شيخ بالطريقة الإبراهيمية: غلاء الأسعار تسبب في قلة النفحات الطريقة الرفاعية استبدلت اللحوم بالشاي والبسكويت.. وصوفية أبوخليل تكتفي بالعصائر نفحات السيدة زينب.. اقتصرت على الفول والبسلة «القرديحي» شيخ الطريقة الشبراوية: الطرق الصوفية ستعلن إفلاسها قريبًا «وجوه شاحبة يقتلها الفقر والجوع وأسر مشردة ضحية الفقر» يملأون الأضرحة والمقامات المقدسة فى مصر، يعتمدون على نفحات وكرامات الطرق الصوفية، بسبب ظروف الحياة القاسية والمتردية التى ازدادت سوءًا فى الأيام الحالية. ومع شبح غلاء الأسعار الذى اجتاح البيوت المصرية، قلت تلك النفحات المقدسة التى يعتمد عليها هؤلاء القوم من الطرق الصوفية، التى أصبحت مهددة بالقضاء عليها، بسبب غلاء الأسعار، الذى قد يمنعها من إقامة موالدها وتقديم نفحاتها، وذلك بحسب قول مشايخ تلك الطرق. «التبرعات والنفحات اللى كانت بتجيلنا ونأكل بيها الفقراء قلت بسبب غلاء الأسعار».. كلمات بسيطة عبر مواطنو النفحات عن حالهم بها، معلنين تخوفهم من شبح الإفلاس الذى قد يقضى على طقوسهم وتقديم نفحاتهم للفقراء والمريدين "المنتمين للفكر الصوفي". ومن أبرز الطرق الصوفية التى تواجه أزمات مالية متردية بسبب غلاء الأسعار هي: "الإبراهيمية والشاذلية والدسوقية والرفاعية وأبو خليل والشبراوية". واستطاعت "المصريون"، أن تدخل عالم المتصوفين والمحبين لأولياء الله الصالحين وتقترب منهم، وتقابل عددًا من مشايخ الطرق الصوفية التى ذكرناها من قبل لتتحاور معهم فى جولة فى مسجد الحسين والسيدة عائشة والسيدة نفيسة والسيدة زينب وبعض المساجد الأخرى التى يوجد بها أصحاب هذا الفكر. وتبين خلال الجولة، أن غلاء الأسعار تسبب فى قلة النفحات التى يقوم أصحاب الطرق الصوفية المختلفة بتوزيعها على الفقراء لوجه الله، وبالفعل كان لهذا الأمر تأثير على الطرق الصوفية، وذلك على النحو التالي..
شيخ فى الطريقة الإبراهيمية: "غلاء الأسعار سبب فى قلة النفحات" وهنا يقول "ح.ع" أحد مشايخ الطريقة الإبراهيمية الصوفية وأحد العاملين فى المجلس الأعلى للطرق الصوفية، وأحد المتطوعين للعمل فى مسجد الحسين بحى مصر القديمة، إن غلاء الأسعار لم يكن تأثيره على المنازل والأسر المصرية، بل له تأثير سلبى على العطايات الدينية، مثل نفحات الطرق الصوفية. ويروى وهو متأثر: "كنا من قبل نحتفل بالموالد ونطعم المساكين والفقراء لحومًا وخيرات كثيرة من نفحات وتبرعات المحبين لنا، لكن الآن الوضع المالى تأزم خاصة مع غلاء الأسعار، فتلك التبرعات قلت لأن الشخص الذى يمتلك 100 جنيه سيحتفظ بها لنفسه بدلًا من التبرع بها". وتابع: "يعنى مثلا الدبيحة اللى كان المحبين بيتبرعوا بيها بطلوا يجيبوها، لأن الماشية كانت من قبل ب4000 و6000 جنيه، أما الآن أصبحت الدبيحة ب8000 وأكثر، فتم تبديل اللحوم بإعطاء أشياء أخرى بسيطة لإطعام المساكين والمحتاجين، وكل ذلك لوجه الله".
