجماعة على شبكة الإنترنت، حيث اجتمعوا مع مسئولين فى مجلس الأمن القومى الأمريكى كما التقوا مع كل من وليام بيرنز، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية، وجيفرى فلتمان، مساعد الوزيرة لشؤون الشرق الأوسط. ولقد صرح عضو الوفد عبد الموجود الدرديرى، فى تصريحات لصحيفة «واشنطن تايمز»، بأن الحزب (لن يطرح أى نوع من أنواع الالتزامات الدولية للاستفتاء، فالحزب يحترم هذه الالتزامات بما فيها كامب ديفيد). ولقد أتى هذا التصريح الأخير ليتوج سلسلة من المواقف على امتداد العام المنصرف بدءًا بإعلان الولاياتالمتحدة باستعدادها للحوار مع الإخوان فى شهر يوليو الماضى ومرورًا بسلسلة اللقاءات التى تمت بين قادة حزب الحرية والعدالة مع شخصيات أمريكية بارزة مثل جون كيرى وجون ماكين وجيمى كارتر وآخرين والذين أعلنوا جميعهم التزام جماعة الإخوان وحزبها السياسى بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. ثم ما جرى الأسبوع الماضى من زيارة وفد من الكونجرس الأمريكى للمهندس خيرت الشاطر بعد إعلان ترشحه للرئاسة والذى أكد لهم التزامه بالمعاهدة. ثم ما ذكرته إذاعة الجيش الإسرائيلى "جالى تساهال" أن خيرت أرسل رسالة تهدئة إلى إسرائيل من خلال وفد أعضاء الكونجرس الأمريكى الذى التقاه. ولقد أوضحت الإذاعة الإسرائيلية، أن وفد الكونجرس سمع من الشاطر قوله إنه ملتزم باتفاقية السلام مع إسرائيل، من منطلق الحفاظ على أمن واستقرار مصر، مشيرة إلى أن عضو الكونجرس ديفيد بيرس نقل الرسالة إلى قيادات إسرائيلية رفيعة المستوى. *** وقبل أن يبادر أحد بالرد بأنه لا مانع فى هذه المرحلة الانتقالية من إرسال رسائل تطمينات إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بصفتها الدولة العظمى الأولى فى العالم..، نُذَكِّر بأن هذا الطريق محفوف بالمخاطر وبالتنازلات وبالسقوط الذى لم ينجُ منه أحد ممن سلكوه. وإنه يعيد إنتاج نظام مبارك، حيث إن الالتزام بهذه المعاهدة لا يعنى الالتزام بالسلام فقط، بل يعنى أيضا التوقيع على (عقد بيع فلسطين) حيث تنص المعاهدة فى موادها الثانية والثالثة على أن هذه الأرض هى إسرائيل وليست فلسطين. ناهيك على أن المادة الرابعة منها قد جردت سيناء من السيادة الوطنية حين جردت ثلثيها من السلاح والقوات. فراجعوا أنفسكم يا سادة. ***** [email protected]