شكك الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري المعارض أحمد كامل, في نجاح مفاوضات أستانا بكازاخستان في الخروج بحل سياسي, ينهي الأزمة في بلاده, وتساءل "كيف تنجح محادثات لم يكن لها أجندة محددة منذ البداية؟". وأضاف كامل في تصريحات ل"الجزيرة", أن الروس يريدون أن يقولوا للعالم إنهم يحاولون التوصل إلى حل سياسي، لكنهم لا يقومون بذلك، معتبرا أن أقصى طموح لمفاوضات أستانا هو تثبيت وقف إطلاق النار، وهو أمر أيضا غير مؤكد حدوثه. وبشأن التزام النظام السوري بتثبيت وقف إطلاق النار في حال تم التوصل إلى ذلك، قال كامل إن النظام لا يملك من أمره شيئا، ويتلقى أوامره من إيرانوروسيا، وحجم عملياته على الأراضي السورية لا يتعدى 20%. واختتم مساء الاثنين الموافق 23 يناير, اليوم الأول من مفاوضات أستانا بتفاؤل حذر بتحقيق تقدم خلال اليوم الثاني والأخير من الاجتماعات الثلاثاء، وذلك بعد أن كانت المشاورات التي جرت اليوم عقب الجلسة الافتتاحية قد عبرت عن توتر وتباعد بين الأطراف. وحسب "الجزيرة", عبر وفد المعارضة السورية عن حالة من الرضا بعد اجتماعت مطولة عقدها مع المبعوث الدولي ستفان دي ميستورا والمفاوضون الروس والأتراك، في حين أن ممثل النظام السوري بشار الجعفري ترك مقر الاجتماعات, دون معرفة وجهته. ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر قريب من مفاوضات أستانا, قوله :"إن اليوم الأول من المفاوضات وفر ما يدعو للتفاؤل الحذر بإمكانية تحقيق تقدم". وأضاف المصدر أن من المتوقع أن تواصل الدول الراعية- روسياوتركياوإيران- المحادثات والعمل على إعداد وثيقة مشتركة محتملة الثلاثاء. وكان التوتر ساد الاجتماعات التي أعقبت الجلسة الافتتاحية، وعبرت تصريحات الوفود عن تباعد المواقف بين النظام والمعارضة. وأكدت الفصائل السورية المسلحة أنها ستستأنف القتال إذا فشلت المفاوضات، وطالبت بوقف شامل لإطلاق النار في سوريا ورحيل نظام بشار الأسد ضمن أي تسوية سياسية، في حين تدعو مسودة البيان ختامي إلى إنشاء آلية روسية تركية إيرانية لمراقبة الهدنة الهشة السارية منذ نحو شهر. وقال أسامة أبو زيد المتحدث باسم وفد الفصائل السورية في أستانا لوكالة الصحافة الفرنسية :"إذا نجحت الطاولة نحن مع الطاولة، لكن إذا لم تنجح، للأسف لا يكون لنا خيار غير استمرار القتال". وفي تصريحات منفصلة ل"الجزيرة", قال أبو زيد إنه جرى الاتفاق مع الجهات الضامنة بأن تكون هذه المرحلة لبحث تثبيت وقف إطلاق النار. ووصف أبو زيد إيران بأنها دولة عدو ساهمت في التغيير الديموغرافي بسوريا، وارتكبت جرائم ضد الشعب السوري، مؤكدا أنه لا ينبغي القبول بدورها كبلد ضامن لأي اتفاق. وكان وفد المعارضة رفض ذكر إيران في البيان الختامي بوصفها ضامنا لاتفاق الهدنة. وفي كلمة ألقاها في افتتاح المفاوضات بالعاصمة الكازاخية, طالب رئيس وفد الفصائل السورية محمد علوش بوقف فوري وشامل للعمليات العسكرية في كامل الأراضي السورية، وأضاف في كلمة ألقاها خلال الجلسة المغلقة وبثها ناشطون على الإنترنت بعد قطع البث التليفزيوني أنه لا بد من حل يؤدي إلى انتقال سياسي يبدأ برحيل الأسد ونظامه. وطالب علوش في كلمته أيضا بضم الميليشيات المسلحة التابعة لإيران مثل حزب الله اللبناني والمليشيات العراقية وغيرها إلى قائمة الكيانات الإرهابية في سوريا جنبا إلى جنب مع تنظيم الدولة , وقال إن وجود تلك الميليشيات المقاتلة مع النظام يعرقل أي فرصة لوقف إطلاق النار في سوريا. في المقابل اتهم رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري وفد المعارضة السورية بالسعي لإفشال مفاوضات أستانا, كما اتهمه بالخروج عن اللياقة الدبلوماسية، ووصف الجعفري في مؤتمر صحفي عقب انتهاء الجلسة الأولى المغلقة للمفاوضات, وفد المعارضة بأنه "وفد الجماعات الإرهابية". وقال إن من سماهم مشغلي تلك الجماعات يهدفون إلى تقويض المفاوضات، وأضاف أن برنامج الاجتماع ليس جاهزا، وردا على سؤال عن تراجع النظام عن إعلانه سابقا عدم التفاوض مع تركيا، قال الجعفري إن النظام ليس طرفا في الترتيبات الجارية ولم يشارك في الإعداد لها. كما زعم أن تركيا ضامن لما سمّاها الجماعات الإرهابية في مقابل روسياوإيران كضامنين آخرين في المفاوضات. وقد حصلت "الجزيرةط على مسودة بيان الدول الراعية لمفاوضات أستانا، وأكدت روسياوإيرانوتركيا في هذه المسودة التزامها بسيادة واستقلال أراضي الجمهورية السورية "كجمهورية متعددة الإثنيات والأديان، وكدولة غير طائفية وديمقراطية وعلمانية". وعبر البيان عن اقتناع الدول الثلاث بعدم وجود حل عسكري، وعن الرغبة في إحلال تسوية استنادا إلى القرار الدولي 2254، واستنادا إلى أن السوريين يقررون المرحلة الانتقالية السياسية ,التي وحدها تقود إلى حل النزاع في سوريا. وشددت مسودة البيان على السعي لاتخاذ خطوات ملموسة للتأثير في الأطراف لتثبيت وقف إطلاق النار الموقع عليه في ديسمبر الماضي عبر إنشاء آلية ثلاثية للمراقبة والحد من الانتهاكات. كما أكدت بناء الثقة وتأمين المساعدات الإنسانية بالتعاون مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وعبرت كل من تركياوروسياوإيران عن رغبتها في محاربة تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام وفصلهما عن فصائل المعارضة الأخرى، وقالت الدول الثلاث إن مفاوضات أستانا هي أرضية جيدة لحوار مباشر بين الحكومة والمعارضة. كما أعلنت -في مسودة البيان- تأييدها رغبة فصائل المعارضة بالمشاركة في مفاوضات جنيف التي ستعقد في الثامن من فبراير كحوار داخلي بين الأطراف السورية. وكانت المفاوضات السورية بدأت الاثنين برعاية روسية تركية وحضور أميركي وإيراني، وقالت المعارضة السورية إنها ترفض صيغة المفاوضات المباشرة مع وفد النظام وإن الوفدين لن يتواجها إلا في الجلسة الافتتاحية. ورأس جلسة الافتتاح وزير خارجية كازاخستان قايرات عبد الرحمنوف، وقال إن الهدف من المفاوضات هو ضمان عودة الاستقرار إلى سوريا، وأضاف أن بلاده حريصة على إنهاء إراقة الدماء وإنجاح المفاوضات.