من وقت ليس ببعيد كنتُ تائهة ضائعة خائفة ومترددة، كنتُ أراقبُ الناس حولِى فأراهم يعملون ويجِدّون فى العمل، أرى الطبيب يصِفُ الدواء، والعامل يبنى البناء، وأرى البائعُ يعرضُ بضاعته، والفنان يفخرُ بمهارته.. الأبّ يُنفق ويحمِى، والأم تَحنُو وتربّى! أراهم كلوحة بازل كبيرة لكل منهم مكان فيها، مكانٌ مهم بحيث لا تكتمل اللوحة إلّا بهم، ولا يكون لها معنى بدُونهم. ووسط هذا لطالما تساءلتُ وتساءلتُ: أين موقعى فى اللوحة؟! ما هو الدور الذى خُلقت لأجل أن أؤديه فى مسرح الحياة؟! ما هو الشىء الذى يجب أن أكونه مستقبلًا؟! وكنتُ أغوصُ فى نفسِى، وفِى الأحداث من حولِى ولا أجد الجواب! لا جواب، لا مصير، لا أعرفُ من أنا؟ أو ما أريد؟! كثيرًا ما كنتُ أغضب، أيأس، أستسلم.. وأحيانًا كنت أصل لكره نفسِى، بل كره الحياة بأسرها! إنه لمن الصعب أن تعيش فى الحياة تائهًا بلا حُلم! كانت هناكَ ليالٍ بكيتُ فيها، تألمت ودعوتُ ربّى أن ينوّر لى طريقى، دعوتُ خالقِى أن يمُدَنِى بالقوة، أن يمنحنِى مُعجزة صغيرَة تجعلنِى أبدأ حياة جديدة جميلة. وفِى يومٍ ما، لا أدرِى لمّ أو كيف قرّرتُ أن أتغيّر، أنا فَقَط وثقتُ بالله ووضعتُ شعارِى: (حينما يكُون أملِى بالله أشعرُ بالراحّة لأنّى أثقُ بأنّ ربّى لن يُضيعنِى!)، وهكذا بدأت أعيش التحدّى بداخلِى، تحلّيتُ بالقوة وخضتُ المغامرة.. وقلتُ: إما أن أتغيّر أو أظلُ كما أنا، وفى كل الأحوال علىّ أن أحاول، والمحاولة لن تضرنِى. لا أخفيكُم، كنت أتراجع أحيانًا وأشعرُ بالخوف، لكننى لم أسمح لنفسى بالتخلّف للوراء، قوةٌ ما كانت تدفعنِى، ثقتِى بربى/ يقينِى به/ وأملى الكبير دفعونى للأمام خطوة خطوة، حتى وجدتُ نفسِى إنسانة أخرى! فى تلك الفترة القصِيرة تغيّرت للأفضلِ كثيرًا، بطريقةٍ ما: لم أعُد تائهة أو خائفة.. فبعد أن أنار الرحمن طريقى.. امتلكت حلمِى العالِى.. أصبح لدى حُلم! .. لأنّ لدى حُلم.. أحبّ وجُودى فى الحياة! لأن لدى حُلم.. لن أستسلِم، ولن أفقد الأمَل! لأنّ لدى حُلم.. سَ أبذِلُ كُلّ جُهدِى! لأنّ لدى حُلم.. سَ أصحُو كُلّ صباحٍ بابتِسامة! لأن لدى حُلم.. أنا – بِحَق - سَعِيدة= ! .. فحمدًا لله ربّى حمدًا كثيرًا، اللهمّ أسكننا جميعًا جنّتك الواسعَة وسدّد خطواتنا.