الطريقة الرفاعية بالسيدة عائشة: "بقينا نوزع بسكويت وشاي" وهنا يروى الحاج حسين، أحد العاملين بمسجد السيدة عائشة بحى مصر القديمة وأحد المنتمين للطريقة "الرفاعية"، عن العطاء والرخاء الذى كان يقدم من مشايخ الطريقة الرفاعية قبل غلاء الأسعار. ويقول: "ذكر الله وإطعام المساكين من أهم أهداف الطريقة الرفاعية التابعة للفكر الوصفي، فكنا دائمًا ننظم الموالد والحاضرة الدينية لإطعام المساكين الذين يأتون مخصوصًا لأخذ هذا الطعام". وتابع: تلك النفحات "الطعام الذى يقدم للفقراء" لم تتوقف ومازالت مستمرة لكنها تغيرت مع تغير الأسعار وارتفاعها، فأصبحنا نوزع الشاى والبسكويت على المريدين بدلاً من اللحوم". وواصل: "فى العادة نقوم بجمع الأموال والتبرعات من بعضنا البعض وكانت تصلنا تبرعات من المحبين لنا ولأولياء الله الصالحين، لكن مع الظروف الاقتصادية المتردية تلك التبرعات قلت وكادت أن تختفي". ويستكمل حديثه راويًا: "أما الآن أصبحت التبرعات تأتينا فى صورة عطور للمسجد ومسك وعصائر". وأنهى حديثه ب"مدد يا رسول الله مدد، العطاء يأتى من الله ونحن عباد الله". و"الطريقة الرفاعية" نسبة إلى أبى العباس أحمد بن على الرفاعي، ومنتشرة فى مصر والعراق ودول شرق آسيا. صوفية "أبو خليل".. تكتفى بالعصائر وخلال جولتنا فى مسجد "السيدة نفيسة" بمصر القديمة، وجدنا حاضرة "حلقة ذكر" للطائفة الصوفية ل"أبو خليل". وكانت هى الأخرى تعانى بسبب غلاء الأسعار، حيث حرصت طوال الوقت على مساعدة الفقراء والمساكين. ونتيجة للغلاء الفاحش للأسعار اكتفت طائفة "أبو خليل" بتوزيع العصائر على المحبين والمريدين، وكذلك توزيع الموارد "مياه الورد"، لكنها أحيانًا تقوم بتوزيع الطعام البسيط للمساكين. وتنسب هذه الطائفة للشيخ "محمد أبو خليل" الذى يرجع نسبه لسيدنا "الحسين" ظهر فى أوائل القرن التاسع عشر، والمذهب الخاص به منتشر فى مصر والسعودية والكويت. نفحات "السيدة زينب".. اقتصرت على الفول والبسلة "القرديحي" وفى ضريح ومسجد "السيدة زينب"، كان الأمر مختلفًا نوعًا ما بطبيعة المكان والأشخاص المتواجدين فى المنطقة. فهناك يجلس مئات المواطنين الجوعى منهم عدد كبير من الموظفين وأصحاب المهن المختلفة الذى ضاق بهم الحال وكانوا ضحية للظروف الاقتصادية الطاحنة، ويجلس أيضًا قطاع الطرق وبعض الدجالين الزاعمين بأنهم "شيوخ" وبعض المتسولين وبعض الشباب "النشالين" بحسب المظهر الخارجى لهم، وبعض أطفال الشوارع. وفى النهاية جميعهم يعتمد على نفحات وكرامات الصوفيين الذى يتبعون "الطريقة الرفاعية"، فهناك يأتى المنتمون لأصحاب هذا الفكر ليوزعوا وجبتين أساسيتين يوميًا وهى الإفطار والغداء، وعادة يتم توزيع الغداء عقب صلاة العصر مباشرة، فجميع المحتاجين يذهبون لمسجد "السيدة زينب" لقضاء صلاة العصر ولتناول وجبة الغداء، التى قد تكون أحيانًا "لحوم أو فول وطعمية ورغيف عيش". وهنا يقول أحد المنتمين للطريقة "الرفاعية" والذى رفض ذكر اسمه: الكرامات والنفحات الروحانية لم تتوقف، لكنها وبسبب ارتفاع الأسعار تغيرت تغيرًا جذريًا، فبعد