هناك دلائل وأسرار وحجج قوية تكشف حقيقة الإخوان لترشحهم ل"خيرت الشاطر" للرئاسة، ففى اجتماع شورى الجماعة الثالث، يوم السبت 31/3/2012، كان هناك شبه اتفاق بأنه سوف يتم دعم أحد مرشحى التيار الإسلامى ربما يكون الشيخ "حازم صلاح"، وأن الجماعة بالفعل كانت متخذة قرارًا بأنها لن ترشح أحدًا منها لسدة الرئاسة، ولكن جاءت عوامل سياسية أخرى أسفرت عن ضرورة اتخاذ الإخوان قرارًا بترشح أحد منهم للرئاسة، ليس حبًا فى المنصب والكرسى، ولكن لتفويت الفرصة على مرشحى النظام السابق والعسكر. وهنا سوف أوضح هذه الحقائق والأسباب (الأسرار)، التى أرغمت الجماعة على اختيار "الشاطر":- السببب الأول: الانتخابات الرئاسية رأت الإخوان فى اجتماعها الشورى، بأن هناك أنباء مؤكدة وسيعلن عنها فى الأسبوع الأول من مايو 2012، أو الأخير من إبريل التى ستفرز نتائج الطعون فى مرشحى الرئاسة، سيعلن أن والدة الشيخ "حازم"، لديها الجنسية الأمريكية وهذه لعبة كان يمارسها النظام السابق مع السلطات الأمريكية للتخلص من خصومه، وفى الواقع أن والدة "حازم" لا تحمل الجنسية الأمريكية، ولكن لتفويت الفرصة عليه، وعندما يثبت "حازم" ذلك فى المحاكم الفيدرالية الأمريكية بأن هذا الشئ غير صحيح، ستكون الانتخابات الرئاسية قد انتهت، كما أن هناك تنسيقًا يتم فى تلك الآونة بين حملتى "أحمد شفيق" و"عمر سليمان"، وكل رجال النظام السابق والعسكر فى الاتفاق على "عمر سليمان" كمرشح لهم وبالاتفاق مع اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بضرورة فوز "عمر سليمان"، ولكن ذلك لن يتم إلا إذا خرج الإخوان من سباق الرئاسة، وطلبت منهم إحدى الأجهزة الأمنية السيادية بعدم دعم أى مرشح من التيارات الإسلامية للرئاسة وترك أمر الرئاسة، وذلك فى مقابل تشكيلهم حكومة ائتلافية، مع أن يتم تأجيل وضع الدستور بعد الانتخابات الرئاسية، - على الرغم من أن الإخوان طالبوا بسحب الثقة من الجنزورى، ولكن جاءت هنا مساومة - أما إذا أصر الإخوان على وضع الدستور فإن القوة العلمانية، ومعها أنصار النظام السابق، سيرفضون المشاركة فى الجمعية التأسيسية للدستور، وبالتالى سيتم تأجيل الدستور. ولكن الإخوان رأوا أن النظام السابق يحاول أن يعيد نفسه بقوة، ومعه بعض التيارات العلمانية للانقضاض على الثورة وتفريغها من مضمونها ووضع مصر فى منزلق خطير بوضع الإخوان بين شقى رحى، بين رجال النظام السابق والعسكر، وبين العلمانيين، وكل منهم يريد تشويه الإسلاميين والقضاء عليهم، كما فطن الإخوان إلى الوسائل السياسية المناورة التى تدبرها الولاياتالمتحدة وإسرائيل بالاتفاق مع العسكر ورجال النظام السابق فى اتباع هذه الحيل السياسية، فى إعادة إنتاج النظام السابق بتدرج وبهيمنة شرعية، وأيضًا على المستوى الإقليمى العربى، فدول الخليج لا ترغب فى إنجاح الثورة المصرية. فلذا كان على الإخوان الدفع ب "خيرت الشاطر" لتغيير المعادلة السياسية مرة أخرى، والعمل على ضرورة إنجاح الثورة، واستكمال مكتسباتها، والتضحية من أجلها بالغالى والنفيس، وإرباك خطط القوى الداخلية المضادة للثورة والقوى الدولية والإقليمية. السبب الثانى: حل البرلمان فى مقابل تشكيل حكومة ائتلافية فى البداية، كانت الجماعة لا ترغب فى حدوث صدام مع أى قوة سياسية أخرى أو حتى مع المجلس العسكرى، فكانت ومازالت تريد التوافق، ولكن عند أحداث شارع محمد محمود، جاء اختيار المجلس العسكرى على "الجنزورى" لتولى الوزارة، وكان الجميع من القوى السياسية آنئذاك رافض هذه الوزارة، وكان الإخوان على اتصال بالمجلس العسكرى من أجل وقف نزيف الدم فى شارع محمد محمود، وجاء رد العسكر بضرورة موافقة القوى السياسية على "الجنزورى" وإعطائها الفرصة، وأن عدم الموافقة واستمرار الوضع فى الشارع هكذا، سيعطل الانتخابات وربما تأتى عواقب أسوأ من هذا، فرأت الجماعة ضرورة الموافقة، لأنه لا توجد لديها شرعية للتصدى للجنزورى، وارتأت بضرورة إعطائه فرصة، ولكن بعد 4 أشهر من توليه الوزارة والسعى نحو تخريب اقتصاد البلد، وممارسة سياسة الأرض المحروقة، واعتماده بشكل قوى على رجال النظام السابق، وأنه لم ينقذ البلاد، بل أغرقها فى مستنقع الانفلات الأمنى والانهيار الاقتصادى، مما أوجب على البرلمان سحب الثقة من الحكومة بعد بيانه الأخير الذى جاء بخطة لإنقاذ البلاد فى عام 2018، وليس خطة لمساعدة البلاد فى أربعة أشهر، وبالتالى للبرلمان شرعية، ألا وهى سلطة رقابية على الحكومة، وبسحب الثقة منها، وعند السعى لذلك، رفض العسكر طلب البرلمان، وعند الضغط، لوح العسكر بإمكانية حل البرلمان عبر المحكمة الدستورية. السبب الثالث: شيطنة الثورة والتشكيك فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور: تسعى القوى السياسية العلمانية أن تجهض دور التيارات الإسلامية فى المشاركة فى وضع الدستور، مع أن الإعلان الدستورى فى المادة (60)، ينص على أن مجلسى التشريع يقوم بانتخاب 100 عضو للجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وبالتالى فإن كل ما يثار من القوى العلمانية هو بالاتفاق مع رجال النظام السابق لتأجيل الدستور حتى لا تسيطر عليه الإخوان، بحجة أن البرلمان سوف يحد من سلطة الرئيس، ويبغى العسكر هذا الطريق فى تعطيل الجمعية لتأسيس الدستور بعد الانتخابات الرئاسية حتى يكون دستورًا رئاسيًا، وليس دستورًا مختلطًا أو برلمانيًا، وهذا عكس ما تسعى إليه الجماعة التى تريد أن من حق الشعب محاسبة الرئيس أو الوزير، وبالتالى فإن هناك توافقًا بين الفلول والقوى العلمانية على تأجيل الدستور بعد الانتخابات الرئاسية وذلك للحفاظ على مصالحهم الخاصة وليس لمصلحة مصر. [email protected]