الهيئة: ليس الناس في حاجة إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجة إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم "تتمنَّى هيئةُ كبار العلماء على مَن "يتساهلون" في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، وأن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم". ما سبق كان جزءًا من البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء تحت عنوان "بيان للناس من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بشأن قضية الطلاق الشفوي"، والذي جاء على خلاف ما أراد الرئيس عبدالفتاح السيسي من عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي إلا بعد توثيقه، في ظل انتشار حالات الطلاق بين المصريين بمعدلات متزايدة خلال الفترة الأخيرة. وقال مصدر مقرب من مشيخة الأزهر - فضل عدم نشر اسمه - إن "هذه الفقرة التي وردت في بيان هيئة كبار العلماء بمثابة رسالة موجهة إلى السلطة الحالية من أجل العمل على تخفيف الأعباء التي يعاني منها المواطن، وتيسير سبل العيش الكريم". وأضاف ل "المصريون": "الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها الجميع خلال الفترة الراهنة، أثرت بالسلب على كافة الأسعار والخدمات الحكومية، ما جعل هيئة كبار العلماء تتناول الأمر في سياق ردها بشأن الطلاق الشفوي". وتابع: "اللوم الذي دائمًا ما توجهه الرئاسة للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أثار حالة من الاحتقان داخل مؤسسة الأزهر تجاه الرئاسة، خاصة أن الأخيرة تريد دائمًا أن تظهر للناس أن سبب ما نعانيه هو الخطاب الديني الذي لطالما طالبت بتجديده". وقال الدكتور أحمد خليفة شرقاوي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن "بيان هيئة كبار العلماء بشأن وقوع الطلاق الشفوي جاء متماشيًا مع صحيح الدين وحرصًا على العلاقات، والقول بعدم وقوعه يتنافى مع صون المرأة ولا يتنافى في الوقت ذاته مع حفظ حقوقها، لأن الصون الحقيقي للمرأة بأن تكون مصانة ومحصنة وألا تكون محل للعبث والهزل". وأضاف شرقاوي ل "المصريون"، أن "هناك من يخلط بين وقوع الطلاق الشفوي وأداة الإثبات، فالإشهاد والتوثيق شرط ولا يتوقف عليه حصول الطلاق". وعلق أستاذ الفقه المقارن على طلب هيئة كبار العلماء من السلطة ضرورة توفير سبل العيش الكريم للمواطن بأنها "أرادت أن تقول للذين يثيرون الفتن بين الناس ويعتمدون على الآراء الضعيفة أن يركزوا فيما ينفع الناس والاهتمام بالقضايا التي يعاني منها المواطن والتي جعلت معيشته أكثر صعوبة في الفترة الراهنة". وأوضح أن "هناك بعض الأفراد داخل المجتمعات مهمتهم أن يشككون الناس في أمور دينهم ويصرفوهم عن النظر إلى الوصول لسبل العيش الكريم بصرفهم إلى الآراء الشاذة". "وقوع الطلاق الشفوي لم يكن يحتاج من هيئة كبار العلماء إلى بيان، ولكنه رسالة للسلطة البيان لأن تركز في سبب زيادة نسبة الطلاق"، هكذا رأى الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، موضحًا أن البيان سيكون سببًا في زيادة المواجهة بين الأزهر والسلطة. وأضاف الأشعل ل "المصريون"، أن "هيئة كبار العلماء تَبيّن لها أن النظام القائم يريد أن يلعب في أسس الدين، كما يريد أن يظهر أن مؤسسة الأزهر لا تقوم بواجبها، فجاء البيان ليؤكد أن زيادة نسبة الطلاق سببه الرئيسي هو ما تفعله السلطة الحالية من عدم توفير عيشة كريمة للمصريين". وأشار إلى أن "الفترة القادمة ستشهد صراعًا بين المؤسسة الرئاسية والمؤسسة الأزهرية ولا سيما بعد العديد من القرارات التي اتخذتها الهيئة على غير رغبة السلطة القائمة". وتابع: "كما أن البيان جاء ليقول للسلطة الحالية أن تنظر في وظيفتها الحقيقية في تحسين أوضاع الناس حتى يقل الطلاق".