أن كان اللحم شيئًا أساسيًا يوزع على المحتاجين أصبح الفول والطعمية والخضار القرديحى "الطعام من غير لحم" الشيء الأساسى الذى يوزع على الغلابة. ويستكمل: "هنعمل إيه التبرعات اللى بنجمعها من بعض قلت لأن مفيش مصدر دخل قوى لينا والدنيا بقت غالية جدا، وبرضو تبرعات الخارج مبقتش زى الأول لأن الناس مبقاش معاها فلوس". الطريقة الشبراوية: "الطرق الصوفية ستعلن إفلاسها قريبًا" وهنا يقول محمد عبد الخالق، شيخ الطريقة الشبراوية، إن غلاء الأسعار السبب الرئيسى فى عدم دفع المنتمين للصوفية للنفحات والاشتراكات الشهرية. وأكد "عبد الخالق"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن هذا الأمر تسبب فى إلغاء كثير من الموالد الصوفية، مشيرًا إلى أن الأزمات المالية التى يتعرض لها بعض الطرق الصوفية ستجعلهم يعلنون إفلاسهم قريبًا، خاصة أن هناك طرقًا فقيرة جدًا لا يوجد لها مصدر دخل وتعتمد على النفحات والاشتراكات الشهرية. وطالب شيخ الطريقة الشبراوية، وزارة الأوقاف بزيادة النسبة السنوية التى تحصل عليها الصوفية من صناديق النذور، حتى تستطيع إقامة الموالد، وهذا هو الحل الوحيد. والطريقة الشبراوية هى أحد فروع الطريقة الخلوتية، لها فلسفتها الواضحة، التى يدركها جميع مريدى الطريقة، وهى تحرى الصدق فى القول والعمل وفى الغيبيات "معاملات القلوب" وتحرى مواضع الكذب فى القول والعمل وفى الغيبيات "والبعد عنها والفرار منها". ومن أوراد الطريقة ورد الاستغفار، للسيد مصطفى البكرى، و"المنظومة البكرية" وهى ذكر وتوسل بأسماء الله الحسنى، وكذلك "ورد الستار" للسيد يحيى الباكوبى، و"حزب البر" و"حزب البحر" و"حزب النصر" للسيد أبى الحسن الشاذلى، إضافة إلى "المسبعات" للسيد الخضر، و"ورد السحر" للسيد مصطفى البكرى و"حزب الإمام النووى" و"ختم الصلوات" والبردة للإمام البوصيرى، بالإضافة للأوراد التى بعد الصلوات الخمس.
أحد مشايخ الطريقة الشاذلية: "مش عارفين نعمل إيه" أما الحاج محمد، أحد المنتمين للطريقة "الشاذلية" الذى قابلتهم "المصريون" أثناء جولتها، فيقول: "أنا تركت منزلى وأبنائى فى محافظة الشرقية لأقترب من الله أكثر عز وجل وعندما أتيت للقاهرة من 10 سنوات تعرفت على أحد مشايخ الطريقة الشاذلية التى أحببتها وظللت معهم".
ويستكمل حديثه: "لنكون مقربين من الله أكثر وأكثر نقوم بإطعام المساكين من خلال كراماتنا ونفحاتنا التى نجمعها من بعضنا البعض والتى تأتينا من تبرعات الأغنياء، لكن بسبب الدولار وارتفاع الأسعار تلك الكرامات قلت للغاية وأصبحنا نقف عاجزين أمام الفقراء". والطريقة الشاذلية تأتي، نسبة إلى أبى الحسن الشاذلي، يشتهر أتباعها بالذكر المفرد الله والضمير العائد على الله، ويفضلون اكتساب العلوم عن طريق الذوق وهو تلقى الأرواح للأسرار الطاهرة فى الكرامات وخوارق العادات، كذلك معرفة الله معرفة يقينية. ويمتدحون السماع وهو سماع الأناشيد والأشعار المحرضة على جهاد النفس والعدو، وتنتشر الطريقة الشاذلية فى مصر خاصة أسوان، والمغرب وتونس والجزائر واليمن وسوريا والأردن.